روسيا تطلق خطة لمحاولة حل الأزمة السكنية

تحاول وزارة التعمير والإسكان الروسية حل أزمة السكن في البلاد، وذلك عبر برنامج خاص أعلنت الوزارة عنه مؤخرًا يهدف إلى تسهيل الحصول على قروض عقارية، وزيادة قيمة تلك القروض خلال الفترة ما بين 1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى نهاية عام 2025، وذلك لمساعدة المواطنين على امتلاك مسكن خاص بهم.
ويحمل البرنامج عنوان: «تسهيل وصول المواطنين الروس للقروض العقارية»، ولم تنشر الوزارة بالتفصيل للخطوات التنفيذية للبرنامج والأدوات التي ستعتمد عليها في إتاحة القروض العقارية بصورة أكبر للمواطنين، إلا أنها تأمل في أن تتمكن من خلاله من زيادة حجم القروض العقارية التي يستخدمها المواطنون الروس حتى 2.2 مليون قرض عقاري سنويا بحلول عام 2025، علمًا بأن القروض العقارية المسجلة خلال عام 2015 لم تتجاوز 700 ألف قرض، ما يعني أن الوزارة تسعى إلى زيادة حجم القروض بثلاث مرات؛ إذ تتوقع أن تصل قيمة القروض العقارية عام 2025 لنحو 5.5 تريليون روبل روسي (نحو 88 مليار دولار)، وهو مبلغ يزيد بأربع مرات ونصف عن قيمة القروض العقارية لعام 2015، حيث قدمت المصارف الروسية للمواطنين ضمن فقرة «قرض عقاري» مبالغ لا تزيد على 1.2 تريليون روبل (نحو 19.2 مليار دولار).
وتقول الوزارة إنها لن تستخدم ضمن برنامجها الإسكاني الجديد موارد الميزانية الحكومية ولا موارد الميزانيات المحلية في الأقاليم الروسية، وتأمل بأن تحصل على تمويل للبرنامج من خارج الميزانية بقدر 26.8 تريليون روبل (نحو 42.8 مليار دولار).
ومن المرجح أن يكون خفض سعر الفائدة على القروض العقارية خطوة رئيسية في برنامج «تسهيل وصول المواطنين الروس للقروض العقارية»؛ إذ أشار وزير التعمير والإسكان الروسي ميخائيل مين، في وقت سابق إلى تجربة مقاطعة فولغوغراد، موضحا أنه «إلى جانب الفائدة الفيدرالية التي تحصل على دعم حكومي في القروض العقارية، في إطار برنامج (منزل لكل أسرة روسية)، فإن المقاطعة قد خفضت سعر الفائدة على القروض العقارية حتى مستوى ما بين 6 و6.5 في المائة»، واصفا هذه الخطوة بأنها «تجربة مفيدة»، ومرحبا في الوقت ذاته بابتعاد المستثمرين المشاركين في التطوير العمراني في المقاطعة عن تشييد الأبنية الشاهقة واعتمادهم على تشييد أبنية لا يزيد ارتفاعها على 3 طوابق.
وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعرب رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف عن يقينه بأن ظروف الاقتصاد الكلي في المستقبل المنظور ستسمح للبنك المركزي الروسي بتخفيض سعر الفائدة، وهذا سيساهم بتخفيض سعر الفائدة على القروض التي تمنحها المصارف الأخرى، بما في ذلك القروض العقارية.
وأشار ميدفيديف إلى أن المواطنين كانوا في «العهد السوفياتي» يحصلون على الشقة من الدولة بموجب اتفاق «استخدام اجتماعي» للمسكن، ومع أن ذلك الاتفاق لا يمنح للمواطن الحق في الملكية الخاصة للمسكن، إلا أنه كان يسمح له بالحصول فيه على إقامة دائمة، ومنح آخرين تلك الإقامة، وتوريثه لأفراد الأسرة، موضحًا أنه «في ظل ظروف اقتصاد السوق، يمكن ضمان المسكن عبر تلك الآليات (السوفياتية) لفئات محدودة جدا من المجتمع الروسي، ولهذا، فإن القرض العقاري يبقى وسيلة رئيسية لحل مشكلة السكن»، وفق ما يؤكد رئيس الوزراء الروسي.
ويصف الخبراء والمحللون مشكلة عدم توفر المسكن للعائلات الروسية بأنها واحدة من أكثر المشكلات الاقتصادية - الاجتماعية جدية التي تواجهها روسيا في هذه المرحلة، وتؤدي بدورها إلى كثير من المشكلات والأزمات المتشعبة المعقدة في المجتمع الروسي، ومنها أزمة مؤسسة الأسرة، وتراجع مستوى الولادات، في وقت تواجه فيه روسيا أزمة ديموغرافية وتعمل على زيادة عدد السكان، فضلا عن تأثير غياب المسكن على نجاح الأسرة في نشاطها الاقتصادي الاجتماعي، وما يخلفه ذلك من تداعيات سلبية على مستوى المعيشة وطبيعة الحياة في البلاد بشكل عام.
ويذهب كثيرون إلى تصنيف أزمة المسكن في روسيا على أنها «تهديد للأمن القومي وتؤثر سلبا على مكانة وهيبة روسيا دوليًا». وتشير بعض الإحصاءات غير الرسمية إلى أن مستوى توفر المسكن في روسيا يقارب نحو 40 في المائة مقارنة بنسبة السكان، هذا بحال تم تصنيف الهنغارات السكنية ضمن فئة «مسكن».
ويقول فلاديمير غازما، رئيس اتحاد المصارف الإقليمية الروسية، إنه «إذا استثنينا تلك المنشآت التي لا تصنف وفق معايير الدول المتقدمة على أنها منشآت سكنية؛ فإن مستوى توفر المسكن للمواطنين الروس لا يزيد على 20 في المائة».