ريمي غارد: حزين لسماع كلمات سيئة بحق فينغر

عندما يفكر المدير الفني لمنتخب فرنسا، ديديه ديشامب، في اختيار تشكيلة منتخب بلاده، فإنه سيكون في حيرة كبيرة من أمره، بسبب العدد الكبير من المواهب الشابة التي تتلألأ في سماء الكرة الأوروبية والمحلية خلال الموسم الحالي. وضمت آخر قائمة أعلن عنها ديشامب النجم الصاعد بسرعة الصاروخ، مهاجم موناكو، كيليان مبابي (18 عاماً)، ولاعب بورسيا دورتموند، المهاجم عثمان ديمبلي (19 عاماً)، ونجم موناكو، لاعب خط الوسط، توماس ليمار (21 عاماً)، ونجم باريس سان جيرمان، لاعب خط الوسط، أدريان رابيو (22 عاماً)، ولاعب وسط أولمبيك ليون، كورنتين توليسو (22 عاماً)، ومدافع موناكو الذي يعتبر أكثر مدافع صنع الأهداف في دوري الأبطال، بنجامين ميندي (22 عاماً)، ولاعب خط وسط موناكو، تيموي باكايوكو (22 عاماً).
وقد وصلت الأندية الفرنسية إلى مستوى متقدم في البطولات الأوروبية خلال الموسم الحالي، حيث بلغ موناكو الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا أمام يوفنتوس الإيطالي، كما وصل ليون للدور نصف النهائي للدوري الأوروبي أمام أياكس أمستردام الهولندي. ورغم تفوق باريس سان جيرمان على باقي الأندية الفرنسية من الناحية المادية، فإن منافسيه كونوا فرقاً متوازنة، واعتمدوا بصورة كبيرة على اللاعبين الشباب.
ويشاهد اللاعب الفرنسي الدولي السابق ريمي غارد نادي ليون من منظور وصفه بأنه «أكثر من مجرد مشجع». ويشعر غارد، الذي عاد للعيش في مدينة ليون مرة أخرى، بالفخر من مستوى النادي الذي مثله كلاعب ومدير فني ومدير لأكاديمية الناشئين. وقد لعب غارد دوراً كبيراً في ظهور لاعبين رائعين، مثل المهاجم ألكسندر لاكازيت، ولاعب خط الوسط نبيل فقير، وتوليسو، الذين أصبحوا محط أنظار كثير من الأندية الكبرى، جنباً إلى جنب مع المواهب التي رحلت بالفعل إلى أندية أخرى، مثل قلب الدفاع صمويل أومتيتي في برشلونة، والمهاجم أنتوني مارسيال في مانشستر يونايتد.
يقول غارد: «لقد ولد هذا الجيل قبل بضع سنوات. وقد أبالغ إذا قلت إنني كنت أتوقع أن يصل هؤلاء اللاعبون لهذا المستوى. يجب أن تكون الظروف مناسبة من أجل منح فرصة للاعبين الشباب، وقد كان النادي يواجه بعض المصاعب المالية لأنه كان يبحث عن تمويل لبناء الملعب الجديد. ونظراً لأنني قضيت بضعة أعوام في أكاديمية الناشئين، فقد كنت أعرف أن لدينا لاعبين شباباً جيدين للغاية، وكنت أثق فيهم تماماً».
وأضاف: «في فرنسا، دائماً ما يكون لدينا لاعبون مهاجمون ولاعبو خط وسط أكثر من المدافعين. وهناك كثير من اللاعبين في جميع ضواحي المدن الكبرى الذين لديهم مهارات كبيرة؛ إنهم يلعبون كرة القدم في الشوارع دون قواعد وقوانين صارمة، ولذا فهم ينمون مهاراتهم في المراوغة بصورة فطرية، وهو الشيء الذي لا يوجد بصورة كبيرة في الأندية. إنهم يمارسون كرة القدم كهواية، وليس كمهنة».
