ضربة إسرائيلية لقاعدة عسكرية في اللاذقية

أكد ناشطون سوريون في اللاذقية، أمس، ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية، حول تعرض قاعدة للجيش السوري لقصف صاروخي من البحر مما أدى إلى تدميرها. ونقلت قناة «سي ان ان» عن مسؤولين أميركيين أمس تأكيد خبر القصف الإسرائيلي على اللاذقية.
وقال ناشطون سوريون إن انفجارا ضخما وقع في إحدى قواعد الدفاع الجوي في قرية صنوبر التابعة لناحية مدينة جبلة الساحلية في اللاذقية. وأكد الناشط في اللاذقية عمر الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط» أن دوي الانفجار الضخم الذي وقع غروب الأربعاء، «سمع صداه في اللاذقية التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن القاعدة، كما سمع في مدينة جبلة»، مشيرا إلى أن الصيادين في البحر «لمحوا خطا لونه أحمر انطلق من البحر باتجاه الشاطئ، قبل أن يسمعوا أيضا دوي الانفجار».
وقال الجبلاوي إن هذه القاعدة أنشئت على الساحل السوري في عام 2011، عقب الحديث عن عبور الطيران الإسرائيلي إلى الداخل السوري عبر البحر، مشيرا إلى أنها «تتضمن رادارات متطورة، وصواريخ من نوع (بانسر)، وصواريخ مضادة للطيران متطورة جدا، فضلا عن أربع عربات مضادة للطيران مجهزة بمدافع سداسية»، لافتا إلى أن جميع الأسلحة داخلها «روسية الصنع».
وكانت المنطقة الساحلية نفسها تعرضت في يوليو (تموز) الماضي لضربة إسرائيلية، قيل إنها من البحر، لكن إسرائيل تحفظت على الإعلان عنها، كما لم يعلن عنها النظام السوري. وقال الجبلاوي إن الضربة الماضية «انطلقت صواريخها من البحر أيضا، واستهدفت قاعدة السامية العسكرية المخصصة للذخيرة والصواريخ البحرية».
وتقع القاعدة الجوية في محافظة اللاذقية التي تعتبر نقطة ثقل للنظام، والتي تقطنها شريحة واسعة من الطائفة العلوية، وهي الأقلية الدينية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد. وعلى الرغم من ذكر وسائل إعلام إسرائيلية أن الضربة استهدفت اللاذقية فقط، نقلت قناة «العربية» عن مصادر خاصة، أن ضربة أخرى استهدفت دمشق في الوقت نفسه، مشيرة إلى أنها «استهدفت شحنات صواريخ من نوع (سام 8) كانت متوجهة إلى حزب الله اللبناني».
وأثار توقيت الضربة المتزامن مع الإعلان عن تدمير الترسانة الكيماوية للنظام السوري، أسئلة عدة عن تخطيط إسرائيل لتنفيذ ضربات متتالية تستهدف مواقع عسكرية استراتيجية في سوريا، من غير مخاوف من الرد السوري بالأسلحة الكيماوية. لكن هذا التقدير لا يرجحه رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الدكتور هشام جابر، معتبرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الضربة «أرادت منها إسرائيل تدمير صواريخ (يوخونت) المضادة للسفن البحرية، وهي صواريخ أرض – بحر متطورة جدا، تأكيدا لإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لا تسمح بأن تملك سوريا أسلحة استراتيجية»، لافتا إلى أن الضربة الماضية «لم تعترف سوريا بامتلاكها، وأثير جدل عن تسلمها، علما أنني مقتنع بأن سوريا امتلكتها».
ورجح جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، أن الضربة جاءت «من طائرات حربية حلقت خارج المياه الإقليمية السورية فوق البحر المتوسط، أطلقت الصاروخ وعادت أدراجها قبل أن يصل إلى هدفه»، مستبعدا في الوقت نفسه أن يكون الهدف صواريخ «إس 125» بل صواريخ «يوخونت». وأوضح أن إسرائيل تريد تدمير 72 صاروخا من نوع «يوخونت»، ذكرت تقارير أن سوريا امتلكتها، وقد دمرت تل أبيب منها بطارية ربما تتضمن نحو ستة أو سبعة صواريخ.
وإذ أشار إلى أن إسرائيل «لن تعترف بالضربة، كما لن تعترف سوريا بوقوعها»، وضعها في سياق «انزعاج إسرائيل من عدم وقوع ضربة أميركية على سوريا، على الرغم من أن الرأي العام الإسرائيلي كان يخشى تداعياتها، واليوم، بات ضرب سوريا متاحا برأي إسرائيل التي ترى أنه بإمكانها ضرب مواقع سورية، تتضمن أسلحة استراتيجية، وترفض تل أبيب أن تمتلكها دمشق».
في غضون ذلك، تدهور الوضع الأمني في دمشق، حيث أكد ناشطون تكثيف القوات النظامية قصفها لمناطق جنوب العاصمة، مستهدفة أحياء حي الحجر الأسود وسبنيه ومخيم اليرموك والعسالي، بينما اندلعت اشتباكات في القابون، وعلى أطراف العاصمة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات في منطقة بورسعيد بحي القدم وسط استقدام القوات النظامية لتعزيزات عسكرية جديدة إلى منطقة القدم. كما تواصلت الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في حي القابون، بينما سقطت عدة قذائف على حارة البيرقدار، وبالقرب من الدفاع الوطني في منطقتي الكباس والدويلعة، وسقطت قذيفة «هاون» على منطقة العباسيين. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى قصف تعرضت له مناطق واسعة في ريف دمشق، بينها الزبداني، ودوما، كما شهدت منطقة داريا اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر.
وفي دير الزور، تجددت الاشتباكات في حي الرشدية الذي سيطرت المعارضة عليه الأسبوع الماضي، بينما بث ناشطون صورا تظهر مقاتلين من الجيش الحر وهم يستهدفون مطار دير الزور العسكري بصواريخ محلية الصنع.
إلى ذلك، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 120 ألف شخص، منذ انطلاقة الثورة السورية، بينهم 61067 مدنيا و6365 طفلا، و18122 من مقاتلي الكتائب المقاتلة.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن المصور البولندي مارتسين سودر الذي خطف في سوريا في شهر يوليو (تموز) الماضي تمكن من الفرار من خاطفيه وعاد إلى بولندا. وقال الناطق باسم الوزارة مارتسين فويتشيشوفسكي أمس: «إنه محظوظ كثيرا لأنه تمكن من الفرار، وهو هنا منذ بضعة أيام في صحة جيدة وسط عائلته»، مشيرا إلى أن «الأجهزة القنصلية البولندية في المنطقة ساعدت المصور على العودة إلى بلده». ولم تكشف السلطات أي تفاصيل عن ظروف احتجاز المصور أو فراره.
وكان مسلحون خطفوا سودر (34 سنة) الذي يعمل صحافيا ومصورا مستقلا خلال غارة على مركز الإعلام في سراقب بمحافظة إدلب (شمال غربي سوريا). ولم تتضح أسباب الخطف ولم يعبر الخاطفون عن أي مطالب.