رحيل كانتي ليس السبب الوحيد وراء سقوط ليستر سيتي

خالج الكثيرين الاعتقادُ بأن الحظ تخلى عن نغولو كانتي لفقدانه فرصة الحصول على جائزة فردية بقراره الرحيل عن ليستر سيتي نهاية الموسم الماضي. والمؤكد أن إسهام كانتي في مجمل أداء ليستر سيتي كان هائلاً، حتى وإن لم يكن لافتًا للأنظار على ذات النحو الذي تميزت به الأهداف التي أحرزها جيمي فاردي فأصبح هداف الفريق في ذلك الموسم، أو بالإبهار الذي جاء به أداء رياض محرز في دوره الداعم لرفاقه مما أسفر عن اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي بالموسم الماضي.
هذه المرة، تبدو ثمة فرصة سانحة أمام لاعب خط الوسط الفرنسي لنيل قدر أكبر من التقدير والعرفان بجهوده، ليس فقط لأن فوز تشيلسي بالدوري الممتاز سيمنحه ثاني ميدالية فردية للموسم الثاني على التوالي كعضو في الفريق الفائز بالبطولة، أو لأن صفقة انتقاله إلى تشيلسي مقابل 32 مليون جنيه إسترليني تبدو مربحة للغاية، وإنما كذلك لأن ليستر سيتي يواجه خطرًا وشيكًا يتمثل في الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية (تشامبيون شيب في الدوري الإنجليزي). جدير بالذكر أن كانتي كان العضو الوحيد البارز في فريق المدير الفني كلاوديو رانييري الحائز على البطولة الذي قرر الرحيل عن صفوف النادي الصيف الماضي - وانظروا حجم الاختلاف الذي خلقه رحيله! في الواقع، يبدو لاعب خط الوسط الآخر، داني درينكووتر، تائهًا من دونه.
أما المدافع الجامايكي ويس مورغان وقلب الدفاع الألماني روبرت هوث، فقد بدا عليهما الإرهاق وأمارات التقدم في العمر. وبينما من الصعب الربط على نحو مباشر بين غياب كانتي وتراجع أعداد الأهداف التي سجلها فاردي ومحرز هذا الموسم، يبدو واضحًا للعيان أن ليستر سيتي فقد عنصر استقرار مهمًا في صفوفه في الوقت الذي فاز به تشيلسي.
إذن، فإن تشيلسي يستحق التهنئة لما أبداه في فطنة في تحركاته داخل سوق الانتقالات، حتى وإن كانت هذه الصفقة الناجحة لم تأتِ بثمن زهيد. والآن، ماذا عن ليستر سيتي؟ إذا ما هبط النادي، الأمر الذي يبدو احتمالاً مطروحًا في الوقت الراهن رغم نفي حارس المرمى كاسبر شمايكل ذلك خلال عطلة نهاية الأسبوع وتأكيده أن مثل هذه الاحتمالية «غير مقبولة»، فهل يمكن اعتبار رحيل كانتي السبب وراء تحول قصة نجاح رائعة إلى سقوط مدوي باتجاه الهبوط؟ هل يمكن حقًا للاعب واحد صنع مثل هذا الفارق الهائل؟
على ما يبدو، هذا ما يعتقده بالفعل كثير من متابعي ليستر سيتي، تبعًا للتعليقات المنشورة على موقع «الغارديان» في أعقاب هزيمة ليستر سيتي أمام ميلوول السبت الماضي وتوديعه كأس إنجلترا وقبلها الهزيمة أمام بيرنلي في مسابقة الدوري. ويرى القراء أن كانتي أكثر اللاعبين الذين كان ينبغي على ليستر سيتي بذل أقصى مجهود ممكن للاحتفاظ بهم، باعتباره يشكل أساس الاستقرار الدفاعي بالفريق، ومنصة انطلاق كثير من هجمات الفريق، وأنه الآن يضع المهارات ذاتها في خدمة تشيلسي.