ويدرك أي نادٍ لديه لاعب واعد أنه سيواجه معركة كبيرة من أجل الحفاظ على هذا اللاعب، بسبب العروض الخارجية، والمنافسة الشديدة من جانب الأندية الكبرى على خطف المواهب الشابة. ويعترف غارد بأنه من الصعب تجاهل مثل هذه العروض، حتى لو كان من الأفضل بقاء مثل هذه المواهب الشابة لبعض الوقت حتى تنضج ويتطور مستواها. فكم عدد اللاعبين الذين سيلحقون بنجم مانشستر يونايتد أنتوني مارسيال، ويرحلون عن الدوري الفرنسي الممتاز؟ يقول غارد: «من الصعب للغاية أن ترفض العروض، عندما تكون لاعباً شاباً، حتى لو كنت تعشق النادي الذي تربيت بين جدرانه، فأنت دائماً ما تحلم بالانضمام إلى أكبر ناد في العالم. وعندما يأتي هذا اليوم، ويأتي مثل هذا العرض، فسيكون من الصعب للغاية أن تقاومه».
ويتوقع غارد أن يرى لاعب ليون الحالي، ألكسندر لاكازيت، الذي يتم عامه السادس والعشرين هذا الشهر، في أحد الأندية الكبرى قريباً، ويقول: «أرى أنه لاعب كبير جداً، وأشعر الآن أنه جاهز، ولديه من القوة ما يؤهله للعب في أي فريق. أنا أعرفه جيداً، وقد تطور مستواه كثيراً بسبب التزامه في كل حصة تدريبية. إنه يقود الفريق، ويساعده بشكل لا يصدق، خلال الموسم الحالي. إنه لم يغادر ليون من قبل، وأنا أعرف - كلاعب سابق في ليون - أنه عندما تترك المدينة للمرة الأولى، يكون الأمر صعباً للغاية. لو اختار النادي المناسب، والمدير الفني المناسب، وصبر عليه النادي الجديد بعض الشيء، فسيقدم أداء رائعاً».
ويتابع غارد تجربة مارسيال باهتمام كبير منذ رحيله إلى إنجلترا، ويقول: «إنه لاعب بحاجة إلى أن يكون أمامه تحد كبير، وهذه هي طبيعته دائماً. إنه لاعب موهوب للغاية، لكن يجب أن يتم دفعه للأمام باستمرار. وأرى أن مديره الفني الحالي يدفعه للأمام في بعض الأحيان لتقديم المزيد، وأنا لست مندهشاً لذلك. أنتوني لاعب هادئ للغاية، ويجب أن نعرف أن اللعب في ناد كبير، مثل مانشستر يونايتد، يختلف تماماً عن اللعب في فرنسا، لكني أعتقد أنه نجح في التكيف مع الأمر؛ إنه شخص رائع للغاية، يعشق المنافسة والتحدي، ولديه رغبة دائمة في تحقيق الفوز، لكنه متحفظ بعض الشيء. إنه لا يزال في الحادية والعشرين من عمره، وهي سن مبكرة لأن يكون نجماً لامعاً في ناد كمانشستر يونايتد. في بعض الأحيان، يكون اللاعب بحاجة إلى خبرات لاعبين آخرين، يتحدثون معه، ويدفعونه للأمام، ويقدمون له النصيحة».
ويتذكر غارد عندما انتقل إلى آرسنال، كلاعب لديه خبرة كبيرة برفقة النجم الفرنسي السابق باتريك فييرا، الذي كان في عامه العشرين، قائلاً: «كنت أكبره بعشر سنوات، وكان آرسين فينغر لديه فكرة رائعة تتمثل في أن يتعاقد مع لاعبين فرنسيين في الوقت نفس، حتى يكون من السهل عليهما التأقلم بسرعة على أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز، لا سيما بالنسبة لباتريك فييرا الذي كان في العشرين من عمره، ولم يكن يتحدث الإنجليزية على الإطلاق». ويؤمن غارد بأهمية أن يقتدي اللاعب الشاب بلاعب أكثر خبرة، وضرب مثلاً بحارس مرمى نادي ليون السابق، وتوتنهام الحالي، هوغو لوريس.
