إصلاح برامج دعم الطاقة يتصدر مناقشات وزراء المالية العرب في تونس اليوم

تستضيف تونس بداية من اليوم الاجتماعات السنوية المشتركة للمؤسسات المالية العربية للمرة الثانية في تاريخها، بعد احتضان فعالياتها لأول مرة سنة 1996. وسيحضر أعمال الاجتماعات نحو 300 مشارك، على رأسهم وزراء المالية والاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية في الدول العربية. ويضم هذا الاجتماع السنوي 22 دولة عربية، من بينها السعودية والإمارات والكويت ومصر.
وقال صندوق النقد العربي - الذي يتولى مهام أمانة المجلس منذ إنشائه - في بيان له أمس إنه سيحضر الاجتماع بصفة مراقب كل من جامعة الدول العربية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والمديرين التنفيذيين العرب في كل من صندوق النقد والبنك الدوليين.
ويقدم الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، وزير المالية السعودي - على اعتبار السعودية عضوا في مجموعة «العشرين» - عرضا موجزا حول المستجدات في أولويات وأنشطة هذه المجموعة، وتأثير هذه الأولويات على القضايا والأوضاع الاقتصادية للدول العربية، ويناقش القضايا المقترح إدراجها ضمن رسالة المجلس السنوية لكل من مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ويتضمن جدول أعمال هذه الدورة عددا من المواضيع المهمة التي تشمل تقرير الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي. ويناقش المجلس تقارير متابعة حول محاور مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة لدعم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة العربية، بجانب مناقشة واقع وتجارب إصلاح دعم الطاقة في الدول العربية حيث سيقدم الدكتور أمية طوقان، وزير المالية الأردني، عرضا حول تجربة الأردن على صعيد إعادة توجيه الدعم نحو الفئات المستحقة.
ويستعرض المجلس التطورات الاقتصادية الدولية والإقليمية والتحديات التي تواجه اقتصادات الدول العربية، حيث يستمع المجلس في هذا الإطار إلى عرضين من صندوق النقد والبنك الدوليين حول التطورات والآفاق الاقتصادية الدولية.
وقال الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي إن اجتماع المجلس يمثل فرصة مهمة لمناقشة القضايا والأوضاع الاقتصادية والمالية في الدول العربية والتحديات المرتبطة بها والتنسيق وتبادل الأفكار حولها، مؤكدا في هذا الإطار على حرص صندوق النقد العربي واستعداده للقيام بكل ما يلزم ويسهم في تطوير أعمال المجلس وتحقيق أغراضه المنشودة.
ويشهد هذا الاجتماع مشاركة خمس مؤسسات مالية من العالم العربي، وهي الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا إلى جانب الهيئة العربية للاستثمار الإنماء الزراعي.
ووفق تصريحات لخبراء في مجال الاقتصاد لـ«الشرق الأوسط»، فإن بإمكان هذه المؤسسات المالية الضخمة دعم الكثير من مشاريع التنمية بعد الهدوء السياسي النسبي الذي باتت تعرفه تونس، لكنها مثل بقية المؤسسات المالية الدولية لديها كذلك بعض الشروط التي تطلب تنفيذها.
وقبل انطلاق اجتماع المؤسسات المالية العربية، وعدت تونس بتشكيل لجنة تشارك في تركيبتها كل الوزارات المعنية، هدفها البحث عما يساعد على انطلاق المشاريع العربية المعطلة من جديد. وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت من أهم البلدان العربية المستثمرة في تونس، وتشمل استثماراتها عدة مجالات من بينها السياحة والخدمات والمشاريع الزراعية.
وبشأن هذه التظاهرة المالية المهمة لتونس، توقع حسين الديماسي، وزير المالية التونسي السابق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تطرح تونس على طاولة النقاش مجموعة المشاريع المعطلة لا سيما المشاريع الخليجية التي كانت محل بحث خلال الزيارة التي أداها المهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية إلى خمس دول خليجية من 15 إلى 19 مارس (آذار) الماضي. واستبعد الديماسي الانخراط الكامل للمستثمرين العرب في دعم مشاريع التنمية في تونس خلال هذه الفترة، وقال إن رؤوس الأموال العربية ما زالت تدرس مدى استعداد الحكومة التونسية لإزالة المعوقات التي تقف ضد رجوع الاستثمار إلى نسقه العادي، ومن بينها عدم الاستقرار السياسي وتواصل التهديدات الأمنية.
ووفق بيان نشرته وزارة الاقتصاد والمالية التونسية، من المرتقب أن يجري خلال الاجتماعات العربية المشتركة تقييم نشاط الهيئات المالية ونتائجها خلال السنة الماضية، ودراسة وإقرار برامج عملياتها التمويلية والاستثمارية خلال سنة 2014.
وكان حكيم بن حمودة، وزير الاقتصاد والمالية التونسي، قد أشار في مؤتمر صحافي عقده لتقديم هذه التظاهرة المالية العربية الكبرى إلى إعداد البنك المركزي التونسي برنامجا متنوعا يشمل عقد لقاءات ثنائية بين كاتب الدولة (وزير دولة) التونسي المكلف التنمية والتعاون الدولي مع ممثلين عن كل الهيئات المشاركة في الاجتماعات.
وتعول تونس على عقد مجموعة من اللقاءات الثنائية خلال هذه الاجتماعات ومناقشة طرق تدعيم العلاقات الاستثمارية في تونس بإدخال تحسينات على البرامج الاستثمارية القديمة، وتحديد برامج جديدة بإمكانها أن تدعم المجال الاستثماري في تونس بما يضمن خلق مواطن عمل جديدة.
ومن ناحيته، أشار سعد بومخلة، أستاذ علم الاقتصاد بالجامعة التونسية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود عدة إشكالات عقارية وقانونية تعرقل إقبال المستثمرين العرب والأجانب على دفع التنمية في تونس.
وقال إن إجمالي المشاريع المنفذة في تونس خلال السنوات الثلاث الماضية لا يتجاوز حدود 66 في المائة على الرغم من رصد اعتمادات مالية كافية لها. ولم تجد بقية المشاريع طريقها إلى التنفيذ لأسباب عديدة من بينها المشاكل العقارية (ملكية جماعية للأراضي في عدة مناطق تونسية) والروتين الإداري وعدم التحمس للعمل على المستويين الجهوي والمحلي نتيجة الالتفات الجماعي إلى عالم السياسة على حساب التنمية، على حد قوله.