دول أوروبية تحذر من تشفير الاتصالات وتأثيره على مكافحة الإرهاب

أصبحت عمليات السطو أو الاحتجاز المسلح بهدف السرقة التي تشهدها بلجيكا منذ هجمات بروكسل مارس (آذار) الماضي سببا كافيا لإثارة الرعب من وجود عمل إرهابي جديد، ويتكرر الأمر مع كل عملية سرقة أو سطو مسلح، حيث تسارع وسائل الإعلام بنقل الخبر ومتابعته تحسبا لوجود هجوم إرهابي، وهو ما حدث بالأمس في إحدى المدن القريبة من بروكسل، وأيضا منذ يومين في أحد المراكز التجارية في العاصمة البلجيكية. وبالأمس قام مسلحون بمهاجمة محل مجوهرات داخل أحد المراكز التجارية في شاتلينو البلجيكية جنوب العاصمة بروكسل. وقال الإعلام البلجيكي، إن ثلاثة من المسلحين بالكلاشنيكوف هاجموا متجر المجوهرات، وتمكنوا من الهروب في سيارة تحمل لوحات مسروقة. وفرضت قوات الأمن طوقا حول المكان لفترة من الوقت، ثم عادت وسمحت بفتح المكان من جديد أمام حركة المواطنين.
وكانت الأخبار الأولية قد أشارت إلى أن مسلحا داخل أحد المراكز التجارية، وكانت هناك مخاوف من احتمال أن يكون هجوما إرهابيا، ولكن اتضح فيما بعد أنه حادث سطو مسلح.
وفي الإطار نفسه، أكد المدعون العامون في عدة دول أوروبية، في بيان تلاه المدعي العام للجمهورية الفرنسية فرنسواز مولينز قائلا: «المدعون العامون المكلفون بمكافحة الإرهاب يأملون في توحيد أصواتهم لتنبيه السلطات العليا الوطنية والدولية وكذلك الشركات المعنية، لا سيما مشغلي وموردي البرامج المعلوماتية من خطر تشفير الاتصالات وإقفال هواتف الجيل الجديد واللوحات الإلكترونية والحواسيب».
وأضاف البيان: «إذا كانت حماية البيانات الشخصية تظل حقا أساسيا»، فإن التهديد الإرهابي «يبرر إذا لزم الأمر كجزء من التحقيق مع الضمانات الإجرائية المطلوبة كافة، وفقا لاحترام مبادئ التناسب والمساواة، أن يكون للسلطات القضائية المختصة الوصول لبيانات الأشخاص المتورطين في جرائم ذات طبيعة إرهابية». وأشار البيان أيضا بعد يومين من العمل المشترك في إطار «مجموعة الأطراف الأربعة» التي تم إنشاؤها في سنة 2006 بين البلدان الأربعة، إلى أن «هذا يجب أن يسمح لنا من بين أمور أخرى، أن نكون قادرين على حماية الأشخاص الضعفاء بشكل خاص مثل القاصرين الذين نلاحظ ارتفاعا مثيرا للقلق في تورطهم في ملفاتنا». وجمع هذا العمل المدعي العام لباريس مولينز والنائب العام للمحكمة الوطنية الإسبانية خافيير سارغوسا، والنائب العام لملك المغرب مولاي حسن داكي، والمدعي العام الفيدرالي البلجيكي فردريك فان ليو.
ويطرح تشفير الاتصالات على بعض الرسائل مثل «تليغرام» وترميز بعض الأجهزة مشكلة متكررة أمام المحققين، في الوقاية من الأفعال الإرهابية وفي تحقيقاتهم. ينوي مطار زافنتيم في بروكسل إجراء تعديل في خطته الأمنية. وأحد أهم الإجراءات الأمنية هو اختفاء الخيام الموجودة بمدخل المبنى لصالح بوابات أمنية من أحدث طراز، وذلك وفقا لمعلومات حصرية حصلت عليها محطة «آر تي آل». وأضافت أن الخطة الأمنية الجديدة سيتم تنفيذها في الأسابيع المقبلة. وسبق للأمين العام لنقابة الشرطة ستيفن ديلديك أن تحدث بالتفصيل عن هذه الإجراء لمحطة التلفزة البلجيكية. وقال أولا، ستتم إزالة الخيام الموجودة أمام المطار. وسيتم تركيب ثلاث بوابات استقبال في المبنى، البوابة الأولى في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول)، والثانيتان المتبقيتان قبل نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول). وستكون هذه البوابات مجهزة بأحدث التكنولوجيا في مجال الكشف عن الأخطار المحتملة. وسيتم إنشاء وحدة للقيادة، وهي مركز عصبي سيجمع الشرطة ورجال المطافئ وأجهزة الإنقاذ في مطار بروكسل، من أجل ضمان تواصل أمثل بين مختلف الفاعلين في الميدان.
وكذلك سيتم تدريب أفراد الشرطة على وجه التحديد على المراقبة في المطارات. وقد بدأت التدريب بالفعل.
ويأتي ذلك بعد أن أكد الرئيس السابق لإدارة أمن الدولة في بلجيكا آلان واينانس، أن البلاد ليست بمنأى عن هجمات إرهابية جديدة. وكان المسؤول البلجيكي السابق يتحدث أمام لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة بإلقاء الضوء على الهجمات التي وقعت في البلاد في 22 مارس (آذار) الماضي في بروكسل، وطالت المطار الدولي وإحدى محطات المترو الرئيسية في العاصمة وخلفت 32 قتيلا و300 جريح.
ومن المنتظر أن تصدر اللجنة تقريرها النهائي مع انتهاء هذا العام، الذي يهدف إلى استخلاص العبر مما حدث، ودعم القطاعات الأمنية والمدنية التي تعاني من ثغرات في مسعى للوقاية من هجمات جديدة. وأعرب واينانس، عن استغرابه لعدم تعرض مدينة بروكسل لهجمات في وقت سابق، قائلا إن «المدينة من الأهداف المفضلة لأصحاب الأفكار الجهادية، خصوصا أن الحكومات السابقة لم تول ما يكفي من الأهمية لهذا الخطر».