جاستن كلويفرت يسعى للخروج من عباءة والده

رغم أن جاستن كلويفرت أتم عامه الـ18 منذ أسبوعين فحسب، فإن مهاجم أياكس الذي يستعد لمواجهة مانشستر يونايتد في إطار نهائي الدوري الأوروبي، اليوم، يبدو رابط الجأش تماماً، فيما يخص المباراة وكذلك حمله واحدا من أبرز الأسماء في تاريخ كرة القدم. ولدى سؤاله عن عبء حمل اسم كلويفرت، قال جاستن: «لكل أمر إيجابي جانب سلبي، ولكل أمر سلبي جانب إيجابي».
المعروف أن والده، باتريك، كان واحدا من أكثر المهاجمين إحرازا للأهداف بين عامي 1995 و2004، ومن أبرز إنجازاته هدف الفوز أمام ميلان في نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا لصالح أياكس، وكان لا يزال في الـ18 من عمره حينها، وحقق لاحقا أرقاما قياسية مدوية من حيث عدد الأهداف لصالح كل من برشلونة والمنتخب الهولندي. وقال جاستن: «كوني ابنه يثير حولي كثيرا من الاهتمام والتوقعات. ويضع هذا الأمر ضغوطا على كاهلي، لكني لحسن الحظ لا أصاب بالتوتر أبداً. حسناً... شعرت بالتوتر فقط عندما خضت الامتحان الثاني لي لاستخراج رخصة قيادة، لكنني لم أشعر بالتوتر قط وأنا ألعب كرة القدم».
الملاحظ أن جاستن لم يفكر أبدا في الاكتفاء باستخدام اسمه الأول في محاولة لتخفيف بعض الضغوط عليه، على خلاف الحال مع يوردي، نجل يوهان كرويف. وأكد جاستن: «أشعر بالفخر لحملي هذا اللقب، وأطمح لأن أزيده شهرة. وهذا تحديدا ما أفعله الآن». يذكر أن لجاستن شقيقين، كوينسي، 20 عاماً، وروبين، 15 عاماً. ويعتبر جاستن الأصغر بينهم من حيث البنية الجسدية، وأعرب عن اعتقاده أن بإمكان شقيقيه احتراف كرة القدم، وإن كان روبين لا يزال يلعب في صفوف أحد أندية الهواة. وقال عنه جاستن: «إنه مدافع طويل القامة».
أما كوينسي، فقد لعب في صفوف أياكس لمدة عام واحد داخل أكاديمية الناشئين، وفي طريقه الآن للانتقال إلى فيتيس آرنهيم، الفائز ببطولة الكأس الهولندية. وعنه، قال جاستن: «إنه ضخم وقوي البنية ولديه قدرة جيدة على التصويب. لذا، فإننا جميعا لاعبون مختلفون».
في مواجهة مانشستر يونايتد في استوكهولم، سيقف جاستن في مواجهة دالي بليند، نجل داني بليند، الذي كان قائدا لفريق لويس فان غال من الصغار الذين غزوا أوروبا عام 1995، وفاز كذلك ببطولة العالم للأندية في العام ذاته مع نجاح بليند الأب في تسجيل ركلة جزاء حاسمة في مرمى نادي غريميو البرازيلي. جدير بالذكر أن دالي بليند شارك في الفوز بأربع بطولات متوالية للدوري الهولندي الممتاز قبل أن ينقله المعلم الروحي لداني، فان غال، إلى أولد ترافورد في صيف 2014. من جانبه، قال جاستن: «ليس من الضروري أن يسير كل نجل لاعب كرة قدم ناجح على نفس نهج والده، وإنما يتعين أولا امتلاكه للمقومات الجسدية والذهنية المناسبة».
الملاحظ أن كلويفرت الابن لم يبرع يوما في الحيل الذكية أو الأداء الفردي المبهر. وعن ذلك، قال: «أحرص فحسب على اتخاذ الطريق الأقصر نحو المرمى، وأنا بطبيعتي أميل أكثر للعب كجزء من فريق. أما والدي، فينصحني بأنه يتعين علي أحيانا إبداء مزيد من الأنانية أمام المرمى».