المؤكد أن الجزء الأخير صحيح تمامًا، ذلك أن كانتي بجوار إدين هازارد ودييغو كوستا داخل صفوف تشيلسي يبدو على المستوى ذاته المبهر من الأداء الذي قدمه إلى جوار محرز وفاردي في ليستر سيتي الموسم الماضي. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا: هل من الممكن حقًا أن يكون سقوط ليستر سيتي من بطل الدوري الممتاز إلى فريق مهدد بالهبوط نتيجة لخسارة لاعب واحد فحسب؟
بديهيًا، يساور المرء الشك حيال هذه الفرضية، وفيما يلي الأسباب الكامنة وراء هذا الشك. أولاً: كرة القدم بطبيعتها لعبة جماعية، فالأمر دومًا يتعلق بـ11 لاعبًا، أو أحيانا 9 أو 10 لاعبين بجانب لاعب آخر وحيد لا يبدي أدنى فاعلية داخل الملعب - إلا أنه لم يحدث أبدًا في تاريخ كرة القدم أن استقر حمل المسؤولية بأكمله على كاهل لاعب وحيد، بينما وقف 10 لاعبين آخرين في موقف المتفرج. وينبغي لك، عزيزي القارئ، أن تطرح على نفسك السؤال التالي: لو كان كانتي تعرض للإصابة الموسم الماضي وتغيب عن بعض المباريات، هل كان ليستر سيتي ليخسر لقب بطل الدوري الممتاز مع تحوله إلى الصورة الباهتة التي يبدو عليها هذا الموسم؟ من الصعب تخيل حدوث ذلك.
ثانيًا: نجح ليستر سيتي من دون كانتي في الوصول إلى دور الـ16 ببطولة دوري أبطال أوروبا، ما يعني أن الفريق كان بمقدوره تقديم أداء جيد في غياب البطل الأوحد، حتى مع الوضع في الاعتبار أن المجموعة التي شارك فيها ليستر سيتي لم تكن من بين المجموعات الأصعب. في الواقع، نجح ليستر سيتي في تقديم أداء لائق خلال المباريات التي خاضها بأوروبا، في مقابل بعض المباريات في الدوري الممتاز الذي قدم خلالها أداء وصفه شمايكل بالمثير للشعور بالحرج.
وبغض النظر عما إذا كان ليستر سيتي يتعمد بالفعل هذا الموسم انتقاء المباريات التي يقدم أداء جادًا فيها، وما إذا كان لاعبوه، دون وعي منهم، أعطوا المواجهات الأوروبية أولوية وتكبدوا داخل جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز ثمن انشغالهم عن البطولة المحلية، فإن الحقيقة تبقى في كل الأحوال أن بعض النتائج التي قدمها الفريق مع غياب كانتي كانت جيدة للغاية. قد يفتقر ليستر سيتي إلى وجود كانتي - أمر طبيعي كان ليعايشه أي فريق آخر محله - إلا أنه أثبت أن بمقدوره التألق من دونه.
ثالثًا وأخيرا: بافتراض أن كانتي كان لا يزال في صفوف ليستر سيتي، هل يتخيل أي شخص أن الفريق كان الآن سيصبح في طريقه نحو اقتناص بطولة الدوري الممتاز للمرة الثانية. في الواقع، اتفقت الآراء بحلول نهاية الموسم الماضي أن اللقب الذي اقتنصه رانييري ورجاله لا يعدو كونه طفرة وقصة نجاح خيالية لا يجود بمثلها الزمن مرتين.
حتى اللاعبون أنفسهم بدا أنهم يتقبلون هذا التفسير لما حدث، خصوصًا في ظل التغييرات التي عمدت أندية أخرى تحتل الآن المراكز الست الأولى من الدوري الممتاز إلى إدخالها على صفوفها وجهودها لتحفيز لاعبيها. وعلى ما يبدو، فإن مثل هذه الجهود التي بذلتها الفرق الأخرى تعتبر العامل صاحب التأثير الأكبر وراء التغيير الذي طرأ على معادلة الدوري الممتاز بالنسبة لليستر سيتي - أكثر من خسارة لاعب متألق.
