تعهدات مصرفية بتحسن مؤشرات الاقتصاد المصري

«الأسعار ستتراجع... وقادرون على الوفاء بالالتزامات... وهدفنا هو التشغيل». هذه كانت أبرز تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في مؤتمر اقتصادي شارك فيه أمس. وهذه التصريحات الواثقة المتكررة في الشهور السابقة، لم تمنع تراجع الجنيه إلى أقل من نصف قيمته في شهرين بين نوفمبر (تشرين الثاني) ويناير (كانون الثاني)، كما لم تمنع معدل ارتفاع الأسعار من الوصول لأعلى معدل منذ 70 عاماً، أو استقرار معدل البطالة عند معدل مرتفع (12.4 في المائة).
بلغ إجمالي التدفقات الدولارية لمصر منذ قرار تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر الماضي نحو 30 مليار دولار، تتضمن تنازلات المصريين عن الدولار، واتفاقيات التمويل التي أبرمتها مصر مع صندوق النقد وعدد من الدول، وفقاً لعامر الذي يرى في هذا الرقم أمراً كافياً للتأكيد على قوة الاقتصاد، وأشار إلى أن احتياطيات مصر من النقد الأجنبي في ارتفاع مستمر.
وارتفع احتياطي النقد الأجنبي بنحو 178 مليون دولار فقط خلال فبراير (شباط) الماضي ليصل إلى 26 ملياراً و541 مليون دولار مقابل 26 ملياراً و363 مليون دولار يناير الماضي. وشهدت احتياطيات النقد الأجنبي ارتفاعاً ملحوظاً خلال الشهور الأربعة الماضية عقب تحرير سعر صرف الجنيه، وموافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، تسلمت مصر فعلياً منها 2.75 مليار دولار، ولكن هذه الزيادة تعتمد كليا على القروض واتفاقيات التمويل التي أبرمتها مصر، خلال الفترة الماضية.
وأكد عامر أن مصر مستعدة لسداد ديون خارجية وفوائد تقدر بنحو 13 مليار دولار خلال عامي 2017 - 2018، وتتضمن الديون المستحق سددها خلال العام المقبل، قيمة الوديعة التي حصلت عليها مصر من السعودية بقيمة ملياري دولار خلال عام 2013، وملياري دولار وديعة من الإمارات، وملياري دولار وديعة من الكويت، بالإضافة إلى وديعة بقيمة ملياري دولار أيضاً حصلت عليها من ليبيا عام 2013، هذا بالإضافة إلى نحو 5.22 مليار دولار التزامات أخرى خلال العام الجاري، 2017، و6 مليارات دولار في 2019، و6.1 مليار دولار خلال عام 2020، ثم 3 مليارات دولار عام 2021.
وأشار عامر إلى أن «المركزي» يستند لتدفقات كبيرة واحتياطي قوي من النقد الأجنبي، ما سيساعده على الوفاء بتلك الالتزامات بشكل كبير، كما أضاف: «أستطيع أن أؤكد أنه لا توجد مشكلة تتعلق بالنقد الأجنبي في مصر بعد الآن»، بحسب عامر. وخلال المؤتمر أكد عامر أيضا أن البنك وضع التشغيل هدفاً أساسياً له بجانب هدف احتواء التضخم. ولكن الاتفاق المبرم بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي أوضح أن الحكومة لم تكن تتوقع هذا التدهور في معيشة المصريين، حيث لم يتوقع الطرفان خسارة الجنيه لنصف قيمته في شهرين، أو ارتفاع معدل التضخم السنوي ليتجاوز حاجز الـ30 في المائة، ما يضع المواطنين في حيرة، هل يصدقون تعهدات «المركزي» هذه المرة، أم عليهم توقع السيناريو الأسوأ خلال الفترة المقبلة؟