ترامب يختار الملياردير ويلبير روس وزيرًا للتجارة

بدا صناع السياسات بمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) واثقين قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية بأن الاقتصاد قوي بما يكفي لرفع سعر الفائدة قريبا، حسبما أفادت وقائع اجتماع البنك الذي انعقد في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
خيار الرئيس الأميركي المنتخب بمن سيكون وزير خزانته سيوجه رسالة جوهرية بشأن المشروعات الاقتصادية التي ستعتمدها إدارته، من أجل المحافظة على هذا الوضع الإيجابي.
مشروعات الرئيس المنتخب للاقتصاد واسعة جدا؛ فهو تحدث عن إصلاح لقانون «دود فرانك» للضبط المالي، وتعهد خلال حملته الانتخابية بتخفيضات ضريبية كبرى للشركات، ووعد بإصلاح البنى التحتية وبعودة الوظائف التي تم نقلها إلى الخارج إلى الولايات المتحدة.
في الأمس تحرك الدولار إلى أعلى مستوى في نحو 14 بفعل هذه البيانات؛ وهو ما عزز توقعات أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).
في الأمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن خيار الرئيس المنتخب وقع على الملياردير المستثمر ويلبير روس، الملقب «بملك الإفلاس»؛ لأنه يقوم عادة بشراء الشركات الخاسرة ويبيعها بأرباح عالية بعد تأهيلها.
وروس من الأشخاص الذين وضع خطط ترامب الاقتصادية خلال الحملة، ومن أكثر الناس تحمسا إلى انسحاب الولايات المتحدة من بعض الاتفاقيات التجارية والتكتلات الاقتصادية.
ويتردد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ما بين مصرفي سابق وعضو في الكونغرس وصناعي سابق لاختيار وزير خزانته المقبل.
أسماء عدة طرحت لتخلف جاك ليو، وزير المالية في إدارة باراك أوباما منذ 2013، لكن ثمة اسمين يهيمنان على سواهما. وهما المصرفي السابق في بنك الاستثمار «غولدمان ساكس» ستيفن منوكين (53 عاما)، والنائب المحافظ في الكونغرس جيب هينسارلينغ (59 عاما). ويعتقد أن فريق دونالد ترامب الانتقالي أجرى اتصالات أيضا مع رئيس مصرف «جي بي مورغان» جامي ديمون (60 عاما) ومع مسؤول الاستثمارات العقارية في شركة «بلاكستون» للخدمات المالية جوناثان غراي (46 عاما) من دون أن يثمر الأمر.
أما الصناعي دانيال ديميكو (66 عاما)، الرئيس السابق لشركة «نوكور ستيل» ومؤلف كتاب «من صنع أميركا» الداعي إلى إحياء قطاع التصنيع، الذي ورد اسمه أيضا لهذا المنصب، فقد يتجه بالأحرى إلى التجارة الخارجية.
وقال روبرت كيميت، مساعد وزير الخزانة السابق في إدارة جورج بوش: إن «هذه الأسماء (...) تمثل مجموعة من الكفاءات تعكس عمق ومدى مجال عمل الخزانة في أيامنا».
تلعب الخزانة دورا محوريا في مكافحة تمويل الإرهاب وتطبيق العقوبات، ولا سيما ضد إيران وكوريا الشمالية. وأخيرا، يقود وزير الخزانة حوارا اقتصاديا منتظما مع الصين، في وقت وعد ترامب بتبني سياسة أكثر حزما حيالها.
وقد يوحي الخط الذي أعلن عنه ترامب بأنه قد يتهم بكين رسميا بالتلاعب بعملتها، وهو ما نجت منه في السنوات الأخيرة.
ورأى ديفيد فيسيل، الخبير الاقتصادي في معهد بروكينغز، أنه بعد الكارثة المالية عام 2008، من المهم للغاية أن يكون وزير الخزانة المقبل «يملك القدرة على إدارة أزمة مالية، سواء نجمت عن انهيار مصرفي أو عن هجوم إرهابي له تبعات مالية». وما يجب تفاديه بالمقاوم الأول بحسب ما قالت الخبير لوكالة الصحافة الفرنسية هو اختيار «شخص سيتعلم مع الممارسة».
