الحكومة الأردنية تجمد العمل بنظام الأبنية الجديد إلى نهاية مايو المقبل

قرر مجلس الوزراء الأردني تجميد العمل بنظام الأبنية الجديد، الذي كان مقررا أن يبدأ العمل بتطبيقه مطلع عام 2017، إلى نهاية مايو (أيار) المقبل. وثمن مستثمرون بقطاع الإسكان تجميد القرار، وأعربوا عن أملهم أن تسمح فترة تجميد العمل بالنظام بإسعاف الجهود التي تبذل لإجراء تعديلات جوهرية عليه، من شأنها أن تبقي القطاع في دائرة النشاط والحركة.
وحذر المستثمرون من تداعيات النظام على الأمنين الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع بسبب ارتفاع كلفة البناء بنسب كبيرة، علاوة على زيادة أسعار العقار التي تشكل عبئا كبيرا على كاهل المستثمر، وبالتالي ستنعكس على ارتفاع أسعار الشقق بما يؤدي إلى عدم تمكين ذوي الدخل المحدود والمتدني من تملك سكن مناسب، وهي الشريحة الأوسع التي تشكل حمايتها هاجسا للجميع، ومحورا مهما في عملية التنمية.
ودعا المستثمرون إلى ألا يشمل النظام المناطق المنظمة سابقا، وأن يقتصر على المناطق التي سيتم تنظيمها لاحقا، ومنح فرصة للمستثمرين الذين قاموا بشراء العقار بوقت سابق من إقرار النظام الجديد فرصة للبناء وبيع الشقق المقامة عليه.
وقال رئيس جمعية المستثمرين الأردنيين بقطاع الإسكان، المهندس زهير العمري، إنه أرسل إلى وزارة البلديات الكثير من بنود النظام التي تم الاتفاق عليها خلال حوارات ولقاءات سابقة لتعديلها، ويتمثل أبرزها باستثناء مساحة الدرج والمصعد من النسبة المئوية إذا لم تزد مساحته على 20 مترا مربعا، وعدم الإلزام بإنشاء مصعد إذا كانت البناية السكنية تتألف من أربعة طوابق ولا تزيد على 8 شقق، وفي حال البناء على مراحل لا بد من إنشاء جسم المصعد أو بيت الدرج.
وأشار العمري إلى أنه من المواد الأخرى التي تم إرسالها إلى ديوان التشريع «الفقرة ج من المادة 41»، والتي تنص على إيجاد موقف لكل 200 متر من البناء بدلا من 150 مترا كما وردت في النظام، وفي حال زيادة المبنى عن أربعة طوابق واحتوائه على أكثر من ثماني شقق سكنية، فإن الزيادة على عدد المواقف تحسب على أساس 50 في المائة من عدد البناء الإضافي وليس الكلي. ولفت إلى أن التعديلات المقترحة شملت كذلك اعتبار سطح القبو، في حال عدم وجود طابق تسوية، من معدل منسوب الرصيف وليس الأرض الطبيعية أو الشارع، مؤكدا أهمية هذه التعديلات، ومعربا عن أمله أن تنجح الجهود في الفترة المقبلة لحين الموعد الجديد لتطبيق النظام بالوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف من شأنها عدم التأثير على القطاع والمحافظة على حقوق الآخرين، وتشكيل رادع للمخالفات غير المبررة، خصوصا جداول الرسوم والغرامات.
وأكد محمد عبد الكريم البطاينة، مساعد رئيس جمعية المستثمرين الأردنيين بقطاع الإسكان لإدارة شؤون فرع أربد، أن من شأن النظام إذا ما طبق ببنوده وصيغه الموضوعة، أن يؤدي إلى تدهور القطاع وخروجه من السوق، وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على منظومة الاقتصاد الوطني، باعتبار قطاع الإسكان من الأعمدة الرئيسة له ومحركا قويا لأكثر من 55 مهنة تتداخل فيه، علاوة على تدفقاته النقدية للخزينة، حيث تشكل إيراداته للخزينة أكثر من ثلث قيمة أي مشروع استثماري إسكاني.

تباين واسع
ويظهر في الأفق تباين كبير حيال التعديلات، فالبعض يراها سلبية رغم ما فيها من تنظيم، والبعض الآخر يراها مستحيلة التنفيذ، فيما يجد آخرون بأنها وسيلة لضبط المخالفات والحد منها.
محمد المعايطة، رئيس بلدية الكرك، يرى بأن تطبيق القانون سيخلق الكثير من الإشكاليات للبلديات، ولن يطبق بالسرعة التي تأملها الحكومة، فهو يحتاج إلى إيضاح الغاية منه ومنح المواطنين مهلة قانونية إضافية لتصويب الأوضاع قبل المباشرة بالتنفيذ لضمان نجاح الفكرة.
وبين أن الأصل في تطبيق القوانين هو منع حدوث المخالفات بالأساس من خلال توفير البنى التحتية وتسهيل إجراءات الترخيص وتعديل القوانين والتشريعات، بما يتلاءم والمصلحة العامة للمواطنين والدولة. ولفت إلى أن القانون لن يجد طريقه بسهولة، رغم أن فكرة التنظيم مرحب بها من الجميع؛ فإنفاذ القانون في الوقت الحاضر سيحمل الكثير من المواطنين مزيدًا من الأعباء المالية نتيجة للمخالفات الكثيرة لهم، خصوصًا في المناطق خارج المدن الرئيسية.

