إسرائيل تحتفل بتأسيسها بإغلاق الضفة وتحويل تخومها إلى ثكنة عسكرية

كما في كل أيامها الاحتفالية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إغلاقا شاملا للضفة الغربية والحدود مع قطاع غزة، طيلة ثلاثة أيام، وفرضت حصارا إضافيا على مدينة القدس الشرقية المحتلة، وأحيائها القائمة وراء الجدار. وأغرقت شوارع الضفة وإسرائيل نفسها، بالقوات العسكرية وحرس الحدود والشرطة، وذلك بغية «تأمين الاحتفالات» التي تجري وفقا للتقويم العبري.
وخصصت السلطات الإسرائيلية، أمس، وهو اليوم السابق للذكرى، لطقوس إحياء ذكرى القتلى في الحروب الذين يقترب عددهم من 24 ألفا، ليكرس اليوم للاحتفال بـ«يوم الاستقلال». وعلى مدى النهار، تجول القادة الإسرائيليون لحكومة اليمين في مهرجانات الذكرى، مبرزين قوة الجيش العسكرية والنجاحات الاقتصادية، مهددين «من يفكر في محاربة إسرائيل»، و«مبشرين» شعبهم بحمل الحراب دائما وأبدا. وقال الرئيس رؤوبين ريفلين، خلال مشاركته في إيقاد شموع الذكرى، في ساحة حائط المبكى (البراق) في القدس الشرقية المحتلة: «إننا نتذكر في باحة حائط الأمل والدموع، في ذكرى 50 سنة لتحرير القدس (يقصد احتلال عام 1967)، أن حريتنا مقدسة، مقدسة وصعبة». وأضاف ريفلين: «الثمن الرهيب لوجودنا هنا يفرض علينا واجب الاهتمام، نهارا وليلا، أولا، بضمان أمن مواطنينا وأمن دولة إسرائيل، وثانيا بذل كل ما نستطيع من أجل ضمان سلامة جنودنا في تنفيذ مهامهم. علينا أن نكون أكثر استعدادا من المستعدين، وأكثر تميزا من المتميزين، وأن نفحص أنفسنا بشكل دائم، وعلى أهبة الاستعداد دائما، ومنشغلين ليس في منع الحرب المقبلة، وإنما في منع الحروب المقبلة بكل أداة وقناة متوفرة».
وفي المراسم، التي أقيمت قبل ذلك، في موقع آخر للذكرى، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن «إسرائيل ما كانت ستقوم لولا الضحايا. اليوم نحيي التعاضد المتبادل وشراكة المصير، التي تربط كل أجزاء الشعب بالعائلات الثكلى. هذا مصدر حقيقي، وإلى حد كبير مميز لدولة إسرائيل، لقوتها، مصدر مميز للحصانة والقوة». وأضاف نتنياهو: «نحن نقف كالسور المحصن أمام الأعداء، لا نظهر وهنا أو ضعفا، لا نتخلى عن السلاح. نحن نعرف أنه هكذا فقط سنصد الذين يكنون لنا السوء، الذين يرفضون تقبل وجودنا، وهكذا فقط سنحقق السلام مع جيراننا الذين يريدون السلام، وإلى جانب ذلك، نحافظ خلال هذه المعركة الطويلة على إنسانيتنا».
وقال وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، إن «إسرائيل لا تحظى بدعم من المجتمع الدولي في لحظة الحقيقة. هكذا كان في السابق، وهكذا يحدث في المستقبل. على إسرائيل أن تعرف كيف تدافع عن نفسها أمام كل تهديد. كلي أمل بأن يتم صد المبادرات الدبلوماسية المنافقة والمعادية لإسرائيل، بل والمعادية للسامية في قسم منها، والتي تطرح كل يوم في الأمم المتحدة والمؤسسات المختلفة وهدفها واحد: المس بشرعيتنا ومكانتنا الدولية».
وبالمقابل، حاولت مجموعات يسارية إقامة احتفالات بديلة، تتحدث عن السلام بدل الحرب، فهاجمهم نشطاء اليمين الإسرائيلي. وشارك في المراسم البديلة التي أقيمت في «هيخال شلومو» في تل أبيب، ونظمتها حركة «محاربون من أجل السلام»، ومنتدى العائلات الثكلى الإسرائيلية والفلسطينية، نحو 4 آلاف شخص. وتظاهر عشرات من نشطاء اليمين في الخارج، وشتموا المشاركين في المراسم إلى أن قامت الشرطة بتفريقهم.
وكان يفترض أن يشارك في المراسم 225 فلسطينيا، إلا أن إسرائيل رفضت منحهم تصاريح بالدخول، ولذلك عقدوا مراسم مقابلة في بيت جالا، تم بثها مباشرة إلى تل أبيب. وقال المنظمون، إن أعضاء الكنيست زهافا غلؤون، وميخال روزين، وعيساوي فريج، من حركة ميرتس، تعرضوا للهجوم والشتائم من قبل نشطاء اليمين الذين جاءوا لتخريب المراسم. وقال النائب عيساوي فريج معقبا: «من المؤسف جدا أن هذه المراسم، خلافا لسابقاتها، تجري من دون مشاركة الفلسطينيين، الذين منعهم ليبرمان من دخول إسرائيل. لكن ليبرمان ورفاقه لن ينجحوا بإسكات الناس في الجانبين الذين يحاربون من أجل المصالحة والسلام».
وفي كريات طبعون، هاجم نحو 30 متظاهرا، بعضهم كانوا ملثمين، المشاركين في المراسم البديلة التي تقام هناك للسنة الثانية على التوالي، بمشاركة منتدى العائلات الثكلى والمحاربين من أجل السلام. ودخل المتظاهرون إلى متجر «كارون هسفاريم» في بداية الأمسية وأعلنوا أن المراسم لن تجرى، وقامت الشرطة بتفريقهم، وتم عقد المراسم تحت حراسة أمنية مشددة. وقال أفي فين، مؤسس «كارون هسفاريم»، إن «المتظاهرين دخلوا بالقوة إلى المكان ودفعونا. لم نخف منهم، وقمنا بصدهم». وقال شريكه غلعاد ألون: «الناس الذين يجتمعون هنا، قلوبهم مفتوحة أيضا للمواطنين العرب سكان الدولة. نريد الإصغاء لهم ومقاسمتهم الواقع، من خلال الأمل بأن يخلق الحوار والتفاهم مستقبلا أفضل. بشكل مؤسف قامت مجموعة من الناس الذين لا يستطيعون الإصغاء والاحتواء، ولا يستطيعون السماح لمواطنين مثلهم بعقد مراسم بطرقهم، واستخدموا الطريقة الوحيدة التي يفهمونها - العنف». وقال النائب دوف حنين (القائمة المشتركة)، الذي شارك في المراسم البديلة في تل أبيب: «يؤسفني قيام العشرات بالتظاهر ضد المراسم. إنهم لا يفهمون مدى أهمية هذا الجهد، لترجمة ألم الفقدان والثكل إلى جهد مشترك من أجل بناء مستقبل آخر لأبناء الشعبين، مستقبل سلام».