قيادي من حزب بوتفليقة رئيساً للبرلمان الجزائري

يبدأ «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) في الجزائر اليوم عمله رسميا، وذلك بعد تثبيت نتائج انتخابات البرلمان من طرف المحكمة الدستورية، فيما جرى الاتفاق داخل كتلة الأغلبية البرلمانية على اختيار السعيد بوحجة (77 عاما) رئيسا للمجلس، وهو من قدامى قياديي ومناضلي حزب جبهة التحرير الوطني، ومعروف عنه ولاؤه الشديد لكل الرؤساء الذين تعاقبوا على السلطة، والذين اختارهم الجيش لتولي الحكم.
ويترأس أول جلسة للغرفة الأولى أكبر المنتخبين الـ481 سنا، مع أصغرهم حسبما ينص عليه القانون. ويرجح بأن يعرض اسم بوحجة على النواب للتصويت برفع الأيدي، وهو ما جرت عليه العادة في بداية كل ولاية تشريعية. وتتكون الأغلبية الكبيرة من حزبين مواليين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، هما «جبهة التحرير» (161 مقعدا) و«التجمع الوطني الديمقراطي» (100 مقعد)، الذي أعلن أمينه العام أحمد أويحيى أن نوابه يدعمون مترشح الحزب الذي حل الأول في ترتيب نتائج الاستحقاق، الذي جرى في 4 مايو (أيار) الجاري.
ولم تقدم أي من الأحزاب الأخرى التي ستكون في البرلمان مرشحها لعلم قادتها أن الأغلبية سترفض ذلك. ويرتقب أن تنظم المعارضة شؤونها في إطار مجموعتين كبيريين: الإسلاميون وأحزابهم الخمسة، وأقواها «حركة مجتمع السلم» (34 مقعدا)، والعلمانيون اليساريون الذين سيحمل لواءهم ثلاثة أحزاب، أبرزها «جبهة القوى الاشتراكية» وهي أقدم حزب معارض. غير أن خلافات سياسية وآيديولوجية عميقة تفرق هذه الأحزاب (نالت مجتمعة نحو 25 مقعدا)، مما سيحرمها من مواجهة الأغلبية التي دأبت على تمرير كل مشاريع ومبادرات الحكومة بسهولة بسبب تفوقها العددي.
واستغربت الأوساط السياسية والإعلامية الفوز الكبير الذي حققه «التجمع» و«جبهة التحرير» في الانتخابات، ذلك برلمانيوهما تبنوا كل القرارات التي وصفت بـ«غير الشعبية» خلال السنوات الخمس التي استغرقتها الولاية التشريعية المنتهية حديثا. ومن أهم هذه القرارات خطة التقشف الحكومية الصارمة التي وافق عليها البرلمان، والتي تتحملها الفئات المتوسطة والفقيرة نتيجة لعجز السلطات عن مواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط. ومنطقيا يفترض أن الناخبين الجزائريين لا يجددون الثقة في الحزبين، لذلك تتهم المعارضة السلطة بـ«تزوير الانتخاب لصالح أحزابها».
وتتجه الأنظار بعد تنصيب تشكيلة البرلمان الجديدة إلى الطاقم الحكومي، الذي يرتقب الإعلان عنه قبل الأحد المقبل. وقد أجرى رئيس الوزراء عبد المالك سلال مشاورات مع الأحزاب التي أفرزتها نتائج الانتخابات، بهدف ضمها إلى الطاقم الذي سيقوده للمرة السادسة منذ 2012. وأعطت أربعة أحزاب موافقتها على دخول الحكومة، وكلها موالية للرئيس، وهي «جبهة التحرير» و«التجمع الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر» (20 مقعدا) و«الحركة الشعبية الجزائرية» (14 مقعدا). ورفض «مجتمع السلم» عرض بوتفليقة بالالتحاق بالحكومة بحجة أنه طلق السلطة عام 2012 وانتقل إلى المعارضة. وقد تسبب موقف الحزب الإسلامي من الحكومة في إحداث شرخ عميق بين قيادييه، وتحديدا بين فريق رئيس الحزب الحالي عبد الرزاق مقري، وفريق رئيسه السابق وزير الدولة سابقا أبو جرة سلطاني الذي أعلن استقالته الجمعة الماضي، معبرا عن خلاف حاد مع مقري. غير أن سلطاني كشف أمس في بيان عدوله عن الاستقالة، وقال إن «قيادات من الصف الأول» في الحزب زاروه لإقناعه بسحب استقالته، التي نطق بها شفويا في اجتماع «مجلس شورى» الحزب، عندما جمعته ملاسنة حادة مع مقري، بخصوص العودة إلى الحكومة.
وقال سلطاني في بيانه: «قناعتي بأنّ قدرنا في هذا الوطن الصامد أن نواصل النضال السّلمي طويل النفس مع أبناء الحركة وبناتها في ساحات أوسع، ولا نرهن جهودنا بقرار ظرفي فرضته نتائج اقتراع انتخابي قيل فيه كثير، فاستشراف مستقبل الجزائر أوسع من الاحتباس في محطّة حكوميّة ستصبح بعد غد من التاريخ، في ثقافة حركة يحمل المنتسبون إليها بطاقة نضال في قلوبهم، وليس في جيوبهم».