مؤتمر في مراكش يبحث آفاق التنقيب عن النفط والغاز بالمغرب

في سياق الدينامية التي يشهدها ورش الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز بالمغرب، افتتح يوم أمس بمراكش مؤتمر دولي، يهدف إلى تبادل وجهات النظر بين المهتمين ومختلف الفاعلين في القطاع، قاريا وعالميا، لتحديد فرص الاستثمار ومتابعة المشاريع في جميع مراحل الأنشطة البترولية والغازية بالمملكة.
ويعرف اللقاء، الذي ينظم، على مدى يومين، من طرف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن بالمغرب، بشراكة مع شبكة البحث الدولية «إي آر إن»، مشاركة وزراء وممثلي مجموعة من الدول الأفريقية، فضلا عن شركاء المكتب الدوليين، العاملون في مجال الاستكشاف والتنقيب.
وتحول المغرب إلى وجهة مفضلة فيما يتعلق بالأنشطة الاستكشافية في مجال الهيدروكاربورات التقليدية وغير التقليدية، حيث عرفت السنوات الأخيرة إقبالا غير مسبوق وتوافدا متزايدا للشركات البترولية، وذلك بفضل استراتيجية ترويجية استباقية، فضلا عن إطار تنظيمي ومؤسساتي وضريبي يعتبر من الأكثر جاذبية في العالم، بالإضافة إلى جيولوجيا إيجابية. وتقوم، حاليا، شركات عالمية كبرى، بينها شيفرون وبريتش بتروليوم وكوسموس وكيرن إينرجي، بعمليات تنقيب تغطي أغلب الأحواض الرسوبية للمملكة.
وتعمل بالمغرب 34 شركة تنقيب، في إطار 131 رخصة استكشاف برية وبحرية، وخمسة عقود دراسات استطلاعية، وتسعة امتيازات استغلال، وثلاثة مذكرات تفاهم، بالإضافة إلى عقود أخرى قيد التفاوض.
وتوقفت كلمتا عبد القادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وأمينة بنخضراء، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، في افتتاح المؤتمر، عند السياق الجيوسياسي العالمي المتحول، مع إبراز الحالة المغربية المتسمة بالاستقرار، والتي ساهمت في الرفع من جاذبية البلد وتزايد إقبال كبرى الشركات العالمية على التنقيب عن النفط والغاز في المملكة.
وسجلت بنخضراء أن المغرب قام، على مدى الـ15 سنة الماضية، بتفعيل استراتيجية تنموية شاملة ومتوازنة، وذلك من خلال القيام بإصلاحات عميقة تهدف إلى ترسيخ دمقرطة البلاد، وكذا تحديث مجالات مختلفة، تشمل الفلاحة والسكن والبنية التحتية والسياحة والصناعة والفوسفات والماء والطاقة، ضمن استراتيجية واضحة.
من جهته، توقف عمارة عند السياق الجيوسياسي الدولي الذي يبرز كشرط محدد للسوق البترولية والغازية الدولية، الشيء الذي ينعكس على الاستثمارات المتعلقة بالتنقيب والإنتاج، والتي ناهزت 694 مليار دولار في 2013، مسجلة نموا بما يزيد على 11 في المائة مقارنة بـ2012.
واستعرض عمارة الخيار الديمقراطي ودولة الحق والقانون، والانفتاح الاقتصادي الذي يعرفه المغرب، حيث مكنت سرعة الإصلاحات المؤسساتية والاستقرار السياسي من تحقيق تقدم مهم في عدد من المجالات، الشيء الذي ساهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي بلغت في 2013 أكثر من أربعة مليارات دولار.
ومرافقة لدينامية الاستكشاف والتنقيب، قال عمارة إن «بلاده ستحدث في الأيام المقبلة لجنة تضم ممثلين عن عدد من الوزارات المعنية، على رأسها المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، تكون مهمتها تحديد المسالك الممكنة لتطوير ومرافقة مشاريع الاستكشاف والتنقيب، والإنصات إلى شركات الاستكشاف والتنقيب، بشكل يساعد على تقديم مقترحات فعالة يعهد للوزارة الوصية بأمر متابعة تفعيلها».
