أين النساء في المناصب العليا لـ«إف بي آي»؟

هرعت آمي إلى مكتبها فور تلقيها مكالمة بحدوث تفجير مانهاتن لتساعد في توجيه عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) إلى نيويورك. تركزت مهامها في توجيه فريق العمل لجمع الأدلة، وتعيين مراكز للقيادة في الشوارع لمساعدة عملاء «إف بي آي» بمدينة كونتيكو بولاية فيرجينيا في مناقشة المعلومات، وجمع الأدلة الجنائية، ورفع البصمات، ومتابعة عمل خبراء التعرف على ملامح الوجه. وبحلول اليوم التالي كانت آمي وفريق عملها قد لعبوا دورًا حيويًا في تحديد هوية أحمد خان رحيمي، المسؤول عن زرع القنبلة التي انفجرت بمنطقة تشيلسي، والعثور على قنبلة أخرى لم تنفجر.
وقالت آمي، التي كانت ترأس حينها إدارة العلوم والتكنولوجيا، التي تضم أكثر من 6000 موظف بالـ«إف بي آي»: «أبطلنا مفعول القنبلة الثانية».
وداخل مكاتب «إف بي آي»، يكن العاملون، خصوصًا النساء، تقديرًا كبيرًا لآمي التي يلقبونها بـ«عالمة الصواريخ»، نظرًا للشهادة التي تحملها في هندسة الطيران والفلك من جامعة باردو. آمي هي أيضًا أول سيدة ترأس وحدة العلوم، وتعتبر إحدى القليلات اللاتي وصلن إلى المناصب القيادية في «إف بي آي»، نظرًا لتزايد هيمنة الرجال على الوظائف العليا في السنوات الثلاث الماضية.
قالتها آمي (50 عامًا) بشكل صريح: «هناك نقص في المناصب القيادية النسائية». فاليوم تشغل النساء 12 في المائة فقط من إجمالي 220 منصبًا قياديًا في «إف بي آي»، 9 منهن يتولين إدارة مكاتب في ولايات لوس أنجليس، وأوكلاهوما سيتي، ولوسيفيل بولاية كنتاكي، ونوكسفيل بولاية تيتيسي. غير أن العدد الحالي أقل من عام 2012 عندما كانت النساء تحتل 20 في المائة من الوظائف العليا، منهن 15 سيدة يتولين إدارة المكاتب بمختلف الولايات حينذاك.
قالت جانيس فيدريك، مديرة مكتب نيويورك سابقًا الذي ضم نحو 2000 موظف خلال الفترة من 2010 إلى 2012 ومتقاعدة حاليًا: «تبدو أرقام السيدات في تراجع. يتحتم على الوكالة أن تفعل شيئًا لزيادة العدد مرة أخرى». ووصف جيمس كومي، مدير «إف بي آي»، تراجع أعداد النساء، وكذلك تقلص أعداد العاملين من الأقليات داخل «إف بي آي» بالمشكلة الخطيرة التي قد تضعف التحريات وتبعد الوكالة عن الأقليات التي تخدمها. فمن ضمن إجمالي 13523 عميلاً بالوكالة، هناك نحو 2683، أي نحو 20 في المائة، من السيدات، ويبلغ إجمالي البيض 83 في المائة.
وفي مؤتمر عقد الأحد الماضي لقيادات الشرطة بولاية سان دياغو، قال كومي إن «التحدي الكبير الذي واجهناه خلال العامين الماضيين تمثل في كيفية ضم النساء والملونين للوكالة. كان هذا أهم المشكلات التي واجهتنا، ووصفت ذلك حينها بالأزمة».
ونتيجة لذلك، وضع «إف بي آي» خطة لزيادة إجمالي عدد العملاء من النساء ليصل إلى 33 في المائة، وسوف تبدأ الوكالة في تزويد مكاتبها بمختلف الولايات بالأعداد المطلوب توظيفها، في خطوة غير مسبوقة. ومن شأن ذلك أن يسمح لـ«إف بي آي» بمراجعة بيانات المناطق التي نجحت فيها الوكالة في إتمام التعيينات الجديدة، وكذلك متابعة أدائهم وأجورهم.
وكان كومي قد صرح بداية العام الحالي بقوله إن «مصداقيتنا أصبحت على المحك. يجب أن يكون (إف بي آي) موجودًا في كل بقعة بالولايات المتحدة، ليكون قادرًا على الوقوف في أي محكمة ويصدقنا القاضي».
فقد سعت «إف بي آي» طويلاً للارتقاء بمستوى كوادره من النساء، وكانت البداية بعد وفاة مديرها السابق إدغر هوفر عام 1972، حين بدأت الوكالة في قبول الكوادر النسائية للعمل كعميلات، وأصبحنا نرى نساء يحملن سلاحًا ناريًا، ويجرين التحريات ويوجدن في قلب الوكالة التي طالما خضعت للثقافة الذكورية. وبعد ذلك بعشرين عامًا أصبحت بوردينا باسينيلي أول مديرة لأحد مكاتب «إف بي آي»، وتوفيت العام الحالي.
وقالت ستيفاني دوغلاس، التي أصبحت عام 2012 أول سيدة تدير فرع «إف بي آي» للأمن القومي، إنها «فتحت الباب لكثير من السيدات للتفكير في إمكانية انضمامهن للوكالة». وكانت دوغلاس التي تقاعدت عام 2013 ضمن الفريق الذي تولى التحقيق في إتلاف أشرطة فيديو خاصة بوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» توثق عمليات تعذيب لمشتبهين في عمليات إرهابية.
وقال مسؤولو «إف بي آي» إنهم لا يستطيعون الجزم بالأسباب الفعلية لتراجع أعداد القيادات النسائية بالوكالة، غير أنهم أشاروا إلى أن التقاعد وتوقيت التعيين ربما كانا ضمن الأسباب، في حين صرح ديفيد شالندورف، المدير المساعد للموارد البشرية بأن الأمر قد يكون «مقلقًا»، لكن «لا يمكن القول إنه صعب التفسير». وبحسب فاليري بارلاف، مديرة شالندروف الني أصبحت عام 2013 أول سيدة تدير مكتب «إف بي آي» في واشنطن: «أنا متفائلة بأننا نستطيع أن نفعل ما هو أفضل».
من جانبهن، ترى النساء أن هناك 3 أسباب وراء تراجع أعداد النساء في المناصب العليا.
السبب الأول هو سبيل «إف بي آي» للترقي الذي لا يتوافق كثيرًا مع طبيعة النساء، حيث أفاد كثير من النساء بأنهن قد يفاجأن في أي وقت بقرار نقلهن لمكان بعيد، مما يستلزم ابتعادهن عن أسرهن، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة المرأة، بعكس الرجل الذي يقبل تلك المهام.
السبب الثاني هو أن «إف بي آي» ليست لديه وظائف قيادية تسمح بوجود النساء بالشكل الكافي، فمثلاً لم نسمع عن سيدة في منصب مديرة إدارة مكافحة الإرهاب، التي تعتبر ثاني أكبر منصب بالوكالة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، كذلك لم تصل سيدة إلى منصب نائب مدير الوكالة.
السبب الثالث هو أن عدد السيدات اللاتي يتقدمن لشغل المناصب العليا أقل بكثير من عدد الرجال، فمن بين كل عشرة رجال يتقدمون لوظيفة عليا، تتقدم سيدة أو اثنتان لنفس المنصب.
* خدمة «نيويورك تايمز»