جامعات وشركات أميركية تخشى هروب منتسبيها بسبب ترمب

لا تتدخَّل الجامعات والشركات الأميركية عادة في القرارات السياسية التي تصدر في واشنطن، إلا في مواضيع تهمها. ورغم أن شريحة من الأميركيين أيَّدوا قرار الرئيس دونالد ترمب بمنع دخول مواطني دول إسلامية معينة إلى الولايات المتحدة، عارَضَتْه جامعات وشركات عملاقة كثيرة، خصوصاً في مجال العلوم والتكنولوجيا.
ومن جانبها، نشرت «سي أند آي إن» (أخبار الكيمياء والهندسة)، التابعة للجمعية الكيماوية الأميركية، بياناً عن هذا الموضوع، وكان نشر البيان واحداً من مرات قليلة تتدخل فيها الجمعية في مواضيع سياسية، لأن أكثر أخبارها علمية. بل إن نشر الأخبار، نفسه، مجال صغير في عالم الكيمياء والهندسة وغيرهما من العلوم. ويبلغ عدد أعضاء الجمعية 160 ألف شخص. ويوضح هذا، أيضاً، أهمية الموضوع.
وقال البيان: «وقع الرئيس دونالد ترمب أمراً تنفيذياً ثانياً لوقف الهجرة من ست دول إسلامية في أكثريتها... ودفعت هذه الخطوة طلاب الدراسات العليا الأجانب والباحثين في برامج ما بعد الدكتوراه في الولايات المتحدة للبدء في النظر في دول أخرى بحثاً عن التعليم، والتدريب، وفرص العمل»، وأضاف: «تعتمد برامج العلوم والهندسة في الدراسات العليا في الولايات المتحدة بشكل كبير على طلاب دوليين» (من خارج الولايات المتحدة)... وأعرب هؤلاء الطلاب عن قلقهم بسبب الإجراءات والتصريحات الحكومية عن دخول الأجانب إلى الولايات المتحدة. وأعرب أساتذة في جامعات عن قلقهم أيضاً، وقالوا إن التضييق على دخول الطلاب الأجانب يعرقل منافسة الجامعات الأميركية لجامعات أخرى خارج الولايات المتحدة.
واستطرد البيان: «حتى طلاب من غير الدول الست التي حظرت الحكومة دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة قالوا إنهم صاروا يحسون بعدم استقرار في الولايات المتحدة. وصاروا يبحثون عن فرص في جامعات في دول أخرى».
وفي عام 2015، أصدرت المؤسسة الوطنية للعلوم (إن إس إف)، شبه الحكومية، تقريراً عن الموضوع، قالت فيه إن 45 في المائة من طلاب الدراسات العليا في الجامعات الأميركية في مجالَي العلوم والهندسة طلاب أجانب، دخلوا الولايات المتحدة بتأشيرات إقامة مؤقتة للدراسة.
هذا بالإضافة إلى الموجودين بتأشيرات مؤقتة للعمل، وهم عادة طلاب أكملوا شهادة الدكتوراه، أو ما بعد الدكتوراه، ثم مددوا إقامتهم في الولايات المتحدة للعمل. وينتشر هذا النوع من الطلاب في شركات وجامعات علمية، خصوصاً في مجالات مثل الهندسة والكومبيوتر والطب.
وقبل نحو أسبوعين، نشرت صحيفة «هافنغتون بوست» الإلكترونية رأياً كتبه جون ريتشارد، أستاذ في الهندسة في جامعة امبوريا (ولاية كنساس) عن الموضوع ذاته.
وأشار إلى طالبة سعودية (لم يذكر اسمها)، قال إنها «أبهرتني بذكائها عندما حصلت منها على إجابة صحيحة في وقت قصير».
وكتب: «السعودية». وطُلِبت منها ذكر صيغة معادلة الجبر لإنتاج كمية معينة من سائل معين نسبة الكحول فيه 70 في المائة من كمية أخرى نسبة الكحول فيها 90 في المائة. وخلال ثوانٍ، اتَّجهت إلى السبورة، وكتبت بسرعة الصيغة الدقيقة للكمية المطلوبة.
وأضاف ريتشارد: «سؤالٌ كهذا قد يستغرق دقيقةً أو اثنتين من أي خريجٍ أميركي. وربما لن يقدر أي واحد على الإجابة الصحيحة. لهذا، سألتُ الطالبة السعودية: (متى تعلمتِ الجبر لأول مرة؟)، وأجابت: (في الصف الرابع أو الخامس). ابتسمت لأن هذه هي الفترة التي يبدأ فيها الطلاب الآسيويون أيضاً دراسة الجبر».
وقال: «بينما تقول المجالس التعليمية للولايات (هيئات تساعد في وضع السياسة التعليمية)، إنَّ دماغ الطفل لا يتطور بما فيه الكفاية لاستيعاب الجبر حتى مرحلة المدرسة الثانوية».
حسب مجلة «كرونيكلز أوف هاي إيديوكيشن» (تسجيلات التعليم العالي)، بين عامي 1985 و2015، زاد عدد الطلاب الأجانب الذين يحصلون على الدكتوراه في علم الأحياء من الجامعات الأميركية من 934 طالباً إلى 3262 (أي من نسبة 16 في المائة إلى 26 في المائة). وتوجد، في هذا المجال، فجوة كبيرة بين الطلاب الأميركيين والطلاب الأجانب، بسبب وجود معظم الطلاب الأميركيين في العمل الميداني، ومعظم الطلاب الأجانب داخل المختبرات.
وفي عام 1985، كان عدد الطلاب الأجانب في كليات الهندسة الأميركية الذين حصلوا على دكتوراه 1423 طالباً، 42 في المائة من الحاصلين عليها. وفي عام 2015، ارتفع العدد 5122 طالباً، 52 في المائة منهم.
عن هذا قال ريتشارد: «لو دخلت الآن أحد فصول دراسة الهندسة في الجامعات الأميركية ستجد أنَّ أغلبية الموجودين هم من الطلاب الأجانب»، وأضاف: «اطلب، في حماقة خيالية، أن يغادر البلاد جميع العلماء المولودين خارج الولايات المتحدة. أؤكد أن العلوم في أميركا ستنهار».