«ملك التجزئة» يزيح «رائد التقنية» عن «عرش المليارديرات»

بعد احتفاظ طويل بلقب أغنى أغنياء العالم، خسر رائد التقنية بيل غيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت» مكانته البارزة على عرش المليارديرات بعد 23 سنة من التربع فوقه، وذلك بعد أن أعلنت «فوربس» حاملا جديدا للقب، وهو أمانسيو أورتيغا مؤسس شركة الملابس العالمية «زارا»، ليحمل الإعلان رسالة جديدة مفادها أن العالم دخل بقوة في عصر سطوة تجارة التجزئة.
وقدرت «فوربس» ثروة أورتيغا بنحو 79.5 مليار دولار، ليتخطى بـ«مليار واحد فقط» حامل اللقب الدائم غيتس، والذي تقدر ثروته بنحو 78.5 مليار دولار. وذلك رغم أن مصادر اقتصادية أخرى ومنها وكالة «بلومبيرغ» تشير إلى أن ثروة الأخير تخطت 90 مليار دولار في تقديراتها الشهر الماضي، موضحة أن غيتس أضاف منذ بداية العام الحالي فقط 6.2 مليار دولار لما يملكه، لكن عادة ما تخضع هذه الأرقام لتغيرات تفرضها تذبذبات القيمة السوقية للشركات الرئيسية المملوكة لهؤلاء المليارديرات مع تحركات الأسهم، عند احتساب إجمالي ثرواتهم.
وفسرت «فوربس» هذه القفزة التي حققتها ثروة الإسباني أورتيغا، ذي الثمانين عاما، بالارتفاعات الجيدة التي شهدها سهم شركته «إنديتكس» Inditex، المالكة لعلامات «زارا» و«ماسيمو دوتي» و«بول آند بير»، وغيرها، حيث زاد السهم بنسبة 2.5 في المائة.
وكان أورتيغا قد سبق له أن أزاح قبل أشهر عملاق بورصة نيويورك الأميركي وارن بافيت من الرتبة الثانية ضمن أغنياء العالم، دافعًا إياه نحو الصف الثالث، بثروة تقدر اليوم بنحو 67 مليار دولار، وذلك عندما صعد إجمالي ثروة الملياردير الإسباني إلى 76.5 مليار دولار، حسب «بلومبيرغ».
وكان أورتيغا قد أسس العلامة التجارية زارا في عام 1975 بشراكة مع زوجته روساليا في إسبانيا، وحققت الشركة نموا باهرا، أبرز ما فيه أنه لم يعتمد على أي دعاية إعلانية من أي نوع، حتى أصبحت شركة كبرى ثم استحوذت عليها إنديتكس التي يملكها أورتيغا أيضا، والتي تعد إحدى كبريات شركات التجزئة على مستوى العالم بما يزيد على 6600 فرع حول العالم.
وبحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، زادت ثروة أورتيغا الشخصية 1.7 مليار دولار هذا الأسبوع، وهو ما أهل الرجل الذي كان بالفعل أغنى أغنياء أوروبا، ليحتل العرش عالميا.
وتشير التكهنات إلى أن مارتا، ابنة أورتيغا ذات الـ31 عاما، ستسيطر على إدارة أعماله.. إلا أن المجموعة لم تؤكّد كونها الخليفة القادم.
ولأورتيغا قصة نجاح كبرى في عالم الأعمال، فقد نشأ كابن لأحد عمال السكة الحديد من مدينة لاكورونا في إسبانيا، حيث بدأ حياته المهنية في الرابعة عشرة من عمره كصبي توصيل لصانع قمصان في المدينة التي تقع شمال إسبانيا. وخلال بضعة أعوام كان قد أنشأ ورشة لصنع ثياب النوم والملابس الداخلية وملابس الأطفال. وافتتح أول فرع لزارا في إسبانيا عام 1975.
ثم أسس مجموعة شركات الملابس «إنديتكس»، وحولها بإصراره من شركة أزياء عائلية صغيرة إلى أكبر شركات إسبانيا. كما حوّل زارا إلى كلمة متداولة في عالم الموضة، إذ غيّر وجه تجارة الأزياء بنموذج «الموضة السريعة».
ولا يجري أورتيغا مقابلاتٍ مطلقًا، ونادرًا ما تُلتقط له الصور. ولم يحضر حتى افتتاح سوق تداول الأسهم في بورصة مدريد حينما تم تعويم إنديتكس في 2001. أما على المستوى الشخصي، فأورتيغا رجل أعمال متحمس ومقنع، وعلى الرغم من تسليمه التدريجي للإدارة اليومية للشركة على مدار العقد الماضي، فإنه ما زال جزءًا منها، وفقًا لأشخاص على دراية بإنديتكس.
وتحمل منتجات زارا وأخواتها من العلامات التجارية «فلسفة الشباب» في عالم الملابس، إذ تنفذ تصميمات مستوحاة دون إسراف من أفضل خطوط الموضة الحديثة، ثم يجري تنفيذها بسرعة لتنتقل في سرعة فائقة إلى المتاجر قبل غيرها من العلامات التجارية.. فيما يجري سحب المنتجات ذات المبيعات والإقبال الضعيف من المتجر بشكلٍ أسرع. كما تهتم الشركة ومالكها للغاية بردود الأفعال والمقترحات التي تردهم من الزبائن والعاملين بالشركة.
ويمتلك أورتيغا 59.3 من الأسهم في أكبر شركات الأزياء في العالم الآن، متقدمًا على شركات مثل «غاب» Gap، و«هينز آند موريتز» Hennes & Mauritz، وهي خطوط شبابية أيضا. وفي العام الماضي، ازدهرت مبيعات مجموعة أورتيغا، بينما ارتفعت أسهم إنديتكس بنحو 40 في المائة.
ونمت الشركة من بداياتها المتواضعة في إقليم غاليسيا الشمالي المطير في إسبانيا، لتنتشر إلى أكثر من 6 آلاف متجر في نحو 90 دولة، بماركات تتراوح بين «ماسيمو دوتي» الفاخرة وسلسلة أزياء المنزل «زارا هوم».
وتُعد المجموعة هي الشركة الإسبانية الثالثة التي يجري تقدير قيمتها بأكثر من مائة مليار يورو، بعد بنك سانتاندير وشركة الاتصالات العملاقة تيليفونيكا، اللذين يتأخران جدًا عن إنديتكس في الوقت الحالي.