وأشار غارد إلى أنه بات من الصعب للغاية الآن على أي لاعب شاب أن يقاوم الإغراءات التي يتعرض لها، مضيفاً: «بات الأمر صعباً للغاية الآن، نظراً لأن هناك كثيراً من المغريات، مثل الأموال الطائلة التي يحصل عليها اللاعبون في سن صغيرة، والاهتمام الإعلامي الكبير، والضغوط الاجتماعية، وهو ما يجعل من الصعب الاستمرار في تحقيق النجاح. ويمر أي لاعب شاب بفترات صعبة في مسيرته الكروية، ويكون بحاجة ماسة في تلك اللحظات لشخص يقف إلى جواره، وينصحه. لذا يجب أن يتحلى اللاعب بعقلية قوية، وأن يكون لديه حياة أسرية مترابطة، وقدر جيد من التعليم، ثم يأتي بعد ذلك دور وكيل الأعمال».
وفي حين يتعلق باللاعب الفرنسي الشاب مبابي، الذي يقدم مستويات قوية للغاية الموسم الحالي، جعلته محط أنظار كثير من الأندية الكبرى في العالم، يقول غارد: «أقول له: ركز على كرة القدم فقط، ولا شيء غيرها، ولا تنسى أنك لا تزال في الثامنة عشرة من عمرك. ضع أمامك الهدف الذي كنت تسعى لتحقيقه منذ أن كنت طفلاً، وحاول أن تنسى أي شيء حولك عندما تكون داخل الملعب. يتعين عليك أن تدرك أنك حصلت على فرصة ثمينة للغاية لأنك تلعب في فريق جيد يلعب بجماعية كبيرة».
وأضاف: «إذا كان مبابي يلعب بشكل جيد، فيعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى أنه يلعب بجوار راداميل فالكاو، الذي يتحلى بخبرة كبيرة. إنه يلعب في فريق متوازن للغاية، وتحت قيادة مدير فني جيد. كرة القدم تتغير بسرعة هائلة، وكم رأينا لاعبين موهوبين بدأوا حياتهم بصورة رائعة للغاية، ثم اختاروا عدم التركيز على كرة القدم، وركزوا بدلاً من ذلك على الإعلانات، أو وسائل الإعلام، أو انتقلوا إلى أندية غير مناسبة في وقت غير مناسب. نصيحتي للاعب هي أنه يتعين عليه أن يركز دائماً، ولا ينسى أن لديه في موناكو حالياً جميع العوامل التي تؤهله لأن يكون لاعباً أفضل. وما زال لديه الوقت الكافي للاختيار، وتغيير كل شيء في حياته الكروية». وأضاف لاعب موناكو السابق: «إنه يذكرني حتى الآن بتييري هنري، وقد يكون أكثر نضجاً من هنري، عندما كان في المرحلة العمرية نفسها. وعندما تنظر إلى ما حققه هنري بعد ذلك في كرة القدم، تدرك أنه شيء مذهل».
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد كشفت عن أن مبابي أعطى موافقته من أجل انتقال محتمل إلى العملاق الإسباني ريال مدريد، وذلك بحسب ما كشفته، الجمعة، صحيفة «ماركا» الإسبانية، التي عنونت صفحتها الأولى بـ«يريد القدوم إلى ريال»، مع صورة للمهاجم، وتحتها تعليق كتبت فيه: «قال لاعب موناكو: نعم لنادي الـ(ميرينغي)»، أي: ريال مدريد. ولم تكشف الصحيفة الإسبانية عن مصدر معلوماتها، لكنها أكدت: «يريد اللعب للنادي الأبيض، وهذه هي الرسالة التي وصلت إلى ممثلي النادي الذين كانوا أيضاً على اتصال بعائلته للحديث عن الانتقال».
وأشارت «ماركا» إلى أن ريال يواجه منافسة شرسة على خدمات هذا المهاجم من أندية أخرى، مثل باريس سان جيرمان الفرنسي، أو مانشستر يونايتد، ما قد يجعل «الصفقة تتجاوز الـ100 مليون يورو»، محددة عدة أسباب ستدفعه إلى اختيار النادي الملكي، وأبرزها وجود مواطنه النجم السابق زين الدين زيدان في منصب المدرب. وسبق لزيدان أن كشف في مارس (آذار) الماضي أن مبابي كان قريباً من الانضمام إلى الفرق العمرية لريال «لكنه في النهاية انضم إلى موناكو»، مضيفاً: «إنه لاعب جيد، وما يحققه في هذا العمر يعتبر مذهلاً».
