«الهدن السورية» تضخ آلاف المقاتلين في قوات النظام المتهالكة

حوّل النظام السوري «المصالحات» التي يعقدها ضمن اتفاقات مع قوات المعارضة بريف دمشق، إلى قطاع منفعة، يرفد من خلاله جيشه بمقاتلين يقومون بأدوار لوجيستية، عبر تطويع المطلوبين للخدمة الإلزامية في هيكلية الجيش.
وكشفت مصادر المعارضة عن أن المصالحات التي بدأت قبل عام بريف دمشق، ترفد قوات النظام بنحو 40 ألف مقاتل إضافي «يُعوَّض فيها النظام عن النقص الذي يعتري قواته جراء الاستنزاف في كثير من المقاتلين إثر المعارك الواسعة التي يخوضها»، بحسب ما قال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط».
وقال الداراني إن عملية اقتياد المطلوبين للخدمة الإلزمية «بدأت قبل عام»، مشيرًا إلى أن الدفعة الأولى من هؤلاء «وزعت على الجبهات قبل ثلاثة أشهر». وأكد أن هؤلاء «يوزعهم النظام على الخطوط الثانية في الجبهات حيث يستعين بهم بتقديم الخدمات العسكرية، والقيام بأعمال لوجيستية، وخدمة العسكريين المقاتلين في خطوط المواجهات الأولى». وقال: «خلال المصالحات الأخيرة التي عقدت بجنوب وغرب دمشق مثل داريا وخان الشيح والمعضمية، تسلم كثيرون من الشبان المطلوبين للخدمة الإلزامية بالجيش دفاتر الالتحاق».
وبدأ النظام ضمن نظام «المصالحات» المعمول به، إخلاء مناطق سيطرة المعارضة، بموازاة استرتيجية «تسوية أوضاع المعارضين»، لكن غير المعلن عنه، وكان «إجبار الشبان من المطلوبين على الالتحاق بالجيش»، بحسب الداراني.
هذه الوقائع، فصّلها تقرير نشرته «شبكة شام» الإخبارية السورية المعارضة، التي أشارت إلى أن «قوات الأسد تستعد لرفد صفوفها المتهالكة، بأكثر من 40 ألف جندي جديد، لمواصلة قتال الشعب والبحث عن انتصار ولو على ركام مدنهم وقراهم وجثامينهم، في خطوة بدأ العمل بها منذ أشهر ومن المنتظر أن يظهر مفعلوها خلال الأشهر الخمسة أو الستة المقبلة».
ويأتي ذلك بعد سلسلة «هدن» و«مصالحات» عقدها النظام مع المعارضين في مدن وبلدات ريف دمشق، أبرزها داريا في أغسطس (آب) الماضي، وامتد إلى المعضمية وقدسيا والهامة وخان الشيح، أول من أمس، إضافة إلى المفاوضات التي تجري في التل وزاكية، وسط مخاوف من أن تصل المصالحات والهدن إلى الغوطة الشرقية.
وبحسب تقرير «شبكة شام»، فإن الفيلق الذي شكله النظام من هؤلاء المقاتلين، يسمى «المتطوعون»، وأعلن عنه في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويحمل الاسم العسكري «الفيلق الخامس». وأشار معدو التقرير إلى أنه بالاستناد إلى شهادات ناشطين ميدانيين وآخرين متابعين للملف، فإن اليوم يوجد في مدينة المعضمية قرابة 7000 شاب مطلوب لخدمة العلم بشقيها الإلزامي والاحتياط، فيما يوجد في قدسيا والهامة 5500 آخرين بالنسق ذاته. وفي زاكية، التي سيتم التفاوض حولها قريبًا، يوجد نحو 6000 شاب. أما مدينة التل التي تضم آلاف المدنيين من مختلف مناطق ريف دمشق وحمص، فإنها تضم، إلى جانب مناطق أخرى في حمص، ما لا يقل عن 20 ألف مطلوب لأداء خدمة العلم سواء كان متخلفًا أم هاربًا من الخدمة الاحتياطية.
هذه الأرقام جميعها ستكون في صفوف قوات الأسد، خلال الأشهر الخمسة أو الستة المقبلة، إذ إن بنود المصالحات تنص على منح المتخلفين مهلة 6 أشهر من تاريخ إبرام المصالحة، لتسوية أوضاعهم، وبعدها إما أن يذهبوا إلى معسكرات التدريب المؤقتة، كما حدث مع بعض شبان الهامة، حيث يتواجدون حاليًا في معسكر الدريج للقوات الخاصة، أو يتمكنوا من الاستحصال على وثائق سفر ومغادرة سوريا، وإن كان الخيار الأخير بات شبه مستحيل مع إغلاق كل الطرق للخروج من سوريا.