14.8 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية خلال 3 أشهر

سجل القطاع العقاري السعودي خلال الربع الأول من العام الحالي انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة 33 في المائة، لتبلغ 14.8 مليار دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي التي تجاوزت حاجز 22.1 مليار دولار، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء. وأكد عقاريون لـ«الشرق الأوسط» أنه مهما تعددت أسباب انخفاض إجمالي قيمة الصفقات، إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تظل الأكثر تأثيراً على وجه الخصوص بحسب تسلسل نسبة الانخفاض منذ أن تم إقرارها.
وفي هذا الشأن، قال محمد العليان، الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، إن هناك انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات، إلا أن ما يميز الربع الأول من هذا العام أن هناك نزولاً ملحوظاً في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي من الزمن، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي.
وأضاف العليان أن «ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح، ونحن كعقاريين نرغب في انخفاض قيمة العقار لنتمكن من إعادة الحركة والتكسب من نشاط السوق، كما أن الخروج برأس المال حالياً يعتبر أمراً جيداً»، مفضلاً هذا السيناريو عن بقاء الحال «جامداً» نتيجة عزوف المشترين وتعنت البائعين. وأضاف العليان أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة، وقال: «التحركات الحالية ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع»، لافتاً إلى أن السوق بحاجة ماسة لمزيد من المشاريع السكنية التي ترغم الأسعار على الانخفاض.
هذا وأظهرت الاتجاهات السعرية قصيرة الأجل الربع سنوية لمتوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية، انخفاضاً سنوياً لجميع متوسطات الأسعار خلال الربع الأول من العام الحالي حتى نهاية مارس (آذار) الماضي، مقارنة بالربع الأول لعام 2016، جاء على النحو الآتي: انخفاض متوسط سعر العمائر السكنية بنسبة 31.9 في المائة، وجاءت البيوت السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 30.3 في المائة، وجاءت الفلل السكنية في المرتبة الثالثة بنسبة انخفاض 20.7 في المائة، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 16.4 في المائة، وبالمرتبة الأخيرة انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 1.0 في المائة كأدنى نسبة انخفاض.
من جانبه، أكد بندر التويم الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة، أن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية - التي باتت محدودة بشكل ملحوظ - يعكس حال السوق، مضيفاً أن «انخفاض الصفقات يوضح الحال الذي وصل إليه القطاع العقاري»، مبدياً تفاؤله بمستقبل السوق؛ خصوصاً أن هناك انخفاضاً للقيمة مدفوعاً بالحوافز الحكومية التي تتمثل في دخول وزارة الإسكان كمطور عقاري وإعلانها كمية من القروض العقارية التي ستمنح قريباً بالشراكة مع القطاع المصرفي.
وأضاف التويم: «ما أظهرته المؤشرات العقارية عن انخفاض في إجمالي قيمة الصفقات العقارية أمر ليس بجديد، كما أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف... وهو ما لن يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة». أما على مستوى عدد الصفقات العقارية خلال الربع الأول من العام الحالي، فقد سجل انخفاضا سنويا بلغت نسبته 3.5 في المائة، ليستقر عند أدنى من مستوى 63 ألف صفقة عقارية خلال الربع، مقارنة بنحو 65.3 ألف صفقة عقارية خلال الربع الموازي من العام الماضي. كما انخفض عدد العقارات المباعة بنهاية الربع الأول من العام الحالي بنسبة 5.5 في المائة، ليستقر بنهاية الربع الأول عند مستوى 65.9 ألف عقار مباع، مقارنة بنحو 69.7 ألف عقار مباع بنهاية الربع الأول من العام الماضي. أخيراً؛ انخفض إجمالي مساحات الصفقات العقارية المنفذة خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 17.7 في المائة.
من جانبه، أبان وليد الرويشد الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، بأن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، وقال: «رغم عدم ملائمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين، إلا أنه يعتبر بأن هناك بصيص أمل نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك»، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة، وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.