الحكومة الليبية تبحث احتواء الوضع الأمني المتدهور في بنغازي

في محاولة لاحتواء الوضع الأمني المتدهور في مدينة بنغازي شرق ليبيا، اجتمع أمس علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية، الذي وصل إلى المدينة في زيارة مفاجئة لم يسبق الإعلان عنها، مع العقيد ونيس بوخمادة آمر القوات الخاصة في المدينة، بحضور عدد من وزراء الحكومة، حيث استعرض أبرز الاحتياجات التي تتطلبها عملية ترسيخ الأمن بالمدينة، التي تعاني منذ شهور من تصاعد عمليات الاغتيال والتفجيرات التي طالت مسؤولين ورجال أمن وناشطين سياسيين.
وتأتي هذه الزيارة غداة نشر وحدات من الجيش الليبي في مداخل ومخارج المدينة التي تعتبر معقل الثوار ومهد انتفاضة عام 2011 ضد نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي. كما تأتي عقب إعلان جماعة تطالب بالحكم الذاتي لشرق ليبيا أنها أنشأت منفردة شركة نفط إقليمية؛ في تحد مباشر للحكومة المركزية في طرابلس.
وقال قادة الجماعة في مؤتمر صحافي نقله التلفزيون بمدينة اجدابيا إن مقر الشركة سيكون مؤقتا في طبرق بأقصى شرق ليبيا، حيث استولى محتجون على ميناء نفطي ومنعوا يوم الجمعة الماضي ناقلة استأجرتها الحكومة من تحميل النفط.
لكن زيدان أعلن في المقابل أن حكومته لن تقبل بأن تنتهك سيادة الدولة، واصافا ما حدث بأنه «أوهام سياسية تهدد وحدة الوطن وسلامته»، مضيفا: «ولن نقبل بأن شخصا يحتجز الحقول النفطية بهذه الكيفية وسنتصرف في الوقت المناسب».
وأثارت هذه التهديدات العلنية غضب عبد ربه البرعصي، رئيس ما يسمى بحكومة إقليم برقة، الذي اعتبر أن كلام زيدان «لا يصلح للرد عليه». فيما قال إبراهيم الجضران، رئيس المكتب السياسي للإقليم: «ماذا ننتظر من حكومة يختطف رئيسها من غرفة نومه، وماذا نتوقع من مؤتمر (برلمان) لم يلتفت إلى مطالب تأسس من أجلها وأعطي الشرعية على أساسها».
وقبل وصول زيدان إلى بنغازي أمس، دعا العقيد ميلود الزوي الناطق الرسمي باسم القوات الخاصة (الصاعقة) أهالي المدينة لدعم عناصر الجيش لتمكينهم من أداء مهمتهم في تنفيذ الخطة الأمنية التي تهدف إلى حفظ الأمن وترسيخ الاستقرار في المدينة، وأوضح الزوي أن «عناصر القوات الخاصة باشرت تنفيذ إجراءات الخطة الأمنية، التي من بينها إيقاف السيارات المخالفة لقوانين المرور والتي لا تحمل لوحات معدنية أو يوجد بها زجاج معتم».
ونقلت وكالة الأنباء المحلية «تمكن فريق متخصص من وحدة إبطال المتفجرات بالجيش الليبي من إحباط محاولة لتفجير عبوة ناسفة تزن نحو ثمانية كيلوغرامات من المواد المتفجرة، وضعها شخص مجهول بجوار سور مسجد بمنطقة الفويهات بمدينة بنغازي». كما نقلت عن شهود عيان أنهم شاهدوا شخصا يضع حقيبة بجوار السور قبل أن يغادر مسرعا.
سياسيا، يستأنف المؤتمر الوطني العام (البرلمان) جلسته اليوم بعدما تحولت جلسته أول من أمس إلى جلسة تشاورية للنظر في تعديل الإعلان الدستوري المتعلق بقرارات لجنة الستين بشأن القضايا التي تخص المكونات الثقافية؛ في إشارة إلى الأمازيغ والتبو والطوارق.
وكشف عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر، النقاب عن أن المؤتمر طرح الكثير من النقاط المتعلقة بالمكونات الثقافية من بينها اللغة، لافتا إلى أنه فيما يتعلق بالعلم والنشيد واسم الدولة، اشترط أعضاء المؤتمر - إذا ما رأت لجنة الستين أن تعدل فيه - فلا بد من موافقة تلك الكتل.
وأوضح أنه فيما يتعلق بالهوية فقد اشترطوا أن تكون هوية وطنية إسلامية، مشيرا إلى أن عددا من أعضاء المؤتمر المحسوبين عن التيار الإسلامي تقدموا بمقترح بأن يكون المصدر الأساسي للتشريع هو الشريعة الإسلامية، وأنه لا يجوز إصدار أي قرار أو أي تشريع يكون مخالفا للشريعة الإسلامية، وأنه لا يجوز الاستفتاء على أحكامها.
وقال حميدان إن هذا المقترح أثار الكثير من الخلافات، ورأى عدد من الأعضاء أن أحكام الشريعة الإسلامية ملزمة، وأن فكرة هذه الأحكام غير منضبطة ويجب أن تحدد وتكون أحكاما ثابتة ثبوتا قطعيا أو تكون الأحكام في المذهب المالكي، مضيفا: «لكن هذا اللفظ بدلالاته الواسعة قد يجعل الأمر محل اجتهاد وغير مضبوط.. وهذا الموضوع أثار الكثير من النقاش والحوار ولم يجر التوافق عليه بين الأعضاء، حيث جرى تأجيل الجلسة إلى اليوم».
من جهة أخرى، نفى هاشم بشر، ‎ رئيس اللجنة الأمنية العليا في طرابلس، ما تردد عن صفقة جرى بمقتضاها إطلاق سراح أربعة أجانب من أوكرانيا وبيلاروسيا اعتقلوا عام 2011. وقال بشر في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بأنهم لا يزالون في طرابلس وتحت إشراف سرية الإسناد الخاصة الأولى كتيبة ثوار طرابلس، ولا صحة لأي صفقة أو مقايضة أو اتفاق بشأن ترحيلهم أو تسليمهم لبلدانهم علما بأنه عُرض على الكتيبة ملايين الدينارات لتسليمهم.
وبعدما أوضح أنه لا علاقة لإدارة الشرطة والسجون العسكرية بالموقوفين لأن الموضوع هو لدى مكتب النائب العام، أعلن أن الأمر كله سيكون خاضعا للتحقيقات حول دخول هؤلاء للبلاد سرا وهي في حالة حرب، ودعمهم لنظام معزول من قبل المجتمع الدولي، لافتا إلى وجود 27 شخصا آخرين موقوفين لدى لواء القعقاع.