سانشيز: طموحاتي تفوق قدرات آرسنال في الوقت الراهن

كالعادة، انتهز غالبية الجالسين بمقاعد كلوب ليفيل... أفضل المقاعد في استاد الإمارات - معقل فريق آرسنال - فرصة استراحة بين الشوطين خلال مباراة آرسنال ومانشستر يونايتد، الأحد الماضي، للخروج إلى الشمس والاستمتاع بدفئها. وتتسم هذه المنطقة تحديداً من المدرجات بارتفاع تكلفة التذاكر بها على نحو استثنائي، بجانب عدد من عناصر الرفاهية والديكور الفاخرة. ويحمل أصحاب تذاكر هذه المقاعد الغالية أهمية خاصة لمسؤولي آرسنال لأن هذه المنطقة تشكل مصدراً كبيراً للدخل، ذلك أن قيمة تذكرة المقعد الواحد خلال الموسم تتراوح بين 2.500 جنيه إسترليني و4.000 جنيه إسترليني.
وربما من غير المثير للدهشة أن نجد أن جهود تجديد هذه المقاعد تجري في وقت مبكر عن غيرها، وذلك بهدف توفير وقت أكبر أمام فريق التسويق المعني بها. ومنذ بضعة أسابيع قليلة، طرح النادي فرصة الاشتراك لموسم 2017 - 2018. والواضح أن كثيراً من المتفرجين العاديين - من المشجعين العاديين وعملاء الشركات - أعادوا التفكير طويلاً وبعمق في مبررات إقدامهم على تجديد الاشتراك. والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا: لماذا؟ في الواقع، يعود السبب الرئيسي إلى أنهم لا يعرفون على وجه التحديد ما الذي يدفعون مقابل الحصول عليه.
بجانب هذه التساؤلات، هناك تساؤلات أخرى عالقة تبحث عن إجابة، خصوصا بعد أن أنعش آرسنال آماله في التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل، بعدما حقق، الأربعاء الماضي، انتصاره الثاني على التوالي في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز (بريميرليغ)، عقب فوزه 2 - صفر على مضيفه ساوثهامبتون في مباراة مؤجلة من المرحلة السادسة والعشرين للمسابقة: هل سيكون آرسين فينغر مدرب الفريق الموسم المقابل؟ هل سيستمر مسعود أوزيل؟ وهل سيبقى ألكسيس سانشيز في صفوف الفريق؟ هل سيتمكن الفريق من المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا أم أنه سيكتفي ببطولة الدوري الأوروبي؟
كناد، يعمل آرسنال على مستويين مختلفين تماماً في الوقت الراهن. بالنسبة للجزء الظاهر من هذين المستويين فيبدو واضحاً أمام الجميع في كل يوم مباراة. أما الجزء الأقل وضوحاً فيبدو أشبه بالجزء الذي تغمره المياه من أقدام البط عندما يسبح في الماء. بيد أن المشكلة هنا تكمن في أن قدمي البطة مربوطتان ببعضهما البعض، وتبذل البطة المسكينة مجهوداً مضاعفاً لخلق الزخم الضروري بسبب الضغوط الهائلة عليها.
المعروف أنه في غضون ثلاثة أسابيع من الآن سيسدل الستار عن هذا الموسم من بطولة الدوري الممتاز، ربما مع فوز آرسنال ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي في حالة الفوز بمباراة النهائي أمام تشيلسي إضافة إلى إمكانية اقتناص أحد المراكز الأربعة الأولى ببطولة الدوري الممتاز، وإن كان هذا الأمر الأخير بدت - قبل الفوز على ساوثهامبتون وبعده أيضا - احتمالات حدوثه ضئيلة للغاية. ومن الصعب تجاهل الشعور بأن الصيف المقبل في آرسنال سيكون عصيباً للغاية، مع دخول كثير من اللاعبين المؤثرين في العام الأخير من تعاقداتهم.
من بين هؤلاء سانشيز، الذي يعد بالتأكيد أهم عناصر آرسنال. وخلال مقابلة نادرة من نوعها أجرتها معه قناة «سكاي سبورتس» خلال عطلة نهاية الأسبوع وقبل مواجهة ساوثهامبتون، كشف المهاجم التشيلي كيف أن جزءا من مشاعر الإحباط المسيطرة عليه تعود إلى تركيبة شخصيته، إلا أن ثمة سببا آخر يتمثل في أن طموحاته تفوق ما يمكن لقدرات الفريق في الوقت الراهن الوصول إليه. وخلال حديثه، بدا سانشيز رجلاً مفتوناً بالفوز.