ورغم كونه مهاجما، فثمة اختلافات كثيرة بين أسلوب لعب جاستن ووالده، الذي يتولى حاليا منصب مدير الكرة لدى باريس سان جيرمان. الملاحظ أن جاستن أكثر شبها بثيو والكوت، لاعب آرسنال، من حيث ميله لاقتحام منطقة المرمى من ناحية الجناح، بدلا من كونه صانع ألعاب. من جهته، قال جاستن: «أتسم ببنية أصغر وأداء أسرع وأكثر حركة عن والدي. وبجانب تسجيل الأهداف، أتطلع دوما لمعاونة أقراني على التسجيل أيضاً».
يذكر أن جاستن شارك للمرة الأولى في صفوف الفريق الأول في يناير (كانون الثاني)، وشارك حتى اليوم في 14 مباراة في إطار الدوري الممتاز، سجل خلالها هدفين وساعد في إحراز أربعة أخرى. وبالنسبة لمسألة أنه يسير حتى الآن على نهج والده، فإن جاستن يصفها بأنها «أمر لم أكن لأحلم به». إلا أنه أبدى ثقته الكبيرة بنفسه، خصوصا مع مشاركته في أكثر من 10 مباريات في إطار الدوري الأوروبي، اثنتين منها كان في التشكيل الأساسي، وقال: «آمل أن أتمكن أيضا من تسجيل هدف خلال أول نهائي لبطولة الدوري الأوروبي أشارك بها، مثلما فعل والدي من قبل».
وقد شاهد جاستن نهائي دوري أبطال أوروبا لعام 1995 كثيراً. وعن ذلك، قال: «خصوصا الهدف الذي أحرزه والدي»، رغم إقرار جاستن بأنه لم يكن أجمل الأهداف التي سجلها والده. وأضاف: «لقد دفع الكرة فحسب بطرف قدمه، لكن هذا لا ينفي أن الأهداف غير الجميلة تحتسب أيضاً. لقد كان ذلك هدفا يليق بشخص صاحب عزيمة كبيرة».
من جانبه، أكد دالي بليند، في تصريحات لمجلة «هيلدين»، أنه يحفظ مواجهات موسم 1995 بأكملها عن ظهر قلب. وعلى خلاف الحال مع آل كلويفرت، عمل داني ودالي معا على الصعيد الاحترافي. عندما جرى تصعيد دالي للفريق الأول لأياكس، كان داني مساعدا للمدرب. ولاحقا داخل المنتخب الوطني، كان داني المساعد الأول وفي وقت لاحق المدرب، قبل أن يتعرض للطرد نهاية مارس (آذار).
ولأن داني لم يقف دوما إلى صف أسطورة النادي صاحب النفوذ الكبير يوهان كرويف، لم يلق دوما ترحيبا كبيرا داخل أياكس. وعليه، يراود دالي شعورا بأنه هو الآخر تجري معاقبته من جانب بعض جماهير النادي ووسائل الإعلام بسبب اختيارات والده. واستطرد قائلاً: «لكن في النهاية زادني هذا الأمر قوة».
جدير بالذكر أن دالي شارك بالفعل في عدد مباريات مع المنتخب (44) أكثر من والده (42)، لكن لا يزال الطريق أمامه طويلا للتفوق على سجل والده من البطولات.
والملاحظ أنه من حيث أسلوب اللعب، يبدو دالي أكثر شبها بوالده عن جاستن كلويفرت مع والده. يذكر أن بليند الابن والأب بدآ معا في وسط الملعب، لكن اتضح لاحقا أنهما يقدمان أفضل أداء لديهما في مركز الظهير الجناح أو قلب الدفاع. ومع ذلك، أعرب دالي عن اعتقاده بأنه أكثر انفعالا وأقل تنظيما عن والده.
من ناحية أخرى، ثمة يد واضحة للقدر وراء تحول دالي، الذي جرت تسميته تيمنا ببطل الأولمبياد البريطاني الشهير دالي ثومبسون، إلى بطل رياضي جيد، رغم عدم وجود أي لاعبي كرة قدم مميزين في أسرته. يذكر أن والدته، إيفون، كانت لاعبة كرة سلة موهوبة شاركت في مستوى شبه محترف. كما تميزت في أدائها بالشجاعة والقوة. وتبعا لداني، فإن زوجته افتقرت فقط إلى ما كان متوافرا لديه بوفرة؛ المهارات التكتيكية.
