الجزائر: تنظيم حقوقي يستهجن «استغلال» العمال الأفارقة

استنكر أهم تنظيم حقوقي في الجزائر أوضاعا «شبيهة بالعبودية» لمئات المهاجرين السريين الأفارقة، الذين يتم تشغيلهم في الجزائر بأجور زهيدة، ومن دون التصريح بهم في الضمان الاجتماعي.
جاء ذلك على إثر مقتل عامل من النيجر في ورشة للبناء بالعاصمة، فيما يتم توقيف الكثير من المهاجرين يوميا وترحيلهم إلى بلدانهم.
وذكرت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، في تقرير حمل عنوان «أفارقة يعملون في ظروف تقترب من العبودية في الجزائر»، أنها «تتابع باهتمام وتدق ناقوس إنذار بخصوص استغلال أرباب عمل ومقاولين، وأصحاب مزارع كبرى ومستثمرات فلاحية للنازحين الأفارقة غير الشرعيين في مشروعاتهم، بعيدا عن القوانين المعمول بها، ومنها القانون المتعلق بعلاقات العمل، ودون التصريح بهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي، رغم علم وزارة العمل والتشغيل ووزارة الداخلية بهذه الوضعية».
وذكر مسؤول «الرابطة» هواري قدور في التقرير، أن مهاجرا أفريقيا لقي مصرعه أول من أمس عندما سقط جزء من بناية، كان بصدد الاشتغال فيها داخل حي بأعالي العاصمة. وقتل في الحادثة عامل جزائري أيضا، ولكن الفرق بينهما أن الأجنبي كان يفتقد لأي نوع من الحماية الاجتماعية على عكس الجزائري. وأشرفت على إنجاز المشروع مؤسسة جزائرية خاصة، كان المهاجر الأفريقي المتوفى يعمل لصالحها، بحسب «الرابطة»، التي أكدت أن المؤسسة لم تصرح بالعامل لدى مصالح الضمان.
وأضاف التنظيم الحقوقي بأن تقريره عن «العمالة الأفريقية» في الجزائر هو باكورة عمل ميداني، يتعلق بأوضاع المهاجرين الأفارقة، الذين يتحدرون من بلدان عدة، وبخاصة دول الساحل الأفريقي، التي تشهد أعلى معدلات الفقر بالعالم، مثل النيجر ومالي. ودعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات ضد مالكي الشركات الخاصة؛ بحجة أنهم لا يحترمون قانون التشغيل.
وقال قدور بهذا الخصوص، إنه رفع تقريرا مفصلا عن أوضاع العمال المهاجرين إلى الحكومة مطلع عام 2016 «ولكن لا شيء تم لوقف معاناتهم».
والشائع أن السلطات تغض الطرف عن تشغيل المهاجرين السريين في مشروعات بناء كبيرة داخل مناطق كثيرة بالجزائر؛ لأن أبناء البلد يرفضون هذا النوع من الأشغال لصعوبتها. كما أن الأفارقة يكتفون بأجور زهيدة، ولا يرفضون الإقامة في ورشات العمل، رغم أنها تفتقد أدنى شروط العيش الكريم.
وتابع تقرير «الرابطة» موضحا «نؤكد أن حقوق هؤلاء العمال جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، ولا ينبغي التجاوز على حقوقهم مهما كانت المبررات، فهؤلاء العمال الأفارقة غير الشرعيين يحملون صفة إنسان أولا، وهذه الصفة وحدها تكفي لكي تُصان حقوقهم على أفضل وجه، وبخاصة أنهم ينجزون أشغالا تعود بالفائدة على الجزائر، بعدما أضحت اليد العاملة الأفريقية البديل الأنسب لشركات البناء مقاولات أشغال الري والطرقات والزراعة»، مشيرا إلى «عزوف شريحة واسعة من الشباب الجزائري عن هذه الأشغال التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا، حسب اعتقاد أرباب العمل؛ ولذلك فهم يستحقون الاحترام والمكافأة المعنوية والمادية بما يليق بإنسانيتهم، كما أنهم في الغالب يتركون عوائلهم ويقطعون مسافات طويلة حتى يصلوا إلى الجزائر، فارين من ويلات الحروب والفقر، وهذا أيضا ينبغي أن يضاعف من احترامهم وحفظ حقوقهم وليس الجور عليهم، والتعامل معهم بطرق لا إنسانية، أو الحط من شأنهم والتعدي على كرامتهم».
وأوضح التنظيم الحقوقي، أنه أطلق مساعي باتجاه مكاتب التشغيل بالمناطق، التي يتواجد بها العمال الأفارقة، لمعرفة إن كانت أبلغت شركات المقاولة بضرورة التصريح بهم رسميا، ولكنه لم يجد، حسب مسؤوله، تعاونا من جانب هذه المكاتب، مشيرا إلى أن شركات أجنبية أخرى تملك مشروعات بالجزائر، تشغل أيضا المهاجرين السريين من دون رخصة.