النظام السوري يهاجم شرق حلب لتمكين القوات الروسية من المطار الدولي

وسعت قوات النظام السوري هجماتها من الجهة الشرقية للأحياء الشرقية المحاصرة بمدينة حلب عاصمة الشمال السوري، وسيطرت على منطقة المعصرانية، محاولة اقتحام حي الشعار في تلك الأحياء، وذلك بعد فشل هجومها في المنطقة الجنوبية وتراجعها في منطقة الشيخ سعيد، تنفيذًا لخطة تقضي بإبعاد مقاتلي المعارضة عن مطار حلب الدولي، والطرقات المؤدية إليه.
مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أفاد بأن خطة النظام العسكرية: «تمهد لتأمين مطار حلب الدولي وإبعاد مقاتلي المعارضة عن استهداف الطرقات المؤدية إليه»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الروسية «تنوي إعادة تشغيله واستخدامه». وأوضح عبد الرحمن أن الخطة تقضي بالسيطرة على المناطق المحاذية بالمطار أهمها طريق الباب الذي اندلعت فيه اشتباكات أمس، إضافة إلى مناطق أخرى مثل الحلوانية والشيخ لطفي.
جدير بالذكر أن مطار حلب الدولي، توقف عن العمل في العام 2012. والذي كان يستخدم لإقلاع وهبوط الطائرات المدنية والعسكرية، وبقي النظام يستخدم مطار النيرب المعروف بأنه مطار لإقلاع وهبوط الحوامات العسكرية. وفي هذه الأثناء، تمكنت قوات النظام مدعومة بالمسلحين الموالين لها من تحقيق تقدم جديد في الجهة الشرقية من القسم الجنوبي من أحياء حلب الشرقية، والسيطرة على منطقة المعصرانية إضافة لتمكنها من التقدم للأطراف الشرقية من حي باب النيرب، وذلك بعد قصف مكثف واشتباكات مع الفصائل المقاتلة والإسلامية، أسفرت عن سقوط قتلى في صفوف الطرفين.
وتحاول قوات النظام الآن تحقيق تقدم جديد وقضم المزيد من أحياء مدينة حلب الشرقية، بعد تمكنها قبل أيام من السيطرة على القسم الشمالي من الأحياء الشرقية هذه، في حين قصف الطيران الحربي مناطق في قرية السميرية بريف حلب الجنوبي.
هجمات النظام من الجهة الشرقية للأحياء المحاصرة في شرق مدينة حلب، تأتي بموازاة فشل النظام في التقدم من الجهة الجنوبية، بعد تعرضه لنكسات عسكرية في هجومه الأخير على حي الشيخ سعيد. وتمكن المقاتلون بعد الهجوم الذي شنته قوات النظام وتقدمها السريع في شرق المدينة، من صد هذه القوات خلال الليل في حي الشيخ سعيد الواقع في جنوب الأحياء الشرقية وخوضهم معها معارك ضارية، حيث تدافع الفصائل المقاتلة بشراسة الجمعة عن حي الشيخ سعيد الكبير. وتمكنت الفصائل من استعادة 70 في المائة من الحي بعدما كانت القوات النظامية هي التي تسيطر على 70 في المائة منه.
وحسب «المرصد» يريد النظام وحلفاؤه الذين يقومون بقصف حي الشيخ سعيد «بأي ثمن استعادة الحي»، مشيرا إلى «أن استعادته تهدد مباشرة سائر الأحياء الشرقية الأخرى»، وأن خسارة الحي «ستشكل ضربة قاسية للمقاتلين وخصوصا بعد خسارتهم» جزءا واسعا من الأحياء الشرقية للمدينة خلال الأيام الأخيرة. وقال: إن هؤلاء «يقاومون بشراسة لأنهم يعلمون أنهم سيقعون بين فكي كماشة إذا سقط الشيخ سعيد».
