السعودية: انخفاض الصفقات العقارية منذ بداية العام إلى 27.3 مليار دولار

سجل القطاع العقاري السعودي خلال الأشهر الماضية من العام الحالي انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة 35 في المائة، لتبلغ 27.3 مليار دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي التي تجاوزت الـ42.1 مليار دولار. ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء، مع الاختلاف في نسبها.
وتعددت أسباب انخفاض إجمالي قيمة الصفقات، إلا أن رسوم الأراضي تظل الأكثر تأثيراً، بحسب تسلسل نسبة الانخفاض، مدعوماً بعزوف الراغبين في الشراء نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، ومدفوعاً في الوقت ذاته بانخفاض مستويات الطلب، خصوصاً على قطاع العقارات التجارية.
وقال راشد التميمي، المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة: «هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات، إلا أن ما يميز هذا الفترة الماضية أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في القيمة، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي».
وأضاف: «ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، والعقاريون يرغبون في انخفاض قيمة العقار ليتمكنوا من إعادة الحركة، والتكسب من نشاط السوق بشرط عدم تحقيق خسائر فيما يمتلكونه أو يعرضونه»، موضحاً أن الخروج برأس المال جيد إلى حد كبير، مفضلاً هذا السيناريو على بقاء الحال جامداً.
وزاد التميمي أن ما أظهرته المؤشرات العقارية عن انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية أمر ليس بجديد، لافتاً إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب، أو تقلصه إلى حد كبير، بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون عن تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق، وفتح جبهات استثمارية جديدة تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعه.
وأنهت السوق العقارية المحلية نشاطها خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام الحالي على انخفاض سنوي في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 37.8 في المائة، لتستقر عند مستوى 12.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 20 مليار دولار المتحققة للفترة الماضية نفسها من العام الماضي.
من جانبه أكد مشعل الغامدي الذي يدير مجموعة استشارات عقارية أن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق، خصوصاً أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية صعبة في ظل انخفاض الطلب، لافتاً إلى أن انخفاض الصفقات خلال النصف بهذا الحجم يوضح الحال الذي وصل إليه القطاع العقاري، مبدياً تفاؤله بمستقبل السوق.
وأوضح الغامدي أن فقد السوق لما يزيد عن ثلث صفقاته، مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر. وعلى الرغم من المساعي إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعوا إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصاً لدى قطاع الإسكان الذي يعيش أياماً عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء.
وأمام ذلك، أظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل، التي تبينها التغيرات ربع السنوية لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية، انخفاضاً سنوياً لجميع متوسطات الأسعار خلال الربع الثاني من العام الحالي (حتى 18 يونيو/ حزيران)، مقارنة بالربع الثاني لعام 2016، جاء على النحو الآتي: انخفاض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 28.9 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 236 ألف دولار للعمارة الواحدة)، وجاءت الفلل السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 12.8 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 246 ألف دولار للفيلا الواحدة)، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 11.7 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 93.8 ريال للمتر المربع)، وأخيراً ارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 3.2 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 147 ألف دولار للشقة الواحدة).
ومن جانبه، أبان خالد الباز، المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري، أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع، وهو ما يحصل الآن. ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير لقدرات المشترين، فإنه يعتبر أن هناك بصيص أمل نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة، في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.
وأضاف الباز أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون في الشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين، وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع، لافتاً إلى أن السوق بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لترغم الأسعار على الانخفاض، وأن التوافق على سعر معقول بين البائع والمشتري هو المخرج الوحيد للأزمة التي تشهد جموداً في المبيعات، رغم تزايد الطلب، وهو ما يوضح الحاجة إلى التوافق على الأسعار، بحسب قدرة المشتري.