«درع الفرات» تنتزع «دابق» من «داعش» في هزيمة رمزية تمهّد لـ«معركة الباب»

قال وزير الدفاع التركي فكري إيشك إن القوات الخاصة التركية المشاركة في عملية درع الفرات لدعم قوات الجيش السوري الحر في شمال سوريا ستواصل تقدمها في شمال سوريا حتى يتم ضمان تأمين تركيا تماما من تنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال إيشك في تصريحات، أمس، جاءت بعد إعلان السيطرة على بلدتي دابق وصوران في شمال سوريا، إن حملة درع الفرات استطاعت إلى حد كبير التقليل من الخطر المباشر الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي على الأراضي التركية.
ولفت إلى نجاح القوات المشاركة في هذه العملية في تحرير مساحة ألف ومائة كيلومترات في الشمال السوري وأنّ القوات المشاركة في هذه العملية مستمرة في تقدمها من أجل إبعاد خطر التنظيم عن تركيا بشكل نهائي. وأشار إلى أن أنقرة مستمرة في التحضير للمشاركة في عمليتي تحرير الرقة، معقل «داعش» في شمال سوريا، وكذلك العملية الوشيكة في الموصل شمال العراق.
وانتزعت قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا والتحالف الدولي لضرب «داعش»، السيطرة على بلدة دابق من تنظيم داعش أمس، بعد أقل من 24 ساعة على انطلاق العمليات فيها في إطار درع الفرات. وقالت مصادر عسكرية تركية إنه يبدو أن «داعش» ترك المنطقة في أغلبها، لكنه حذر من أن الجيش السوري الحر ما زال يتعين عليه إزالة ألغام أرضية من دابق.
ويواجه تنظيم داعش هجوما متوقعا في وقت قريب على أهم معاقله وهو مدينة الموصل العراقية في حين يهدد تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تدعمه الولايات المتحدة ويهيمن عليه مقاتلون أكراد، بالتقدم باتجاه الرقة في سوريا، إلا أن هذه المسألة تثير خلافات بين أنقرة وواشنطن التي لا تريد مشاركة القوات الكردية من وحدات حماية الشعب والاتحاد الديمقراطي التي تشكل جزءا كبيرا من قوام قوات سوريا الديمقراطية في عملية الرقة.
واعتبرت المصادر التركية أن الحلقة الأصعب في عملية درع الفرات التي بدأت في 24 أغسطس (آب) الماضي، تم إنجازها وأن العملية ستستمر إلى أن يتم تحقيق جميع أهدافها المرسومة مسبقًا.
وتأتي أهمية تحرير قرية دابق وبلدة صوران، من كونهما تعتبران الممر الأسهل والأقرب إلى مدينة الباب التي تعد المعقل الرئيسي لـ«داعش» في ريف محافظة حلب.
وتعتبر أنقرة أن السيطرة على الباب سيقطع الطريق على عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية، وكذلك عناصر «داعش» من الارتداد من الموصل والتجمع في الرقة.
وتستهدف أنقرة من العمليات الجارية في شمال سوريا حاليا تطهير مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع لإقامة منطقة آمنة لإيواء اللاجئين السوريين بطول 98 كيلومترا من جرابلس إلى الراعي وبعمق 45 كيلومترا داخل الأراضي السورية، وهو ما سيضمن إبعاد «داعش» وكذلك منع إقامة شريط كردي على حدودها.
ورغم أن البلدة لا تتمتع بأهمية ميدانية استراتيجية لدى التنظيم مقارنة مع المدن الكبرى التي يسيطر عليها كالرقة في سوريا والموصل في العراق المجاور، فإن أهميتها تكمن في «رمزيتها الدينية» التي لطالما اعتمد عليها «داعش» في الدعاية له، بحسب ما يقول الباحث في الشأن السوري، أحمد أبا زيد. ويوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «خسارة التنظيم لهذه البلدة لها تأثير معنوي مباشر وانهيار للاستناد إلى المقولة الدينية التي يعتمد عليها (داعش) انطلاقا من دابق، وهو ما يؤثر على مصداقيته وهو عامل جذب بالنسبة إلى المقاتلين ولا سيما الأجانب منهم». أما ميدانيا، فإن السيطرة على دابق يمهّد وفق أبا زيد لاستكمال خط الوصل ما بين جرابلس وأعزاز ومارع وبالتالي التمهيد للمرحلة التالية من معركة «درع الفرات» في منطقة الباب التي تعتبر أكبر بلدات مدخل ريف حلب الشرقي.
وقال أحمد عثمان قائد «جماعة السلطان مراد» من فصائل الجيش السوري الحر التي شاركت في الاشتباكات مساء السبت وصباح الأحد، إن مقاتلين مدعومين بدبابات وطائرات تركية استولوا كذلك على بلدة صوران المجاورة. وأضاف لـ«وكالة رويترز» أن «أسطورة (داعش) عن معركتها العظيمة في دابق انتهت». وكان التنظيم وتزامنا مع الحشد العسكري للفصائل في محيط دابق، أورد في نشرته «النبأ» التي أصدرها الخميس، أن «هذا الكر والفر في دابق وما حولها (معركة دابق الصغرى) سينتهي بملحمة دابق الكبرى».
ويستند التنظيم إلى نبوءة دينية قديمة يرد فيها أن حشدا من الكفار يواجه جيش المسلمين عند بلدة دابق في ملحمة يقتل فيها الكثير من المسلمين، لكنهم ينتصرون في النهاية قبل أن تحل القيامة.
في السياق، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شروع الولايات المتحدة في بناء مطار في مدينة عين العرب (كوباني)، شرق حلب شمالي سوريا. وقال إردوغان في كلمة مساء السبت في لقاء في ريزة شمال شرقي تركيا،: «الأميركيون يبنون مدرجات جنوب عين العرب، وكان يتعين عليهم أن يتشاوروا معنا لا مع تنظيم إرهابي مثل حزب الاتحاد الديمقراطي قبل الإقدام على تلك الخطوة».
ومنذ يناير (كانون الثاني) 2015 تخضع عين العرب المحاذية لولاية شانلي أورفا جنوب تركيا، لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بعد انسحاب تنظيم داعش الإرهابي منها.