أما على الصعيد الإنساني، فأعلن «الائتلاف الوطني السوري» أن جميع الأفران في مدينة حلب توقفت عن العمل جراء الهجمات العسكرية، وسط نزوح عشرات الآلاف من السكان بين أحياء المدينة التي تتعرض لحصار منذ نحو ثلاثة أشهر. وأكد مدير الدفاع المدني في حلب، نجيب الأنصاري، أن الأفران المتبقية التي كان من المنتظر أن تنتج الخبز منذ يوم السبت الماضي، وعددها 3 فقط، لم تعمل حتى اليوم بسبب القصف. وأوضح ناشطون أن توقف الأفران أدى إلى حرمان مئات الآلاف من المدنيين داخل حلب من الخبز، فضلا عن تعطل جميع المستشفيات والمدارس الموجودة في المدينة.
وبينما يواصل النظام حملته العسكرية عازمًا على السيطرة على أحياء حلب الشرقية، حمل ناشطون سوريون الفصائل المسلحة مسؤولية ما يجري في ظل «الانقسامات» التي تعتري صفوفها. وخرجت مظاهرات عقب صلاة الجمعة في عدة مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب الغربي، مطالبة بتوحيد فصائل المعارضة ودعما للمحاصرين في الأحياء الخاضعة للمعارضة بحلب.
في سياق آخر، أعلن أحمد رشيد مدير المكتب الإعلامي لمدينة دارة عزة، لـ«مكتب أخبار سوريا» أن ناشطين إعلاميين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب دعوا المدنيين للخروج من المساجد بعد صلاة الجمعة في مظاهرات لمطالبة قادة الفصائل بالتوحد في جيش واحد، مشيرًا إلى أن أكثر من 300 مدني خرجوا في مظاهرة استمرت أكثر من ساعتين بدارة عزة، رفعوا خلالها لافتات كتبت عليها عبارات تدعو قادة الفصائل للتوحد ومنها عبارة «توحدوا أو انصرفوا»، لافتا إلى أن هذه العبارة حملت اسم المظاهرات التي خرجت في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بسوريا بشكل عام.
الهدف من المظاهرات أيضًا، بحسب «مكتب أخبار سوريا»، تمثل في «لفت انتباه» المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، لما يحدث في أكثر من 40 حيا محاصرا بمدينة حلب، جراء الحملة العسكرية النظامية عليها والقصف الروسي الذي يستهدفها، والأوضاع المأساوية والإنسانية الصعبة التي يعيشها أكثر من 200 ألف مدني يقطنون فيها.
وفي محافظة إدلب، تكرّر المشهد، إذ خرج المئات من الأهالي والناشطين في معظم مناطق محافظة إدلب، بمظاهرات شعبية دعت للتوحّد ونبذ التفرقة، مطالبة جميع الفصائل والمكونات الثورية بالتوحّد والابتعاد عن الفصائلية والعمل على تكوين جسم عسكري ومدني موحد، يستطيع النهوض بالثورة وإعادتها لما كانت عليه من تقدم وانتصار.
هذا، وبدأت قوات النظام وحلفاؤها بفضل الدعم الاستراتيجي الروسي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) هجوما كبيرا من أجل طرد الفصائل المقاتلة من الأحياء الشرقية المحاصرة منذ أربعة أشهر والمحرومة من الغذاء والكهرباء والدواء، في سعي إلى استعادة كامل مدينة حلب. ولقد قتل أكثر من 300 مدني بينهم عشرات الأطفال في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، فيما أسفر سقوط قذائف أطلقتها الفصائل المقاتلة على أحياء حلب الغربية عن مقتل نحو خمسين شخصا. وسيطر النظام على 40 في المائة من الأحياء، ودفع أكثر من 50 ألف مدني للنزوح باتجاه مناطق سيطرته.
ومعلوم أنه منذ العام 2012، تشهد مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا والتي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية حيث يعيش 1.2 مليون شخص، والفصائل التي تسيطر على الأحياء الشرقية حيث كان يعيش أكثر من 250 ألف شخص حتى قبل بدء الهجوم.