وعلى ضوء شخصية الرئيس المنتخب النزقة، يتحتم على المرشح المثالي لهذا المنصب التحلي بالدبلوماسية. وقال فيسيل «سيتحتم عليه لعب دور مهم لكبح أطباع دونالد ترامب النزقة، وفي الوقت نفسه أن يحسن تفسير ما يريد الرئيس المنتخب نقله إلى باقي العالم».
وتابع: «رأينا أن تصريحات (ترامب) يمكن أن تثير البلبلة؛ ما قد ينعكس سلبا على الثقة في الاقتصاد ويتسبب بتقلبات مالية مؤسفة».
وبالتالي، فإن هذا المنصب يتطلب بنظر الخبير شخصية «يمكنها التأثير على دونالد ترامب، والتحدث نيابة عنه بثقة». ومن الكفاءات الأخرى الأساسية المطلوبة امتلاك علاقات جيدة مع الكونغرس. وهذا الشرط قد يعزز فرص النائب عن تكساس جيب هنسارلينغ الذي يرأس لجنة الخدمات المالية البالغة النفوذ، في وقت تهدد مشروعات التخفيضات الضريبية بزيادة العجز المالي ورفع المديونية.
وحذر ديفيد فيسيل بأنه سيكون من الصعب على وزير الخزانة المقبل «التحلي بكل المواصفات المطلوبة»، فيكون في آن خبيرا في وول ستريت ومفاوضا متمرسا مع الكونغرس، ووسيطا خصوصا مع الرئيس نفسه.
ومن بين أبرز الأسماء المطروحة، قال فيسيل إن ستيفن منوكين سيثير حتما الانتقادات في حال اختياره. وأوضح «سيبدو في الأمر مفارقة أن اختار دونالد ترامب وزيرا للخزانة منبثقا من نخبة وول ستريت، بعدما خاض حملته الانتخابية ضد هيئات السلطة».
من جانب آخر، اعتبر روبيرتو ازيفيدو، مدير عام منظمة التجارة العالمية الخميس، أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستغادر المنظمة في ظل إدارة دونالد ترامب. وقال في تصريحات في مقر المنظمة في جنيف «لا أملك أي إشارة تفيد بأن هذا سيحدث».
وكان ترامب وصف خلال حملته منظمة التجارة العالمية بأنها «كارثة»، ملمحا إلى احتمال أن تنسحب واشنطن من عضويتها. وأشار مدير عام المنظمة إلى أنه من السابق لأوانه التكهن بما قد يقوم به ترامب حين يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) 2017. وأضاف: «ببساطة أنا لا أعرف كيف ستكون السياسات التجارية» للإدارة الأميركية الجديدة. وتابع: «لم أتحدث إليه (ترامب)» منذ انتخابه و«ما علينا فعله هو الاستعداد لحوار» مع فريق ترامب الاقتصادي. وأقر مدير عام المنظمة البرازيلي، بأن الكثير من الناس في العالم يعتبرون أن التجارة العالمية تدمر فرص العمل حتى وإن كان هذا الانطباع لا يقوم على أي دليل. وأكد على وجوب ألا يترجم أي تحسين لمشروع العولمة، بإجراءات انكفاء حمائية. وقال ازيفيدو «إذا كان العلاج ليس سوى النزعة الحمائية، فإن ذلك سيفاقم من حالة المريض». ورأى أن بعض السياسيين استخدموا العولمة كبش فداء لتفسير البطالة والصعوبات الاقتصادية. وقال: «إن الخطأ الذي ارتكبناه في الماضي، بما في ذلك في منظمات كمنظمتنا، هو ترك الناس تعتقد أن التجارة تحصيل حاصل». وأضاف: «أكيد أن التجارة مكون (اقتصادي) إيجابي (..) نسي الناس أن يفسروا لماذا (..) يجب أن نعود مجددا للدفاع عن التجارة».
وكان ترامب وعد بأن تنسحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة بين الأطلسي والمحيط الهادئ (تي بي بي) حال توليه منصبه.
وفي شريط فيديو قصير بث الثلاثاء وصف ترامب هذه الاتفاقية بأنها «كارثة محتملة على بلدنا». وتم توقيع هذه الاتفاقية من 12 دولة، لكنها لا تزال في حاجة إلى تصديق الكونغرس الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون. وكرر رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي الخميس، أن هذه الاتفاقية «لا معنى لها من دون الولايات المتحدة».