«فرجينيا»... جامعة الآباء المؤسسين

لا تذكر جامعة فرجينيا التي تبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن واشنطن العاصمة، إلا ويذكر توماس جفرسون، أبرز قادة «الآباء المؤسسين»، وأبو الليبرالية الأميركية، وكاتب إعلان الاستقلال، والرئيس الأميركي الثالث.
يوجد على مسافة قريبة من جامعة فرجينيا، منزل ومتحف جفرسون، في ضاحية «مونتشيلو». وضع جفرسون تصميم المنزل، وتأثر بفن الإعمار في إيطاليا القديمة. كان ذلك في عام 1772 أي قبل أربعة أعوام من استقلال الولايات المتحدة.
ثم وضع جفرسون تصميم جامعة فرجينيا عام 1819. وصار رئيسها، ورئيس مجلس الأمناء فيها. وكان معه في المجلس اثنان من «الأباء المؤسسين»: جيمس ماديسون (الرئيس الرابع)، وجيمس مونرو (الرئيس الخامس).
وضعت، قبل 30 عامًا، منظمة اليونيسكو كلاً من منزل جفرسون وجامعة فرجينيا في قائمة «آثار عالمية تاريخية». وتظل الجامعة هي الأميركية الوحيدة في هذه القائمة. مع مكانين أميركيين آخرين: تمثال الحرية (في نيويورك)، وقاعة الاستقلال (في فلادلفيا).
تركز الجامعة على المواضيع العالمية، منذ عهد جفرسون. مثلاً، في الوقت الحاضر: إذ تتبع للجامعة السفينة السياحية المحيطية «يونيفيرس إكسبلورار» (مكتشفة العالم). تطوف حول العالم محملة بطلبة وطالبات من الجامعة. ويمتد كل فصل دراسي لمائة يوم. ويحدد كل طالب وطالبة الوقت، والمكان في العالم الذي ستكون فيه السفينة (حسب موضوع الدراسة). وترتب الجامعة محاضرات في جامعات المناطق التي تزورها السفينة. وترتب، أيضًا، دعوة مشاهير للسكن في السفينة، وإلقاء محاضرات على الطلبة والطالبات. (مثل: الرئيس الروسي السابق غورباتشوف، ورئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا).
وتتبنى الجامعة «مبادرة المواطنة العالمية». تعتمد هذه على طلبة وطالبات أميركيين وغير أميركيين يدرسون هذا الموضوع في الجامعة. ويسكنون في داخلية واحدة. لا تمنح الجامعة «المواطنة العالمية» لهؤلاء الطلبة والطالبات. لكن، تشجعهم على «التفكير العالمي». وتتعاون مع قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الجامعة، ومع اتحادات طلاب، مثل اتحاد الطلاب المسلمين.
وتشتهر فرجينيا، في الوقت الحاضر، بالتركيز على الدراسات الليبرالية، سيرًا على خطى مؤسسها. إذ فيها أكبر معهد أميركي أكاديمي كما تعني اهتمامًا للدراسات والبحوث العلمية حيث أحرزت، قبل عامين، وسام أحسن 10 جامعات في مجال الاختراعات العلمية.
في الحقيقة، تسمى مدينة شارلوتزفيل «سيليكون فالي الشرقي»، في إشارة إلى وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا، حيث توجد شركات عملاقة في مجال الكومبيوتر والإنترنت.
وتظل سمعة الجامعة التاريخية وعراقتها تتزايد. خاصة بسبب صلتها بتوماس جفرسون وتصميمه لمباني الجامعة الرئيسة. منحها، قبل عامين، معهد المعماريين الأميركي وسام أعظم تصميم أميركي عريق خلال المائتي العام الماضية.