إسرائيل تبني جداراً مع غزة وتتوقع حرباً تشنها «حماس»

أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن قيادة الجيش والمخابرات، تستعد «بشكل هادئ ولكنه صارم»، للدخول في مواجهة عسكرية كبيرة أخرى مع «حماس» في قطاع غزة، قريباً. وشددت على أن سبب هذه الحرب، لن يكون اغتيال القيادي في حماس، مازن الفقها، في نهاية الأسبوع الماضي، بل الجدار الضخم حول قطاع غزة الذي ستباشر العمل فيه قريباً.
وقال ضابط كبير سابق بدرجة عميد، وهو يعد متخصصاً في شؤون قطاع غزة: «إنه وعلى الرغم من الصدى الذي تثيره عملية اغتيال الفقها، الذي خطط من غزة لعمليات في الضفة، فإن الحادث الاستراتيجي الملموس الذي يجب النظر إليه، هو ذلك الذي لم يحدث بعد. فإذا اندلعت حرب أخرى في القطاع، من المشكوك فيه أنها ستكون بسبب هذا الاغتيال، الذي تنسبه حماس إلى إسرائيل، وإنما الاحتمال الأكبر، هو أن تندلع بسبب (العائق) - المشروع الجوفي الضخم الذي يستهدف القضاء على الأنفاق. فهذا المشروع العائق، يفترض أن يوفر الرد القاطع على مشكلة الأنفاق. و(حماس) ترى فيه ضربة قاصمة لسلاحها الاستراتيجي، الأنفاق الهجومية». والمقصود بذلك، هو السور الذي تبنيه إسرائيل حول قطاع غزة من جهتي الشرق والجنوب (65 كيلومتراً). فهو يقوم على ارتفاع 8 أمتار فوق سطح الأرض وعشرات الأمتار تحتها، على امتداد الحدود مع قطاع غزة. وقد بدأ العمل هناك قبل أشهر عدة، ولكن على امتداد مئات من الأمتار فقط، وبشكل موضعي. ويتوقع أن يجري تسريع العمل بشكل ملموس في فترة الصيف، بواسطة مئات الآليات الهندسية الخاصة، التي ستحتم توفير حماية كبيرة من قبل الجيش لها. وستعمل هذه الآليات في أكثر من 40 نقطة في آن واحد، كما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي ايزنكوت، خلال النقاش الذي جرى في لجنة مراقبة الدولة البرلمانية، في الأسبوع الماضي. وتصل تكلفة العائق إلى 3 مليارات شيقل، بالإضافة إلى 1.2 مليار شيقل أخرى جرى استثمارها في تطوير حلول تكنولوجية لكشف الأنفاق (الدولار الأميركي يعادل 3.63 شيقل).
ويسود تقدير لدى قيادتي الجيش والمخابرات الإسرائيليين، بأن العمل في هذا الجدار سينتهي بعد عامين، وبانتهائه سيضمن بشكل كامل، منع امتداد الأنفاق إلى إسرائيل. وهكذا ستواجه «حماس» معضلة لم يسبق لها مواجهتها؛ كيف تعمل حين يجري تجريدها من القدرات الاستراتيجية، التي قامت ببنائها بشق الأنفس وبتضحيات كبيرة وبثمن باهظ طيلة سنوات، من أجل تقليص القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي؟
وحسب الضابط المذكور، فإن «حماس» تدرك أن هذا الجدار سوف يغير شروط اللعبة تماماً. لذلك، يقدرون في إسرائيل، عدم تسليم «حماس» بهذه الحقائق، ويقولون إنها ستحاول عرقلتها منذ بدايتها، من أجل منع إقامة العائق، حتى بثمن خروجها لجولة أخرى من الحرب أمام إسرائيل.
ويضيف الضابط: «من وجهة نظر محمد ضيف ويحيى سنوار، فإن الحرب من دون الأنفاق ليست واردة في الحسبان. ولذلك، وعلى الرغم من المقولات المبررة في الجهاز الأمني الإسرائيلي، حول الردع الناجح منذ الجرف الصامد، يجب على الجيش الاستعداد لإمكانية وقوع جولة أخرى في الصيف المقبل. ويجب أن يجري هذا الاستعداد، من خلال استخلاص كل الدروس التي طرحت في تقرير مراقب الدولة، والتركيز بشكل خاص، ليس على معالجة الأنفاق فقط، وإنما على الجبهة الداخلية في غلاف غزة، التي تعتبرها حماس «البطن الضعيفة لإسرائيل».
من جهة أخرى، أفادت مصادر إعلامية متخصصة في الشؤون العسكرية، بأن ثمة نقاشات حادة، حتى داخل الجيش الإسرائيلي، حول جدوى الجدار. ويقول المعارضون، إن «حماس» غير معنية بالحرب. وهي تحافظ بقوة على التهدئة، ولا تتردد في قمع معارضيها من السلفيين المتشددين. ومنذ عملية «الجرف الصامد» في صيف 2014، أحصى الجيش الإسرائيلي نحو 40 حادث إطلاق للنار، فقط، وهذا وضع مثالي. وحتى بعد اغتيال الفقها في نهاية الأسبوع، يسود الاعتقاد بأن «حماس» ستحاول الرد بعملية في الضفة، لكنها ستمتنع عن الرد بإطلاق صواريخ من القطاع. «حماس» تفضل الحفاظ على الهدوء في القطاع من أجل تثبيت سلطتها. وبعد هذا كله، وعلى الرغم من النجاح المتوقع للعائق في إحباط الأنفاق القائمة، وصد تلك التي يمكن حفرها في المستقبل، ينبغي السؤال ما إذا كان يتوجب على إسرائيل والجيش، استثمار 4.2 مليار شيقل أمام تهديد الأنفاق، الذي وصفه رئيس الأركان بالخطير، لكنه تكتيكي وليس استراتيجياً، أم لا.