من جانبه، قال دالي بليند: «علمني والدي الكثير. ونحرص على الحديث معا بعد كل مباراة لمناقشة ما كان جيدا وما لم يكن كذلك. إلا أنه عندما أمر بوقت عصيب، أتحدث كثيرا إلى والدتي لأنها أكثر عاطفية».
من ناحيته، يحصل جاستن كلويفرت على «101 مقترح» بخصوص ما ينبغي له فعله لتحسين مستوى أدائه عن والده. وعن ذلك، قال: «يحرص دوما على إبقائي في حالة ترقب، ومن خلال ذلك نجحت في أن أصبح لاعبا أفضل».
ويتحرك جاستن نحو أن يصبح الجيل الثالث من أسرته الذي يثبت نجوميته على مستوى البلاد. جدير بالذكر أن جده كينيث كلويفرت، الذي اشتهر باسم بوسا نوفا، كان مهاجما بارعا في سورينام، ولعب في صفوف روبين هود والمنتخب. كما أن أحد أقاربه من ناحية الأم لاعب كرة جيد.
من ناحيته، يتطلع جاستن نحو كريستيانو رونالدو باعتباره قدوة. وقال: «يلعب في المركز ذاته. وأشعر بإعجاب كبير تجاه مهاراته، وكذلك أسلوب تفكيره وللنحو الذي يعايش من خلاله كرة القدم. وحتى بالنظر إلى سنه، فقد حقق الكثير للغاية. لقد شاهدت فيلما تسجيليا عنه وقلت لنفسي: أود أن أصبح مثله».
ويرى جاستن أن امتلاك أسلوب التفكير الصحيح يتسم بذات القدر من الأهمية لامتلاك الجينات المناسبة. وأشار إلى أنه «داخل نادي باريس سان جيرمان، ثمة لوحة كبيرة مكتوب عليها: (العمل يتفوق على الموهبة، إذا لم تعمل الموهبة بجد)».
الواضح أن جاستن يحمل بداخله طموحات كبيرة. وفي هذا الصدد، قال بإصرار: «آمل في أن أصبح أفضل لاعب في العالم. وعليه، ينبغي لي انتهاز جميع الفرص السانحة والتدريب بجد وإظهار مهاراتي في كل فرصة. ولا يكفي الحديث هنا، وإنما ينبغي أن يكون المرء مؤمنا حقا بهذه الفكرة ويبذل كل مجهود ممكن لتنفيذها».
وبينما نجح داني بليند في التحسن تدريجياً، تعثرت مسيرة باتريك كلويفرت عندما كان ما يزال في العشرينيات، وافتتح مرقص في برشلونة ولم يبد تركيزه منصبا على كرة القدم. وعن ذلك، قال جاستن: «عانى من سوء الحظ بالنسبة للإصابات. أما أنا فأملك روح رونالدو، فأنا أرغب في تحسين مستواي يوما بعد آخر، ليس فقط باعتباري لاعبا، وإنما أيضا كإنسان. ولا أود أن يساورني الندم يوما ما لعدم بذلي مجهودا كافيا للوصول إلى أهدافي».
يذكر أن جاستن تعرض للتقريع من جانب زميله ماتيس دي ليغت، الذي يصغره بثلاثة أشهر، خلال المواجهة أمام ليون بالدور قبل النهائي في الدوري الأوروبي عندما لم يقدم الدعم الكافي لخط الدفاع. ومع هذا، اعترف كلويفرت: «كان محقا في موقفه، وعلي أن أتعلم من ذلك».
في المقابل، فإن ليغت ينتمي إلى أسرة يقتصر تاريخها الرياضي على لعب التنس أو الهوكي من حين لآخر على سبيل الهواية. وهنا، قال كلويفرت: «أرأيت، لا يهم إذا كنت تحمل لقبا شهيرا، لأنه يتعين عليك نهاية الأمر شق طريقك بساعديك».