بارزاني يبحث ملفات «الوقت الضائع» قبل قرع جرس الانفصال

شدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على ضرورة التنسيق بين بغداد وأربيل لمواجهة التحديات التي يواجهها العراق في كافة المجالات، وعبرا عن أملهما بأن يتوصل الجانبان إلى حل للكثير من القضايا والمشاكل المتراكمة بينهما قريبا. بينما أكدا على اقتراب موعد انطلاق معركة تحرير الموصل بمشاركة قوات البيشمركة والقوى الأمنية العراقية بإسناد من التحالف الدولي.
ففي الوقت الذي عد فيه المقربون من زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي التقليل من أهمية الزيارة في هذا الوقت رأى المقربون من رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي أن هذه الزيارة تحسب للعبادي بوصفه تمكن من استيعاب التناقضات بين أربيل وبغداد حين اختار بعكس سلفه المالكي التصعيد الذي أدى إلى توتير العلاقات بين الطرفين وهو ما لم يعد ملائما اليوم بسبب قرب معركة الموصل.
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال: إن المحادثات التي جرت مع وفد إقليم كردستان كانت لأجل دعم المقاتلين الذين يحررون الأراضي العراقية من تنظيم داعش، وأضاف العبادي أن الحكومة الاتحادية في بغداد تؤيد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في إقليم كردستان، وهي تنظر إلى جميع القوى السياسية باحترام.
بدوره قال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني إن الزيارة تأتي للتعبير عن التأييد الكامل لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي والتفاهم على كل القضايا العالقة. وبين بارزاني أنه تم الاتفاق مع رئيس الوزراء العراقي على حل جميع المشاكل بين الجانبين بما فيها الأزمة الاقتصادية وموضوع النفط والغاز.
وفي هذا السياق فإن النائب عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مسكوتا عنه بشأن هذه الزيارة وهو الدور الأميركي في ترتيبها خلال زيارة العبادي إلى نيويورك» مشيرا إلى أن «أوباما استثمر بذكاء حاجة الطرفين إلى بعضهما في هذا الوقت بالإضافة إلى سياسة العبادي الهادئة التي بدأت تؤهله للعب دور رجل المرحلة الانتقالية المقبول في ترتيب هذه الزيارة التي يكمن نجاحها في مجرد قيامها». لكن النائب الكردي عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يعد الآن أحد خصوم البارزاني الأقوياء هناك النائب فرهاد قادر يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «تشكيلة الوفد الذي يضم قياديين في الاتحاد الوطني وغيره من القوى الكردية التي تختلف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني تعني أن هذه الزيارة تحمل صفة الوفد السياسي أكثر من كونها حكومية مع أن بارزاني هو رئيس منتهية ولايته» مشيرا إلى أن «هناك قضايا مشتركة تهم الشعب الكردي يأتي في المقدمة منها الموازنة والنفط بالإضافة إلى مصير الإقليم الذي يحتاج إلى تفاهم مع بغداد حول كل الملفات يحتاج إلى مثل هذه التفاهمات بصرف النظر عن مواقفنا الحزبية والشخصية من هذا الشخص أو ذاك». وأوضح قادر أن «نجاح هذه الزيارة من عدمها مرهون بالنتائج التي سوف تتوصل إليها».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء كان إيجابيا ومثمرا، وأكد الجانبان على الرغبة في حل المشاكل العالقة وأضاف الحديثي أن الجانبين أكدا أيضا على ضرورة اللجوء إلى الحوار كوسيلة لحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وضرورة التعاون في مواجهة التحديات الاقتصادية الأمنية.
وعما إذا كان ملف تقرير مصير إقليم كردستان والعلاقات المستقبلية بين الإقليم والعراق قد بُحث بين الجانبين خلال الزيارة، أوضح المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط» أن الملف المهم في لقاءات الرئيس بارزاني مع معظم القيادات التنفيذية العراقية والسياسية، هو كيفية تطوير صيغة العلاقة بين بغداد وأربيل، وحل المشاكل بحيث نرتقي لعلاقة جديدة، أما التفاصيل الأخرى والخيارات التي ستستخدم لتطوير هذه العلاقة، أي هل سيكون استفتاء أم استقلالا أم كونفدرالية .
لكن الدكتور عرفات أكرم النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني يلخص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الزيارة الحالية لبارزاني إلى بغداد وكأنها لعب في الوقت الضائع. فإقليم كردستان كما يقول: «ذاهب إلى استفتاء حول تقرير مصيره لجهة الانفصال عن العراق» وبالتالي فإن أهمية هذه الزيارة تأتي من اعتبارين في غاية الأهمية الأول أنه حين يقوم بارزاني بزيارة أي مكان فإن الأمر يعني أن بارزاني ممتعض جدا من سياسة بغداد حيال الإقليم ولذلك فإن زيارته هذه وبصرف النظر عن كل ما يقال عنها فإنها تتلخص بعبارة واحدة لبغداد «إما نكون شركاء أو نفترق». وأضاف أنه «في حال لم تلتزم بغداد بأسس الشراكة الحقيقية فسيكون الإقليم مقبلا على استفتاء وهو ما سيبلغه للقادة العراقيين لا سيما الشيعة منهم».
وبحسب مصادر مطلعة فإن بارزاني لن يلتقي خلال زيارته إلى بغداد مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وكتلته (كتلة دولة القانون)، بينما سيجتمع مع عدد من القادة السياسيين العراقيين.