المعارضة التركية تزعم اختراق أنصار غولن الحزب الحاكم

في حين تصاعدت الانتقادات الخارجية لتركيا بشأن حملات الاعتقالات والفصل عن العمل في أوساط أنصار فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، أكدت المعارضة التركية أن أنصار غولن لا يزالون موجودين في صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفي رد على ما جاء في كلمتي رئيسي حزبي الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، والحركة القومية دولت بهشلي، أمام اجتماعين للمجموعتين البرلمانيتين لحزبيهما أول من أمس، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن حكومته لا يمكن أن تقبل ادعاءات وجود أنصار لغولن في الحزب الحاكم.
وقال يلدريم: «إننا لا نقبل ادعاءات بأن بعض السياسيين لم يتأثروا، بينما غيرهم تأثر بفكر غولن وإن بعضهم تبرأ منه. فكل من يثبت انتسابه لحركة غولن يتم إبعاده وتقديمه للمحاكمة ويجب على الجميع أن يعرف أن حركة غولن تنظيم إرهابي استهدف ديمقراطية الجمهورية التركية واستقلالها ومستقبلها ولهذا السبب فإن مكافحتنا لها ستستمر حتى النهاية»، على حد قوله.
وشدد يلدريم على أن تعقب أنصار غولن بلا هوادة لا يعني التخلي عن مبادئ القانون والعدالة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم «منفتح على جميع الآراء ويقبل جميع الانتقادات القائمة على أساس أن تركيا دولة قانون وسيعاقب من يستحق العقاب».
وقد انتخب حزب العدالة والتنمية يلدريم، أمس الأربعاء، رئيسا للكتلة البرلمانية للحزب في البرلمان بعد أن فقد رئاسته لها بعد المؤتمر الاستثنائي للحزب يوم الأحد الماضي الذي أعيد فيه انتخاب الرئيس رجب طيب إردوغان رئيسا للحزب، لكن إردوغان لا يحق له رئاسة الكتلة البرلمانية لكونه ليس عضوا في البرلمان. وصوت 300 نائب من أصل 316 على انتخاب يلدريم رئيسا للكتلة البرلمانية، فيما غاب 16 نائبا عن جلسة التصويت.
في غضون ذلك، واصلت السلطات التركية ما تسميه «حملة التطهير» في مؤسسات الدولة المختلفة، وأمرت أمس الأربعاء باعتقال 139 شخصا، منهم 60 موظفا في مجلس مدينة أنقرة و19 من مجالس محلية أخرى و30 موظفا في وزارة التنمية و30 من وزارة التعليم.
وصدرت أول من أمس مذكرات توقيف بحق 286 آخرين، بينهم عسكريون في الإطار ذاته.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي، اعتقلت السلطات التركية أكثر من 50 ألفا وفصلت أو أوقفت عن العمل أكثر من 150 ألفا آخرين من الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام ومختلف مؤسسات الدولة بتهمة انتمائهم إلى حركة غولن.
في سياق مواز، كشف الكاتب بصحيفة «حرييت» التركية سدات أرجين، أمس، عن الضابط الذي بادر بإعلام أجهزة الاستخبارات التركية بالمخطط العسكري، فضلا عن تفاصيل التحركات التي قام بها جهاز المخابرات التركي استنادا لتلك المعلومات لإحباط محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وقال أرجين إن الضابط، الذي أشار إليه بالحرفين «و.ك»، تجمعه علاقة وثيقة بحركة فتح الله غولن، منذ أن كان في المدرسة الابتدائية. ومن المثير للاهتمام أن اسم هذا الضابط لم يرد ضمن أي لائحة اتهام تخصّ محاولة الانقلاب، وتم فصله عقب إعلان حالة الطوارئ لارتباطه بتنظيم غولن، لكنه أعيد إلى عمله بعد مرور فترة وجيزة باعتباره عنصرا في جهاز المخابرات.
وتطرّق الكاتب إلى بعض التفاصيل الدقيقة التي كشفها جهاز المخابرات بعد فشل محاولة الانقلاب. فقد ورد خبر استعداد مجموعة عسكرية للقيام بعملية عسكرية في الساعة الرابعة عصر يوم الانقلاب. وعلى إثر ذلك، اتصل رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان بنائب رئيس أركان الجيش يشار جولر في الرابعة والنصف، حتى ينقل له معلومات خطيرة تتعلق بتحركات عسكرية مرتقبة ثم توجه إلى مقر رئاسة الأركان لنقل خبر محاولة الانقلاب بشكل مباشر للجنرال جولر. وهناك التقى رئيس الأركان خلوصي أكار، وقدم له تقريرا مفصلا حول المعلومات التي حصل عليها جهاز المخابرات فيما يتعلق بمحاولة الانقلاب.
ونقل أرجين عن الضابط «و.ك» تفاصيل ذلك اليوم. وقال الضابط إنه تم استدعاؤه قبل يومين من محاولة الانقلاب وتوجه إلى مكان عمله صباح 15 يوليو، وفور وصوله قال له الطيار مراد بولات «إننا سنطير معا هذه الليلة». إثر ذلك، قال أحد المسؤولين البارزين، يدعى دينيز آيدمير، إنه يعلم أن «أ.ك» ينتمي لتنظيم غولن، وأكد له: «سنقوم بعملية عسكرية هذا المساء، سأخطف هاكان فيدان بواسطة طائرة مروحية، وستتكفل أنت ومراد بولات بالتحليق في أجواء المدينة... ستراق دماء كثيرة هذه الليلة».
وأوضح الضابط: «في أعقاب ذلك، توجهت إلى مقر جهاز المخابرات لأطلع المسؤولين هناك على أمر هذه العملية العسكرية. وقد قام ثلاثة عناصر باستجوابي هناك. وذكر الكاتب أن المخابرات وظفت الضابط لنقل ما يجري داخل القاعدة، حيث وضعوا جهاز تنصت بين ثيابه للاستماع لتفاصيل العملية التي تحاك في السر». وفي هذا الصدد، قال الضابط: «ترددت كثيرا في البداية، لكنني قبلت فيما بعد تولي مهمة التنصت على الانقلابيين».
في سياق آخر، طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قادة الاتحاد الأوروبي بأن يوضحوا لأنقرة أن تعزيز التعاون الاقتصادي معها يعتمد على مدى استعدادها لإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان في الداخل.
ومن المقرر أن يشارك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الخميس في قمة قادة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي بدأت أمس في بروكسل، ومن المتوقع أن يلتقي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، وسيكون هذا هو الاجتماع الأول رفيع المستوى لإردوغان مع قادة دول الاتحاد الأوروبي منذ الاستفتاء على النظام الرئاسي في تركيا في 16 أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت لوت ليخت، مديرة قسم الاتحاد الأوروبي بالمنظمة، إنه «في الاجتماع الأول مع الرئيس إردوغان بعد فوزه بالاستفتاء الذي يوسع صلاحياته، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعيد حقوق الإنسان بقوة إلى الصورة».
وانتقدت المنظمة ما سمته «الأزمة الحقوقية والقانونية» في تركيا ودعت إلى وضع نهاية للتحرك الذي تقوم به الحكومة ضد معارضيها، وحثت المنظمة يونكر وتوسك على مطالبة إردوغان بإطلاق سراح الصحافيين والسياسيين المعتقلين. وشددت على ضرورة أن يقوم إردوغان بإلغاء حالة الطوارئ والتخلي عن خططه لإعادة عقوبة الإعدام.