وقال: «لا أعتقد أنه كان موسماً جيداً للغاية بالنسبة لي لأنني قدمت إلى هنا بهدف حصد بطولات والمنافسة في الدور قبل النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا والفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. في الحقيقة، أشعر بالإحباط لأننا لسنا في وضع يؤهلنا للفوز بالدوري الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، إلا أنه من المقرر بالفعل مشاركتنا بنهائي بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي المقبلة، وسنبذل قصارى جهدنا لمحاولة الفوز بها».
وأضاف: «عندما جئت هنا، قلت في نفسي: سأفوز بلقب بطولة مع هذا الفريق. في الواقع، أعتقد أنه ينبغي أن نفوز بعدد أكبر من المباريات بنتائج 3 - 0 و4 - 0. وبالفعل، يتحقق هذا أحياناً عندما نقدم أداءً جيداً للغاية. من جانبي، أرى أن آرسنال يقدم أفضل مستوى لكرة القدم داخل إنجلترا. وكانت هناك مباريات أتيحت لنا خلالها فرصة الانطلاق وتحقيق الفوز، لكننا نرتكب خطأ صغيرا لنجد أنفسنا مهزومين بنتيجة 2 - 0 مثلا. وأحياناً يؤثر هذا الأمر فيّ كثيراً لأن مثل هذه النقاط بالغة الأهمية إذا ما كانت لدينا رغبة حقيقية في الفوز ببطولة الدوري. وأعتقد إذا ما رغب لاعب ما حقاً في الارتقاء إلى قمة كرة القدم، فإنه بحاجة للمشاركة في الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا وحصد لقب الدوري، فهذا ما يجعل اللاعبين الكبار عظماء حقاً».
الملاحظ أن ثمة فترات مرت هذا الموسم كشفت لغة جسد سانشيز فيها عن قدر كبير من الصدمة. ومن جانبه، قال اللاعب: «كما أقول دائماً، الحياة قصيرة والأقصر منها مسيرة لاعب كرة القدم. إن بداخلي رغبة للفوز في كل جلسة تدريب، وفي كل مباراة أشارك بها. لهذا ينتابني أحياناً الشعور بالعجز وقلة الحيلة عندما أعود لمنزلي بعد مباراة انتهت بنتيجة سيئة».
وأضاف «أنه أمر عسير للغاية، كي أكون صادقاً معك. ومع ذلك، فإن كل لاعب يختلف كثيراً عن الآخر. وهناك لاعبون لا يأبهون لذلك ويخرجون من المباراة ولديهم شعور بأن الأمر لا بأس فيه، لكن أولئك الراغبين حقاً في الفوز والتتويج أبطالاً هم من يبذلون المجهود الأكبر ويعودون إلى منازلهم وبداخلهم غضب عارم (إذا لم تسر المباراة على ما يرام بالنسبة للفريق)، فهم ينعزلون عمن حولهم ويجافيهم النوم، الأمر الذي يصيبني أحياناً عندما أخسر مباراة بالغة الأهمية».
من ناحية أخرى، فإن خسارة سانشيز بالنسبة لآرسنال تعد بمثابة صفعة مزدوجة، ذلك أنه لن يجرد الفريق فحسب من أكثر لاعبيه مهارة، وإنما أيضاً سيقوض الأسلوب الذي نجح النادي من خلاله في تحسين وضعه داخل سوق الانتقالات خلال المواسم الأخيرة. جدير بالذكر أنه منذ وقت ليس ببعيد جرى النظر إلى آرسنال باعتباره ناديا يقدم على بيع أهم أصوله بسهولة ملحوظة. ومرت على النادي مواسم مريرة بسبب الأضرار التي لحقت به جراء إقدامه على بيع سيسك فابريغاس وروبين فان بيرسي. بعد ذلك، تحرك مسؤولو النادي نحو الاتجاه المعاكس من خلال التشبث أولاً باللاعبين المتاحين لديهم، ثم التحرك نحو ضم عناصر رفيعة المستوى تشكل عناصر الصفوة في صفوف اللاعبين، مثل أوزيل وسانشيز، الأمر الذي عكس طموحات كبيرة لدى القائمين على النادي. وعليه، فإن خسارة سانشيز بعد ثلاث سنوات له داخل النادي، عندما كان في الـ28 من عمره ولا يزال في أوجه، من شأنه البعث بإشارة مدمرة بخصوص النادي.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان مستقبله مع آرسنال يعتمد على ما إذا كان النادي سيعاود المشاركة في صفوف دوري أبطال أوروبا، قال سانشيز: «حسب الظروف. ما أود تحقيقه الآن إنجاز الموسم على نحو جيد ومحاولة التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا والفوز ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، ثم الجلوس مع مسؤولي النادي لاتخاذ قرار بشأن ما سأفعله. لقد سبق وأعلنت أنني وفينغر سنجلس سوياً لمناقشة ما سيحدث لاحقاً وما هو السيناريو الأفضل للنادي والأفضل بالنسبة لي. سنتحدث بهذا الشأن بمجرد انتهاء الموسم».