وفيما يتعلق بتحديد اتجاهات الاستكشافات المستقبلية، رأت بنخضراء أن ذلك يمر من خلال ثلاثة محاور رئيسة، هي، أولا، «الفرصة»، المرتبطة بتوفر الموارد والتكنولوجيا الجديدة؛ وثانيا، «القدرة»، من حيث التوفر على القدرة البشرية بهدف المسايرة والتعامل مع عالم متكامل ومعقد من العلم والصناعة المتطورة؛ وثالثا، «الشراكة» المناسبة المرتكزة على الاستمرار والمثابرة والتعاون والنزاهة.
ولاحظت بنخضراء أنه، في ظل تنامي الاحتياجات السكانية والصناعية، فإن الطلب على الطاقة الأولية في المغرب سيعرف نموا ملحوظا سيصل إلى ثلاثة أضعافه، بحلول سنة 2030، كما سيرتفع الطلب على الكهرباء ليبلغ أربعة أضعافه. ولتلبية حاجات المغرب المستقبلية، تضيف بنخضراء، «قد ارتكزت الاستراتيجية الطاقية الجديدة، المعتمدة منذ 2009، على خمسة محاور أساسية، تشمل تأمين مصادر التزويد وتنويعها بمختلف أنواع الطاقة المقبولة اجتماعيا وإيكولوجيا؛ وتوفير الحصول على الطاقة لجميع شرائح المجتمع بأسعار معقولة؛ وإنعاش النجاعة الطاقية؛ وضمان التكامل الإقليمي من خلال دمج الطاقة ما بين الأسواق الأورومتوسطية وبلدان الجنوب؛ وتعبئة مصادر الطاقة المحلية والطاقة المتجددة، وكذا تكثيف التنقيب عن الهيدروكاربورات والصخور النفطية». وانتهت إلى أن «الأهداف الطموحة والواقعية، في آن واحد، من شأنها أن تؤدي إلى بناء مزيج طاقي متوازن يجمع ما بين الطاقة الأحفورية النظيفة والطاقات المتجددة». ولهذا الغرض، تضيف بنخضراء، «قام المغرب باتخاذ خيار الدعم الكامل لجلب الاستثمارات الخارجية في هذا المجال»، لذلك «يدعو جميع الفاعلين في مجال استكشاف النفط والغاز للاستفادة من موارده عبر شراكات مبنية على اقتسام التجارب ومرتكزة على أهداف ومساع مشتركة واحترام متبادل»، يجد أسباب جاذبيته في «اقتصاد متنام، استقرار اجتماعي وسياسي، بنية تحتية جيدة، أحواض واعدة غير مستكشفة، إطار تنظيمي وجبائي محفز، استراتيجية ترويجية تفاعلية مؤطرة من طرف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن».
وأكدت بنخضراء أن 2013 و2014 تمثل مرحلة غير مسبوقة في مجال التنقيب، حيث تم، خلال سنة 2013، إنجاز 5451 كلم مربع من المقاطع الاهتزازية ثلاثية الأبعاد و654 كلم من الخطوط الاهتزازية ثنائية الأبعاد وحفر أربع آبار وثمانية ثقوب، واستثمار 2.4 مليار درهم من طرف الشركاء، فيما تم، خلال السنة الحالية، إنجاز 11500 كلم مربع من المقاطع الاهتزازية ثلاثية الأبعاد و9245 كلم من الخطوط الاهتزازية ثنائية الأبعاد وحفر 27 بئرا مع استثمار خمسة مليارات درهم من طرف الشركاء. كما تحدثت عن الإمكانيات الضخمة التي يتوفر عليها المغرب من الصخور النفطية، والتي تتجاوز 50 مليار برميل، فضلا عن الغاز الصخري، حيث أفضت عمليات الاستكشاف الأولية لهذه الموارد من الهيدروكاربورات غير الثقيلة إلى نتائج مشجعة».