أفلام المرأة

قلما نجد في هذه الأيام مهرجانا سينمائياً يذكر في مواده الإعلامية وجود مخرجات سينمائيات فيه. المهرجانات تخاف من الإعلام، والإعلام كان هاجم، في السنوات السابقة، عدداً منها، بينها مهرجان «كان»، بدعوى أن مسابقته خلت من وجود مخرجة أنثى. في دورته الأخيرة حفل بالمخرجات الإناث.
> لكن هل وجود أو خلو مهرجان ما من مخرجات هو الذي يحدد قيمته؟ ماذا لو أنه لم تكن هناك أفلام جيدة لمخرجات تناسب دخول مسابقة هذا المهرجان أو ذاك؟ هل نختار فيلماً رديئاً على أي حال حتى لا ينتقدنا الإعلام؟
> نقطة الانطلاق خطأ شنيع. فالفيلم هو من يتقدّم وليس من يخرجه، أو هكذا يجب أن يكون، وقد كان سابقاً كذلك. إذا ما كان المخرج رجلاً أو امرأة أو روبوتا فإن ذلك لا يعني قيمة الفيلم الناتج مطلقاً. ومن الغريب أن الإعلام، الغربي أساساً، يستطيع أن يتخذ من غياب فيلم من إخراج امرأة كذريعة لنقد مهرجان ما عوض النظر إلى الأفلام المعروضة فيه وتقييمه على أساسها.
> الأغرب هو أن الخلل ليس في المهرجانات بل في المصانع المنتجة. إذا ما كانت هناك نسبة كبيرة من المخرجين الرجال فإن ذلك عائد إلى أن المهنة والظروف ساقت هذا الوضع وعممته. مسؤولية الشركات الصانعة أن ترعى وجود نسبة دائمة من المخرجات تسند إليها الأعمال.
> لا نرى هذا الإعلام يحتج على غياب فيلم لمخرج أفرو-أميركي أو لمخرج عربي أو لمخرج أفريقي. والاشتراكات الآتية من جنوب شرقي آسيا تبدو موجودة مثل تحصيل الضرائب وكجزء من الموزاييك، لكن لا حديث للإعلام سوى أن هذه الدورة من هذا المهرجان أو ذاك تخلو من المخرجات إذ أن كل أصحاب الأفلام المعروضة هم من الرجال.
> هذا لا يجب أن يكون دلالة على عدم وجود عدالة، فعدد المخرجين الرجال في «بزنس» العمل السينمائي يفوق تقليدياً عدد النساء، لكن هذه الحقول المنتمية إلى هذا العمل لديها الكثير من الإسهامات النسائية المرموقة في التصوير والكتابة والإنتاج والإخراج والتوليف.
> ولدت المرأة في السينما تماماً مع ولادة الرجل. كلاهما أمّ العمل السينمائي باكراً مع مطلع القرن الماضي وكلاهما برع فيه. لكن النسبة الرجالية كانت الأعلى دائماً. رغم ذلك هناك مد كبير من الأسماء النسائية التي غزت العمل السينمائي بنجاح مذ فجرها مثل أليس غي وجين غونتيير وبيولا ماري ديكس ودوروثي أزنر وأنيتا ستيوارت والكثيرات اللواتي أخرجن وأنتجن وكتبن في الوقت ذاته.
> أما الإعلام والكثير من الكتّـاب فيخلطون بين المساواة وقضاياها وبين القيمة التي عليها أن تكون المرجعية الوحيدة في وصول أو عدم وصول فيلم إلى شاشة المهرجانات.