مشاورات لرسم مناطق «خفض التوتر»... وموسكو تستعجل إرسال مراقبين

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عزم بلاده الدفع بفعالية ونشاط لإرسال مراقبين إلى مناطق «خفض التوتر» في سوريا في أسرع وقت ممكن، في وقت قال فيه نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إن اجتماعاً سيعقد لرسم خرائط هذه المناطق.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك أمس، عقب محادثاته في موسكو مع نظيره الصيني وانغ يي، إن مشاورات ستجري لاتخاذ قرار حول «من وأي دول تحديداً سيتم توجيه دعوة لها لإرسال عسكرييها، شرطتها العسكرية، للقيام بمهام المراقبة والمهام على المعابر من وإلى مناطق خفض التوتر»، موضحاً أن مشاورات كهذه ستجري بالدرجة الأولى مع النظام السوري.
ولفت لافروف إلى أن «موافقة الأطراف التي ستستقبل تلك القوات أمر رئيسي في أي مهام حفظ سلام كهذه»، ولم يوضح ما إذا كانت مشاورات بهذا الخصوص ستجري مع المعارضة أم لا، وأكد أن بلاده ستساهم بفعالية في «أن يتم تشكيل مجموعات المراقبين العسكريين والشرطة العسكرية في أقرب وقت ممكن»، وشدد على أهمية أن يتم تشكيل البنية القومية لتلك القوات، بحيث تكون أولاً مقبولة بالنسبة للنظام السوري، و«ثانياً أن تضمن فعالية عمل مناطق تخفيض التوتر».
ويفترض أن تقدم الدول الضامنة بحلول الرابع من شهر يونيو (حزيران) المقبل خرائط حدود «مناطق خفض التوتر»، وفق ما نصت عليه مذكرة آستانة. بيد أن نتائج العمل في هذا الاتجاه غير واضحة حتى الآن. وقال بوغدانوف إن الخبراء من الدول الضامنة سيقومون بوضع الخرائط، مضيفاً أن «العمل يجري» في هذا المجال، لكنه لم يقدم أي تفاصيل محددة، وذهب عوضاً عن ذلك إلى سرد حول «مذكرة مناطق خفض التوتر».
وقال إنها «تنص على أن الدول الضامنة ستشكل فرق عمل. والدول الضامنة تحديداً يجب أن تشكل فريق عمل لدراسة كل هذه المسائل (حول الجهة المسؤولة عن ضمان الأمن على الأرض)، وأن تتوصل إلى اتفاق من خلال العمل على الخرائط والنظر في تحديد مواقع لمناطق تخفيف التوتر وترسيم حدودها الخارجية»، وأشار إلى أن المذكرة نصت أيضاً على أن فريق العمل من الدول الضامنة «يقوم بتحديد الجهات المسؤولة عن تأمين عبور المواطنين»، وشدد على ضرورة «نشر حواجز وفرض رقابة على المناطق المذكورة لأن المواطنين يجب أن يتمتعوا بحرية التنقل، على عكس الإرهابيين»، وأشار إلى أن هذه المهام كلها يجب إنجازها اعتماداً على الخرائط، لافتاً إلى أنه من غير الواضح بعد من هي الجهة التي ستقوم بضمان الأمن في هذه المناطق.
وكانت روسيا قد أبدت استعدادها لإرسال قوات إضافية إلى سوريا في إطار مذكرة «مناطق خفض التوتر». وبعد توقيع الدول الضامنة المذكرة، قال فرانتس كلينتسيفيتش، نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن في المجلس الفيدرالي الروسي (مجلس الاتحاد)، إن روسيا سترسل المزيد من أفراد الشرطة العسكرية إلى سوريا في حال تم اتخاذ قرار بهذا الخصوص. وأجرى «لواء حفظ السلام» في القوات الروسية تدريبات في مارس (آذار) العام الماضي بمشاركة 1500 جندي، وأكثر من 350 آلية حربية، بينها عربات مدرعة ومروحيات وطائرات من دون طيار.
وقال ياروسلاف روشوبكين، الناطق الرسمي باسم الدائرة العسكرية الروسية الوسطى، إن التدريبات شملت «محاكاة مرافقة قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى مناطق تمت استعادة السيطرة عليها من أيدي المقاتلين، فضلاً عن التدريب على مهمة إقامة منطقة آمنة في محيط المناطق التي تجري فيها أعمال هندسية، والتصدي لهجمات المجموعات التخريبية».
وأكد المسؤول العسكري الروسي أن التدريبات جرت في إطار محاكاة «عملية الإجبار على السلام»، أو «فرض السلام». كما تضمن برنامج تلك التدريبات «مرافقة فرق نزع الألغام خلال عملها في المناطق الأثرية ونزع الألغام في منشآت حيوية، وذلك ضمن ظروف العمل في (منطقة عازلة)، أو منطقة لا تشهد مواجهات مسلحة بشكل مباشر».
وأكد الدبلوماسي الروسي، وهو المبعوث الخاص للرئيس الروسي حول الشرق الأوسط ودول أفريقيا، أن روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة تجري اتصالات دائمة على هامش العمل في أجهزة مجموعة دعم سوريا في جنيف، قائلاً: «إنهم موجودون هناك (في جنيف)، ويجرون لقاءات لمجموعات خاصة بالمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار. وعلى هامش عمل هذه المجموعات، يجرون دائماً محادثات، بما في ذلك في إطار ثلاثي يضم روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة».
إلى ذلك، أشار يوري أوشاكوف معاون الرئيس الروسي إلى أن الأزمة السورية والتصدي للإرهاب مواضيع رئيسية سيبحثها الرئيس بوتين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال محادثاتهما المرتقبة في قصر فرساي بعد غد. وأكد أوشاكوف للصحافيين، أمس، أن الرئيسين سيتناولان «سوريا بالطبع»، ووصفها بـ«واحدة من أهم وأكثر المشكلات تعقيداً»، لافتاً إلى أن «فرنسا واحدة من أكثر الدول تشدداً في موقفها» من النظام السوري، ولهذا يرى معاون الرئيس الروسي أن الحديث في فيرساي حول الأزمة السورية، كما حول مجمل مسائل التصدي المشترك للإرهاب، يجب أن يكون صريحاً.
وأعاد للأذهان الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين البلدين، حول تنسيق الجهود للتصدي للإرهاب، خلال زيارة الرئيس السابق فرنسوا هولاند إلى موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، عقب الهجوم الإرهابي في باريس. وقال إن ذلك الاتفاق لم يتم تنفيذه «ولم تكن روسيا السبب». وأعرب عن قناعته بأن العمل الإرهابي الأخير في مانشستر في بريطانيا «سلط الضوء مرة أخرى على الحاجة الملحة في تنظيم جهد مشترك» في هذا المجال، موضحاً أن «الحديث مع ماكرون في فيرساي سيجري ضمن هذا الإطار».