مصرفيون: نقص التمويل في مصر يعرقل مدفوعات السلع الأساسية

قال مصرفيون وتجار إن الأزمة المالية في مصر تعرقل مدفوعات السلع الأساسية الغذائية مع عودة مشكلات التمويل التي كانت ظهرت أوائل العام الماضي.
ويشكل دعم الغذاء مسألة مهمة لدرء اضطرابات اجتماعية في أكبر مشتر للقمح في العالم حيث أدت احتجاجات إلى الإطاحة برئيسين في السنوات الثلاث الماضية.
وقال تجار ومصرفيون في تقرير لـ«رويترز» إن قلة احتياطيات النقد الأجنبي إضافة إلى اتخاذ البنك المركزي لنهج حذر بشكل خاص في تخصيص تلك الأموال يبطئ إجراءات الدفع للأغذية التي تشتريها جهات حكومية.
وقال محمد طوسون رئيس تمويل التجارة بوحدة البنك الأهلي المتحد في مصر «أثر الاضطراب السياسي في مصر منذ 2011 على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بسبب الهبوط في إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر.. أرغم هذا البنك المركزي على اتخاذ إجراءات صارمة لتوجيه الأموال المتاحة إلى السلع الأولية الاستراتيجية والمواد المرتبطة بالغذاء والدواء».
وقال بعض التجار إن الانتخابات المزمعة في وقت لاحق هذا الشهر في أكبر بلد عربي سكانا تبطئ أيضا الإجراءات الإدارية في أجهزة الحكومة، إلا أنهم أكدوا أنه وعلى الرغم من وجود تأخيرات فإنه لم يحدث أي تخلف عن السداد.
وقال طوسون «ربما نواجه بعض التأخير في تخصيص التمويل الكافي بالعملة الأجنبية الضروري لتغطية الأنشطة التجارية للعملاء تبعا لحجم الصفقات لكننا نلبي المطالب في نهاية المطاف».
وبلغت احتياطيات مصر من النقد الأجنبي 17.489 مليار دولار في أبريل (نيسان) منخفضة بشكل حاد من مستواها قبل انتفاضة 2011 الذي بلغ نحو 36 مليار دولار.
وتستورد مصر نحو 10 ملايين طن من القمح سنويا لإطعام شعبها البالغ 85 مليون نسمة بخبز مدعوم رخيص لكن في 2013 دفع انكماش احتياطيات النقد الأجنبي الواردات إلى التراجع إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات. وعادت الواردات منذ ذلك الحين إلى مستوياتها شبه العادية.
وعلى الرغم من أن السلع الأساسية الغذائية تحتل قمة الأولويات في الإنفاق فقد عانى تجار من بعض التأخيرات في خطابات الضمان التي تصدر لسلع يوردونها إلى مشترين حكوميين من بينهم الهيئة العامة للسلع التموينية.
وقال تاجر مقره القاهرة على دراية بالأمر «توجد الآن بضع شحنات جاهزة وتنتظر خطابات الضمان الخاصة بها التي تأخرت لما يزيد على شهر في بعض الحالات».
وعند ترسية أي من المناقصات الحكومية فإن الشركة التي تبيع السلعة يطلب منها خطاب ضمان من أحد البنوك المصرية المملوكة للدولة ثم تقوم بعد ذلك بتأكيده لدى البنك الذي تتعامل معه.
ويقدم البنك المركزي الغطاء للبنوك الحكومية في مصر.
وقال تجار إنه رغم الموافقات التي تمنحها وزارة المالية للبنوك المحلية للإفراج عن أموال ففي بعض الأحيان لا تصدر الموافقة النهائية من البنك المركزي أثناء الفترة الزمنية المعتادة.
وأوضح تاجر ثان مقره القاهرة «ربما أنهم يحاولون ترتيب الأولويات بشأن أوجه إنفاق ما لديهم من احتياطيات من النقد الأجنبي لكن من غير الواضح سبب عدم صدور الموافقات في الوقت المناسب».
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من مسؤولي البنك المركزي. ولا يقوم التجار في العادة بشحن القمح حتى يفتحوا خطابات الضمان للمستوردين.
وقال التجار إنهم يواجهون تأخيرات أيضا بعد المناقصات من الشركة القابضة للصناعات الغذائية المملوكة للدولة وشركة ميدي تريد لتجارة السلع الغذائية اللتين تشتريان الزيوت النباتية بالنيابة عن الهيئة العامة للسلع التموينية.
من ناحيته قال تاجر أوروبي «تتأخر المدفوعات في بعض الأحيان سبعة إلى ثمانية أسابيع عن الموعد المتوقع المعتاد».
وتنفق الحكومة المصرية التي تعاني شحا في السيولة ربع ميزانيتها على دعم الغذاء والوقود. ويغطي دعم الغذاء السكر والأرز والزيوت النباتية والقمح.
وقال كاريل فالكين رئيس تمويل الأنشطة العالمية للتجارة والسلع الأولية لدى روبوبنك الهولندي «نواصل تأكيد خطابات الضمان بشكل انتقائي.. لم نواجه أبدا أي تأخير في السداد رغم أننا ننتظر في بعض الأحيان لبعض الوقت حتى تصدر خطابات الضمان».
ويعمل روبوبنك مع شركات تتاجر في السلع الأولية وتورد سلعا إلى مؤسسات الشراء الحكومية في مصر.
وفي حال استمرت التأخيرات فإن بعض الشركات التجارية ربما تحجم عن المشاركة في المناقصات المصرية أو قد تضيف علاوة مخاطر على الأسعار التي تعرضها.
وقال التاجر الثاني الذي مقره القاهرة «لأن مصر مستورد كبير للسلع الأولية فإنني أعتقد أن علاوة المخاطر ستكون المسار الأكثر ترجيحا».