العقوبات لردع المخالفين
من جانبه، قال رئيس بلدية معان ماجد الشراري: إن النظام الجديد فيه إيجابيات كثيرة وبعض السلبيات، والسبب عدم تعاون المواطنين مع البلديات، وليس التركيز على مصالحهم الخاصة.
وأضاف أن العقوبات في الأنظمة مطلوبة لردع المخالفين، وبخاصة بعد الصعوبات التي وجدها رؤساء البلديات في الفترة الأخيرة. مشيرا إلى أن النظام يهدف إلى تنظيم المدن ووقف التجاوزات أثناء البناء، خصوصا في المدن البعيدة عن العاصمة والمحافظات الجنوبية، حيث يتم تجاهل البلديات أثناء البناء. وشدد الشراري على ضرورة التزام المواطنين بأنظمة البناء والمخططات الهندسية وفحص التربة، وتحديد مساحة الأرض التي سيتم البناء عليها، والالتزام في الارتدادات؛ حتى لا تخلق مشكلات مع المجاورين. ولفت الشراري إلى أهمية عدم تطبيق النظام بأثر رجعي من قبل الوزارة؛ حتى لا تلحق الضرر بالمواطنين.
من جانبه، قال رئيس بلدية الزرقاء المهندس عماد المومني: «إن النظام الجديد سيخلق مشاكل بين البلديات والمواطنين الذين سيتأثرون بشكل كبير»، مبديًا اعتراضه على تطبيق النظام بأثر رجعي على المواطنين، مشيرا إلى ضرورة تطبيقه من تاريخ صدوره؛ حتى لا يتحمل المواطنون أعباء مالية كبيرة، وهو أمر يفرض على الوزارة أن ترجع للبلديات للتشاور.
وأكد أن بعض المواطنين سيتحملون أعباء كبيرة في حال لم يتم إمهالهم لتصويب أوضاعهم، وبخاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة والأرياف. ولفت المومني إلى أن النظام الجديد سيسهم بوضع حد للتجاوزات والاعتداءات التي تتم أثناء البناء، موضحا أن حجم التجاوزات كبير، والاعتداءات على الشوارع كثيرة، كما أن الجميع يلحظ حجم التجاوز في الارتدادات أثناء البناء من قبل المواطنين.
وحددت التعديلات أحكام وشروط الحصول على الترخيص، منها مساحات الغرف الداخلية ومسافات الارتدادات القانونية وارتفاع البناء وإمكانية التعديل على الأبنية المقامة وإعادة تأهيلها، وتوفير مواقف للسيارات، وإنشاء سور أو سياج شجري، أو حاجز منسق حول البناء، وتحديد الكثافة السكانية في المناطق السكنية، كما ينظم إقامة الأبنية الفرعية والمؤقتة.
وعمد النظام إلى تشديد العقوبة على المخالفات، والسماح بإقامة الضواحي السكنية والأبنية العالية، وعدم منح رخصة للبناء دون تأمين مواقف للسيارات، كما راعى تحديد مناطق للاستعمالات المختلفة، وسمح بإنشاء أبنية عالية وضواح سكنية في مناطق معينة تنظيميا يتم تحديدها.
واعتمد النظام آلية جديدة لاحتساب الكثافة السكانية في المناطق السكنية بالاعتماد على تحديد عدد الشقق في المشروع الواحد وسعة الشارع المتاخم للأرض المقام عليها المشروع.
وجاء احتساب النسبة على النحو التالي: إذا كان عدد الشقق 12 يجب ألا تقل سعة الشارع عن 16 مترا، وإذا كانت 10 شقق ألا يقل عن 12 مترا، وإذا كانت 8 ألا تقل عن 10 أمتار، وإذا كانت شقة واحدة فيسمح بالبناء ضمن شارع أقل من 10 أمتار.
ونص النظام على، أنه وفي حال زيادة عدد الشقق عما نصت عليه هذه المادة، يجب تأمين عدد إضافي من مواقف السيارات بما لا يقل عن 50 في المائة من العدد الكلي المطلوب للمشروع. وهو ما يعني، بحسب مختصين، زيادة تكلفة المشروعات المقامة لغايات السكن، وتقليص المساحات، وخلق مناطق عشوائية خارج حدود التنظيم، وزيادة نسبة المخالفات على المشاريع والأبنية المقامة في المناطق داخل حدود التنظيم؛ مما يعني تقليص فرص تأمين سكن لشريحة واسعة من المواطنين.