ولطالما كان أسطورة ليفربول الخالدة المدرب بيل شانكلي ينصح رفاقه بقوله: «عزز قوتك عندما تكون قويًا»، بمعنى أن عليك الاستجابة للفوز عبر محاولة تحقيق مزيد من الفوز وبمعدل أكبر. إلا أن ليستر سيتي لم يُبدِ استعداده قط لفعل ذلك. بالنسبة للاعبين والمدرب، لم يكن من ثمة جديد بمقدورهم تقديمه ليفوق ما حققوه الموسم الماضي - وبذلك، بدأ المنحنى في اتجاهه نحو الهبوط الحتمي. وقد يفسر ذلك السبب وراء ادخار لاعبي ليستر سيتي أفضل ما لديهم من مهارات لحساب بطولة مختلفة هذا الموسم، لكن هذا بالتأكيد يعكس أسلوبًا خطيرًا بالنسبة لنادٍ يشارك في بطولة على قدر هائل من التنافسية مثل الدوري الإنجليزي الممتاز.
وربما كان ليستر سيتي مدركًا لأنه لن يقترب بأية حال من القمة التي سبق له التربع عليها، الموسم الماضي، لكن لو كان النادي افترض أنه سينجح في ضمان مكان له بمنتصف جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز هذا الموسم، من الواضح أن هذا الافتراض جانَبَه الصواب، وربما كان الحال سيبقى كذلك حتى لو ظل كانتي في صفوفه.
موجز القول، إن ليستر سيتي لا يواجه خطر فقدان موقعه في الدوري الإنجليزي الممتاز بسبب خسارته كانتي. في الواقع، أي متابع لمستوى أداء الفريق خلال مبارياته الأخيرة يعي جيدًا أنه منذ الموسم الماضي فَقَد ليستر سيتي ما هو أكبر بكثير من مجرد لاعب خط وسط مدافع - لقد فقد الحافز والرغبة والهوية، وبات يعاني نقصًا حادًا في الثقة والإيمان بالنفس، وهي السمات ذاتها التي بدأت تظهر في صفوف فرق أدنى منه في الترتيب، مثل هال سيتي وسوانزي سيتي.
الملاحظ أن هناك خمس نقاط فقط تفصل بين الأندية الست القابعة في قاع الدوري الممتاز، ويمكننا القول في أعقاب النتيجة المبهرة التي حققها سندرلاند أمام كريستال بالاس أن الساحة مفتوحة أمام جميع الاحتمالات الآن، بما في ذلك إمكانية انضمام بورنموث أو ساوثهامبتون لمجموعة المتصارعين للفرار من الهبوط.
الواضح أن أيًا من هذه الفرق لا يبدو على درجة رفيعة من المستوى تجعل مسألة الهبوط أمرًا غير محتمل بالنسبة له، رغم أن اثنين منهما شاركا في أوروبا هذا الموسم، ولا يزال النادي الحامل للقب مشاركًا في أوروبا حتى هذه اللحظة. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن ليستر سيتي أنفق الصيف الماضي 60 مليون جنيه إسترليني على محاولة إيجاد بديل يحل محل كانتي وتحديث صفوف الفريق ليتواءم مع متطلبات المنافسة في بطولة دوري أبطال أوروبا.
نظريًا، يملك ليستر سيتي الفريق الأقوى من بين جميع الفرق المرشحة للهبوط، لكن ما قيمة ذلك عندما نجد أن ناديًا يعاني من نقص التمويل مثل هال سيتي كان قادرًا على بيع الجناح روبرت سنودغراس، ورغم ذلك نجح في حصد نقاط من أندية بحجم مانشستر يونايتد وليفربول؟
من جانبه، يصر رانييري على أن ليستر سيتي لا يزال «موحد الصف»، ومع هذا لا يبدو الفريق في الوقت الراهن على الدرجة ذاتها من وحدة الصف، مثل «سوانزي سيتي» أو «هال سيتي»، الأمر الذي قد يخلق مشكلات حقيقية أمامه. الموسم الماضي، أثبت ليستر سيتي أنكَ لستَ بحاجة لامتلاك أسماء لامعة داخل الملعب، ما دمتَ تملك خطة واضحة للعب يتفهمها الجميع بما يكفي لأن يتحركوا جميعًا في الاتجاه ذاته.
