قطاع التأجير في السعودية ينقذ العقاريين من ركود رمضان

انعكس ضعف الطلب على شراء وبيع العقارات في السعودية بشكل إيجابي على قطاع تأجير المنازل بأنواعها وأحجامها، الذي واصل الانتعاش مقارنة بالفروع العقارية الأخرى، بحسب تأكيدات متعاملين عقاريين.
وساعد انخفاض الطلب على الشراء، الذي أثر عليه فرض رسوم على الأراضي البيضاء، في إنعاش حركة مكاتب العقار المعتمدة على التأجير، كما ألقت هذه الحركة بظلالها إيجابا على كثير من الأنشطة التجارية المرتبطة بها، مثل شركات نقل الأثاث.
وتتعدد أسباب تفضيل رمضان على غيره من الشهور من أجل التنقل من بيت إلى آخر، نظرا لانخفاض الارتباطات خلال هذا الشهر، وانتهاء الموسم الدراسي.
وأكد إبراهيم البنيان الذي يمتلك مكتبا عقاريا، وجود حركة نشطة للعقارات المعروضة للإيجار، حيث يعتمد كثير من المستثمرين العقاريين على تنقلات العائلات خلال شهر رمضان، في تحقيق إيراداتهم وتعويض انخفاض العمل الذي لحقهم في الفترة التي سبقت دخول الشهر الفضيل، لافتا إلى أن التنقل بين المنازل المستأجرة في هذا الشهر تتربع على الاستثمارات العقارية ككل، خصوصا أن البعض يخفي بعض المنازل المعروضة للتأجير من أجل تأجيرها في رمضان، للاستفادة من ارتفاع الحركة التأجيرية التي تتم في هذا التوقيت بشكل دوري.
وقال: «الإقبال لم يرفع أسعار الإيجار بل ظلت على ما هي عليه، كما أن البحث عن المساكن القريبة من المدارس يظل الأكثر طلباً».
وحول الخيارات الأكثر طلباً، أوضح البنيان أن الأدوار بأنواعها الأرضية والعلوية هي الأكثر طلبا على حساب الشقق، رغم ندرتها وارتفاع أسعارها خصوصا في الأحياء الشمالية من مدينة الرياض، التي تعيش موجة عالية من الإقبال على حساب المناطق الأخرى، حيث تبدأ قيمة الإيجار في المدن الكبرى من السعودية، ما بين 14 ألف ريال (نحو 3.7 ألف دولار) وتصل إلى 120 ألف ريال (32 ألف دولار) سنويا، تختلف باختلاف المنطقة والتشطيب وعمر المبنى وقربه من الخدمات والطرق الرئيسية. وزاد: «لم تتغير حالة السوق منذ فترة طويلة، حيث ظلت تعاني من ركود في مجالي البيع والشراء، إلا أن عمليات التنقل التي تتم في شهر رمضان من كل عام، حركت معروضاتهم وبدأوا يجنون الأرباح على شكل عمولة يتم الاتفاق عليها عند تأجيرهم أي منشأة».
وتشهد المكاتب العقارية في السعودية زيادة كبيرة في طلبات البحث عن المنازل، خصوصا القريبة من الخدمات العامة والمرافق الرئيسية، إلا أن هذا الأمر لم يسهم في رفع الأسعار كما هو المعتاد، نظرا لحاجة هذه المكاتب إلى الظفر بالعمولة دون الالتفات إلى سعر الإيجار، خصوصا أن معظم هذه المكاتب تدير المنشآت المعروضة للبيع ولا تمتلكها.
وأشار بندر التويم، الذي يمتلك شركة عقارية، إلى أسباب كثيرة لتفضيل العائلات السعودية التنقل في شهر رمضان، منها طول وقت النهار الذي يمكنهم من نقل الأثاث إلى المنزل الجديد، إلا أن أهم أمر يدفعهم إلى التنقل في هذا الشهر هو محدودية استقبال العائلات للضيوف في هذا الشهر، حيث يتمكنون من التنقل بحرية وترتيب المنزل، قبل أن يستضيفوا أي شخص في المنزل الجديد، إضافة إلى هدوء المناخ العام لمدينة الرياض خلال ساعات النهار، الأمر الذي يمكنهم من التنقل بسهولة، لافتا إلى أن حركة التنقل في رمضان أنقذت سماسرة العقار من هبوط أرباحهم نتيجة ركود عمليات البيع والشراء التي تعتبر المصدر الأول في تحقيق الأرباح.
وحول الأنواع الأكثر طلباً، بيّن التويم أن الشقق الجديدة التي تقع في الدور الأرضي هي الأكثر بحثا وسعرا إذا ما قورنت بمثيلاتها بالنسبة إلى فرع الشقق، وتقل نسبة الفائدة كلما ارتفعت الأدوار إلى الأعلى، كما أن المصعد الكهربائي يعتبر ميزة تحقق ربحا إضافيا وعملة جاذبة، كما أن الشقق متوسطة العمر تأتي في المرتبة الثانية من حيث زيادة الأسعار، تليها القديمة التي لا يحرص المستأجرون على اتخاذها عشا للزوجية وهم النسبة المؤثرة على هذا الإقبال الذي يشهده القطاع، إذا ما استثنينا من ذلك نسبة من ذوي الدخول المنخفضة.
ولفت إلى أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أثّر بشكل كبير على حركة العقار ككل، الأمر الذي دفع بتأجير المنازل إلى احتلال مقدمة النشاط العقاري محلياً.
ويعتبر الركود في حركة بيع العقارات في شهر رمضان تقليدا سنويا نظرا لانشغال الجميع بالعبادة وزيارة الأقارب، كما أن تقاطع الشهر مع عطلة نهاية العام أسهم بشكل كبير في إنعاش حركة تأجير العقار.
إلى ذلك، أكد عامر المشاري الذي يمتلك شركة «رحالون» المتخصصة في نقل الأثاث، أن شركات نقل الأثاث تكثّف جهودها في رمضان، باعتباره موسما لتحقيق الإيرادات خصوصا في ظل طول فترة النهار. وقال: «استنفرت شركات نقل الأثاث إمكاناتها لتحقيق أعلى إيرادات ممكنة خلال هذا الموسم الذي يعتبر منجم ذهب بالنسبة لهم».
وأضاف المشاري أن هذا الإقبال لم يؤثر بشكل كبير على الأسعار، إلا أن الضغط الذي يعيشونه وتعب الصيام ومشقة العمل لها حساب مختلف، مبينا أن بعض العمالة امتهنت نقل الأثاث خلال هذه الأيام بحثا عن المال، بعد أن رأوا المكاسب التي يحصلون عليها، لافتا إلى أن الحجز المسبق للعمالة أصبح أمرا معروفا خلال هذا الشهر، في ظل تنامي الطلب على نقل الأثاث، خصوصا العمالة الماهرة المتخصصة في الفك والتركيب.