حسين الصدر: الأهم في الترشح للانتخابات.. الوطنية والنزاهة والكفاءة

صرح رجل دين مقرب من المرجعية الدينية أن «الفتوى الصادرة عن المرجع الديني آية الله كاظم الحائري بشأن تحريم انتخاب العلمانيين في الانتخابات المقبلة في العراق هي في الواقع ليست جديدة وإنما صدرت منذ سنوات». وقال حيدر الغرابي الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هذه الفتوى في الواقع ليست جديدة وإنما هناك محاولة لإعادة نشرها من جديد في إطار الاستفادة منها من قبل بعض الأحزاب المتأسلمة لأن لدينا في العراق الآن أحزابا متأسلمة وليست إسلامية من أجل صرف أنظار الناس عما فيها من فساد ومظالم ولكي توحي أن مراجع الدين يدعمونهم بشكل غير مباشر عندما يصدروا فتاوى بالضد من العلمانيين أو الديمقراطيين».
وكانت فتوى المرجع الحائري المقيم في إيران بشأن عدم انتخاب القوائم العلمانية في الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق في الثلاثين من أبريل (نيسان) الحالي ضجة في الأوساط السياسية. لكن المرجع الشيعي البارز آية الله حسين إسماعيل الصدر أكد من جانبه أن المهم في الترشح للانتخابات هي الوطنية والنزاهة والكفاءة. وردا على سؤال لأحد أتباعه يقول: «لقد اشتهر لدى بعض المؤمنين بأن انتخاب المرشحين العلمانيين حرامٌ شرعا ولا يجوز للمؤمنين إعطاء أصواتهم لهؤلاء المرشحين، بل يجب عليهم الاختيار من بين الإسلاميين، هل هذا الرأي صحيح؟». قال المرجع الشيعي حسين الصدر في بيان له أمس وتسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه «لا يجوز إعطاء الصوت لمن ليس له الكفاءة في المجالات المختلفة المتعلقة بإدارة الدولة، كما أنه لا يجوز التصويت لمن ثبت عدم وطنيته ونزاهته في تحمل الأمانة الثقيلة لتولية أمور المجتمع العراقي ومن الممكن أن يتورط في الفساد». وأضاف المرجع الصدر طبقا للبيان إن «من تثبت فيه الشروط الثلاثة يصح اختياره في الانتخابات ليكون ممثلا عن الشعب، حسب الأولوية الأفضل فالأفضل، ومن لم تثبت فيه الشروط أو ثبت عكس ذلك فيه لا يجوز اختياره لما سيخلف ذلك من فساد ومشاكل كبرى للمجتمع العراقي ويتحمل مسؤولية ذلك الشخص غير المؤهل بإضافة الناخب الذي أعطى صوته له.
وشدد المرجع الصدر بالقول: «عليه لا تشترط الديانة في اختيار الأصلح، فربما شخص من ديانة مختلفة لديانة الناخب يكون أصلح لمنصب معين من شخص آخر متفق في الديانة، فالعقيدة أمر شخصي يرتبط بقناعات الأفراد ولا يدل بالضرورة على كفاءة ووطنية ونزاهة صاحبها». وأشار إلى أن المرجعية الشيعية العليا في النجف في إشارة إلى المرجع الأعلى آية الله السيد علي السيستاني قد نَصَحَتْ ووَجّهَتْ أيضا على اختيار الكفء النزيه الأصلح، دون التطرق لمواصفات العقيدة لديه. وقال: «ما يبدو لنا هو أن اختيار المرشحين على أساس مجرد التوافق في العقيدة أو الطائفة والعشيرة دون التدقيق في الشروط المذكورة آنفا لا يجوز ولا يبرئ ذمة الناخب».
وفي هذا السياق أشار الغرابي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «العلمانية لها مفهومان الأول يقوم على أساس فصل الدين عن الدولة وعن السياسة من منطلق أن الدين لله والوطن للجميع والثاني هو تحجيم الدين ومنح الإنسان حرية كل شيء بمن في ذلك حرية الكفر والفسوق»، وأضاف الغرابي أن «المشكلة أن الأحزاب الإسلامية لدينا هي في الحقيقة أحزاب متأسلمة وبالتالي فإن الدين في العراق تدين شعبي وليس سياسي وعليه فإن معظم السياسيين ممن ينتمون إلى هذه الأحزاب المتأسلمة يحاولون استخدام المذهبية عندما تنفعهم وتصب فيما يخدمهم بينما تجدهم يعملون حتى على تحجيم دور المرجعية عندما يجدوا أن ذلك يتنافى مع مصالحهم»، عادا أن «موقف المرجعية الحاسم من هؤلاء السياسيين يأتي من كونهم بذروا الطائفية في المجتمع العراقي حيث ما يحز في نفسها إنه لا توجد قائمة سنية في الناصرية وقائمة شيعية في الرمادي وكردية في كربلاء وهو ما يعني أنهم قسموا المجتمع باتجاه تعميق الفيدراليات والتقسيم فيه».
وبشأن الموقف من العلمانية قال الغرابي «إننا لسنا بصدد الدفاع عن العلمانية لأن لها من يدافع عنها ولكن ما نريد قوله إن المهم والمعيار هو الخدمة الصالحة حيث لا توجد من حيث المبدأ رؤية سلبية مسبقة ضد أحد إلا بقدر ما يخدم الناس وفي حال لم يخدمهم فإن المرجعية لا تتبنى أحدا بدليل إنها أغلقت أبوابها بوجه السياسيين الإسلاميين عندما بان فشلهم بوضوح».
من جهته أكد عضو التيار المدني الديمقراطي وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية وفي كل جمعة تعلن عن موقف واضح وصريح ليس فيه موقف مسبق ضد أحد من أي طرف أو جهة وليس فيه موقف داعم مع أي جهة بل هي تقف وبشكل واضح وصارم على مسافة واحدة من الجميع». وأضاف الحلفي «ليس هذا فقط فإن موقف المرجعية واضح وصريح بعدم الوقوف مع أي قائمة أو جهة تشوبها شبهات فساد وهو ما يجعل موقفنا نحن دعاة التغيير من التيار المدني الديمقراطي أقوى من أي وقت مضى لأننا نعمل من أجل تحسين الحياة ونحارب الإرهاب والفساد ونعمل على بناء البلد كما نتبنى سياسة التسامح والمحبة ونحرص على تقوية النسيج المجتمعي العراقي وهي كلها أهداف تصب في خدمة الصالح العام وهي نفس ما تحث عليه الأديان ومراجعها الكريمة من كل الطوائف».