وشق مبابي طريقه إلى النجومية في الأشهر القليلة الأخيرة، منذ أن بدأ المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم الاعتماد عليه كأساسي في تشكيلة موناكو، ابتداء من يناير (كانون الثاني) الماضي، وقد سجل 24 هدفاً هذا الموسم في جميع المسابقات، بينها 5 في 4 مباريات خاضها في الأدوار الإقصائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا، حيث وصل فريقه إلى نصف النهائي (خسر الأربعاء ذهاباً أمام يوفنتوس الإيطالي، صفر / 2، على أرضه). وتتسع دائرة المقارنة بين مبابي ومواطنه تييري هنري، لا سيما أن الأخير بدأ مسيرته في موناكو أيضاً، قبل أن يحقق نجاحاً واسعاً في إنجلترا مع آرسنال اللندني.
وهناك من يرى ضرورة لبقاء مبابي في موناكو، لأن الوقت ليس ملائماً لانتقاله إلى ناد أوروبي كبير. ودعت مواقع إلكترونية متخصصة بكرة القدم اللاعب إلى «ألا يقوم بما قام به (مواطنه المهاجم أنتوني) مارسيال!»، الذي انتقل صيف عام 2015 إلى مانشستر يونايتد وهو في التاسعة عشرة من عمره. واعتبر موقع «غول دوت كوم» الكروي أنه «من الأفضل» لمبابي البقاء حالياً في موناكو، متصدر الدوري الفرنسي، وعدم الانتقال إلى أحد الأندية الكبرى في أوروبا، لئلا يكرر تجربة مارسيال، الذي عاش موسماً أول رائعاً مع مانشستر، إلا أنه يعاني حالياً لفرض نفسه. ويمتد عقد مبابي مع موناكو حتى يونيو (حزيران) 2019، وينصب تركيزه حالياً على قيادة نادي الإمارة إلى لقبه الأول في الدوري الفرنسي منذ 17 عاماً، ومحاولة تعويض خسارة ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما يحل مع فريقه ضيفاً على يوفنتوس، يوم الثلاثاء.
وقد زار غارد إنجلترا الأسبوع الماضي، وتذكر كثيراً من المواقف التي تعرض لها في هذا البلد. وأحيت هذه الزيارة رغبة غارد في العودة إلى إنجلترا مديراً فنياً مرة أخرى، رغم تجربته التي لم تنجح مع نادي أستون فيلا، التي لم تستمر سوى بضعة أشهر. يقول غارد: «كنت أتمنى أن تستمر تلك التجربة أكثر من ذلك، لكن هذه هي كرة القدم. والآن، لا أفكر سوى في العودة لهذا البلد للعمل مرة أخرى، لأظهر أنه يمكنني أن أكون مديراً فنياً هنا. أنا أحترم هذا النادي، خصوصاً الجمهور الذي كان دائماً يقدم الدعم للفريق، وسأكون سعيداً للغاية أن أرى أستون فيلا مرة أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز».
وذهب غارد لمشاهدة إحدى مباريات نادي آرسنال، الذي يتعرض مديره الفني الفرنسي آرسين فينغر لانتقادات كبيرة بسبب سوء نتائج الفريق في الآونة الأخيرة. وعن ذلك، يقول غارد: «فينغر شخص رائع، ومن الصعب أن أتخيل انتهاء عمله مع الفريق، ولا أعرف متى يمكن أن يحدث ذلك، لكن ما يمكنني أن أقوله هو أنه كان مصدر إلهام بالنسبة لي، سواء في الإدارة أو في الحياة بشكل عام. أنا حزين لسماع تلك الانتقادات والأخبار السيئة بشأنه، لأنه كرس آخر 20 عاماً من حياته للنادي الذي يعشقه». وأضاف غارد أن الغالبية العظمى من منتقدي المدير الفني الفرنسي لا يفهمون شيئاً عن الضغوط التي يتعرض لها المدير الفني، متابعاً: «إنها مهنة لن يفهمها من لم يمارسها. وتأتي المشكلات من زوايا مختلفة، ومن جميع الاتجاهات، ولكننا نحب هذه المهنة بسبب الصعوبات التي تنطوي عليها. ومع ذلك، يشعر المدير الفني بإحساس رائع عندما يفوز في مباراة، أو يفوز ببطولة، أو يصعد لاعباً صغيراً إلى الفريق الأول، ويساعده على التألق».