وفي غضون أقل من 12 شهرًا، يواجه ليستر سيتي الآن إمكانية السقوط تحت أقدام مرشحي الهبوط الآخرين، ليثبت من جديد المبدأ ذاته.
بنهاية عطلة نهاية هذا الأسبوع، كان يمكن أن يجد ليستر سيتي نفسه بين الفرق الثلاثة المستقرة في قاع الدوري إذا ما سارت النتائج ضده، لكن يبقى الأمر المهم الذي ينبغي للاعبين وضعه نصب أعينهم أنه سبق لهم مجابهة مثل هذا التحدي من قبل - منذ عامين فقط كان ليستر سيتي بقيادة المدرب نايجل بيرسون يصارع خطر الهبوط. ورغم أن ثمة اعتقادًا شائعًا بأن ليستر سيتي ليست لديه أدنى فكرة عن محاربة شبح الهبوط، فإن الحقيقة تشير إلى أن هذا القول ينطبق على مدربه فحسب.
أما اللاعبون فيملكون خبرات حديثة يمكنهم الاستفادة منها في هذا الموقف، مثلما حدث عام 2015 عندما نجحوا في التشبث بسفينة الدوري الممتاز، دون أن يكون في صفوفهم لاعب لم يكن أحد سمع به بعد حينها خارج حدود فرنسا: كانتي.
رون روبرت تسيلر حارس مرمى ليستر سيتي قال إنه ينبغي على فريقه تجنب الخسارة عند اللعب في ضيافة إشبيلية في ذهاب دور 16 بدوري أبطال أوروبا، اليوم. وتصدر ليستر مجموعته في دوري الأبطال واستقبل هدفًا واحدًا في أول خمس مباريات، وضمن التأهل مبكرًا، لكنه كما أوضحنا يعاني في الدوري الإنجليزي الممتاز إذ يتقدم بنقطة واحدة ومركز واحد على منطقة الهبوط. ويحتل إشبيلية المركز الثالث بالدوري الإسباني خلف ريال مدريد وبرشلونة، ويملك سجلاً أوروبيًا أفضل من منافسه الإنجليزي، بعدما أحرز لقب الدوري الأوروبي في آخر ثلاث سنوات.
وقال تسيلر لموقع ليستر على الإنترنت «إنها مباراة كبيرة». وأضاف: «أدينا عملاً رائعًا في دور المجموعات. تنتظرنا مباراة صعبة جدا. نحن فريق واحد من ضمن 16 فريقا فقط بالمسابقة وأدى إشبيلية عملاً رائعًا أيضًا في السنوات الأخيرة».
وتابع «مباراة الذهاب مهمة جدا.. دعونا نقُلْ إنه ينبغي ألا نخسر. إذا نجحنا في نتعادل أو حتى الفوز فهذا أمر رائع قبل خوض مباراة الإياب». وإضافة إلى معاناة ليستر في الدوري المحلي فقد ودع كأس الاتحاد الإنجليزي أمام ميلوول المنتمي للدرجة الثالثة يوم السبت الماضي.
وقال تسيلر إنه يتمنى أن ينسى ليستر آلامه المحلية عن طريق الخروج بنتيجة إيجابية أمام إشبيلية. وقال الحارس الألماني البالغ عمره 28 عامًا: «نشعر أنه مرّ وقت طويل على مباراتنا الأخيرة في دوري الأبطال، لأننا لعبنا في كأس الاتحاد، وكثير من مباريات الدوري الممتاز». وأضاف: «ربما يكون أيضًا من الجيد لأذهاننا التغيير في هذا الوقت من الموسم عن طريق اللعب في دوري الأبطال». وتابع: «إذا حققنا نتيجة إيجابية أتمنى أن يساعدنا ذلك في الدوري الإنجليزي. كلنا ندرك ضرورة اللعب بشكل أفضل في الدوري الممتاز ولذلك قد يكون من الجيد في هذا الوقت أن يحدث تغيير ونلعب في دوري الأبطال».