مؤتمر الأطراف المانحة لمساعدة الفلسطينيين في بروكسل اليوم

تبحث لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة في اجتماع تعقده في بروكسل، اليوم، تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية لدى السلطة الفلسطينية. وقال مسؤول فلسطيني في تصريحات للإعلام الأوروبي، إن مبعوث الرئيس الأميركي للاتفاقيات الدولية، جيسون غرينبلات، سيشارك في الاجتماع وسيلقي كلمة باسم الولايات المتحدة.
وترأس النرويج لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة، ولكن اجتماع بروكسل سيكون في استضافة المنسقة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني. ويأتي الاجتماع غداة لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وسيقدم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة واللجنة الرباعية والسلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، تقارير إلى الاجتماع تقيّم الوضع الاقتصادي الفلسطيني. وحسب مصادر إعلامية، من غير المتوقع الإعلان عن مساعدات مالية خلال الاجتماع، ولكن سيجري توجيه الدعوة إلى الدول المانحة العربية والغربية لتسريع تقديم الدعم للفلسطينيين.
ويذكر تقرير جديد للبنك الدولي، أن تأثير المساعدات الأجنبية والاستثمارات وحدهما على الاقتصاد الفلسطيني، سيكون محدوداً إذا لم تصاحبهما تغيُّرات ملموسة على أرض الواقع.
ويلزم حدوث تحوُّل جذري في نهج كل الأطراف للخروج من الحلقة المفرغة للنمو الاقتصادي الذي يقترب من حالة الركود، واستمرار أوجه عدم اليقين التي تحيط بالأوضاع السياسية. فقد يجعل هذا المساعدات الأجنبية ذات تأثير مُحفِّز أكبر. وعلاوةً على ذلك، أطلق التقرير دعوة من أجل التغلُّب على المخاطر المباشرة الناجمة عن الركود الاقتصادي الذي قد يعرض التوازن الاجتماعي للخطر، وذلك بتهيئة الظروف المواتية لتحقيق نمو مستدام.
وتعقيباً على التقرير، قالت مارينا ويس، المديرة القطرية للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: «الاقتصاد الفلسطيني عاجز عن خلق الوظائف وإدرار الدخل. وثلث الفلسطينيين عاطلون عن العمل، وأكثر من نصف الشباب في غزة بلا عمل، وهي على حافة كارثة إنسانية. وهذا الوضع الحرج ليس في مصلحة أحد. ويلزم بذل جهود مُنسَّقة من جانب كل الأطراف لإحداث تغيُّر حقيقي على أرض الواقع، وتعزيز النمو الاقتصادي، وبعْث الأمل والتطلُّع لمستقبل أفضل في نفوس الفلسطينيين، لا سيما الشباب».
وفي مواجهة تناقص مساعدات المانحين، أورد التقرير عدداً من التوصيات بشأن السياسات، لتحسين الظروف الاقتصادية وإرساء الأسس اللازمة لنمو مستدام، مؤكداً على أنه في ضوء وجود فجوة تمويل مقدارها 800 مليون دولار، يجب على السلطة الفلسطينية العمل على معالجة الإنفاق الحكومي على مدفوعات الرواتب ومعاشات التقاعد، وتحسين مستويات تحصيل الإيرادات، من خلال النظام الضريبي المحلي.
ودعا التقرير كذلك، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لتحسين مناخ الاستثمار والقدرة على المنافسة، ومساعدة الشركات الجديدة على دخول السوق. ومن الضروري لتعزيز نمو القطاع الخاص وقدرته على خلق الوظائف، تخفيف القيود الإسرائيلية على التجارة الخارجية، وتيسير الوصول إلى الموارد في المنطقة «ج»، وفتح طرق الوصول إلى غزة.
وفضلاً عن ذلك، تعثَّرت الجهود الرامية إلى التغلُّب على خسائر المالية العامة، فيما يتصل بالضرائب التجارية الفلسطينية، التي تقوم بتحصيلها إسرائيل، ولا تحولها بانتظام إلى السلطة الفلسطينية كما تقضي الاتفاقات القائمة بين الجانبين.
ويرى التقرير أنه إذا أجرت السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية تغييرات على أرض الواقع، فإن تأثير مساعدات المانحين سيزيد زيادة كبيرة، وسيكون من الضروري الحصول على دعم إضافي من المانحين للمساعدة في تصحيح أوضاع المالية العامة للسلطة الفلسطينية، والمساعدة بأنظمة تمويل مبتكرة للتخفيف من المخاطر السياسية وزيادة استثمارات القطاع الخاص.
ونظراً للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد بالفعل، فإن التقرير يُركِّز أيضاً على قطاع الطاقة، بوصفه عاملاً مهماً في النمو الاقتصادي. فالعجز عن تلبية احتياجات الكهرباء الحالية، مع الطلب المتزايد على الطاقة الذي يبلغ معدل نموه 3.5 في المائة سنوياً حتى عام 2030 يُنذر بكارثة إنسانية واقتصادية.
وستكون استثمارات القطاع الخاص ذات أهمية حيوية لتلبية احتياجات الطاقة في المستقبل. بيد أن هذه الاستثمارات لن تتحقَّق إذا لم تعمل السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية على خلْق بيئة مناسبة ومواتية. وقالت ويس: «في أي اقتصاد سليم، تدعم الطاقة النشاط الصناعي والنمو الاقتصادي، لكن غزة تعاني من انقطاع التيار الكهربائي كل ثماني ساعات لمدة مماثلة (وفقاً لجدول 8 ساعات وصلاً، مقابل أخرى للقطع). وخلال فترات الذروة في فصلي الصيف والشتاء يجري على نحو متزايد تقنين إمدادات الكهرباء النادرة لتقتصر على أربع ساعات في أوقات النهار».
وفي الآونة الأخيرة، أصبح هذا الوضع هو القاعدة وليس الاستثناء، إذ يظل أهالي غزة بلا كهرباء معظم ساعات اليوم. وخلق هذا أزمة إنسانية لسكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، بتأثيره على الخدمات الحيوية مثل المستشفيات والعيادات وإمدادات مياه الشرب والحياة اليومية للأسر.
يجب على السلطة الفلسطينية تنفيذ إصلاحات لضمان دفع مستحقات موردي الكهرباء، لأن ذلك سيُشجِّع القطاع الخاص على الاستثمارات الضرورية في توليد الكهرباء. وهذا أمر بالغ الأهمية في غزة للتشجيع على إنشاء خط مُحوِّلات عالي الفولتية من إسرائيل يُسهِم في تخفيف أزمة الطاقة.
ومن الأمور ذات الأولوية أن يُوقِّع الجانبان الاتفاق المؤقت لشراء الكهرباء من أجل تشغيل محطة كهرباء جنين (شمال الضفة الغربية). كما يمكن للحكومة الإسرائيلية تسهيل واردات الطاقة والمعدات إلى غزة وتسهيل الحصول على الأرض في المنطقة «ج» من أجل تحسين نقل الكهرباء واستغلال الطاقة الشمسية.