أمينة إردوغان تواسي أسرة الشرطية زينب.. «ضحية» الانقلاب الفاشل

أصبح «شهداء» محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الجاري رمزا لصفحة يعتز بها الأتراك لا تقل عن حرب الاستقلال. وفي مقابل الانقلابيين الذين تصب عليهم اللعنات في ميادين «حراسة الديمقراطية»، والذين دفن قتلاهم في مقبرة الخونة في إسطنبول، يذكر «الشهداء» بكل تأثر، ويرسل الأتراك يوميا الرحمات والدعوات إلى أرواحهم.
وتتنافس المؤسسات والأحزاب والبلديات والأوقاف والجمعيات على زيارة أسر 265 «شهيدا» في محاولة الانقلاب الفاشلة، وتقديم كل ما يحتاجون إليه، كما تتصاعد المطالبات بتخصيص معاشات لأسرهم، تغنيهم طيلة حياتهم عن فقدهم أعز أبنائهم.
ومن أكثر الأسماء التي برزت في قائمة «شهداء» محاولة الانقلاب الفاشلة اسم الشرطية زينب ساغير التي فقدت حياتها ليلة الانقلاب الفاشل، وخلفت وراءها طفلين وزوجا، وتأثر الشعب التركي كثيرا بقصتها.
وقامت أمينة إردوغان، زوجة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، بزيارة عائلة ساغير وجلست بين طفليها، وقالت لهما ولعائلة الفقيدة، إن «(الشهيدة) زينب هي إحدى البطلات المقاومات في وطننا، وإنها فقدت حياتها من أجل وطنها، وإن مقاومة الانقلاب لا تزال مستمرة، ونرجو من الله ألا تتكرر هذه الأيام الصعبة من جديد».
وعانت أمينة إردوغان، التي ولدت في 21 فبراير (شباط) 1955، شأنها شأن غالبية الإسلاميين في تركيا من ممارسات السلطات العسكرية السابقة التي جاءت نتيجة انقلابات في تركيا، وكانت الابنة الخامسة في أسرة جمال غول باران المنحدرة من أصول عربية، التي انتقلت من محافظة سيرت جنوب شرقي تركيا إلى إسطنبول، وتخرجت في المدرسة الثانوية المهنية في إسطنبول، حيث أقامت مع أسرتها في حي أوسكدار، والتحقت بمدرسة مدحت باشا المسائية للفنون، لكنها لم تكمل دراستها وتزوجت بالرئيس رجب طيب إردوغان في 4 فبراير (شباط) 1978، وأنجبت منه أربعة أبناء، وهم نجم الدين بلال، وأحمد براق، وسمية، وإسراء.
واضطرت إلى أن ترسل أبناءها للدراسة في الخارج في جامعات أميركية، بسبب منع الحجاب في المدارس التركية قبل تولي زوجها منصب رئيس الوزراء.
ونتيجة لما عانته من قبل، أطلقت عندما أصبحت زوجة لرئيس وزراء تركيا بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية حملة كبيرة على الصعيد الوطني، من أجل التصدي لمشكلة منع البنات من التعليم التي كانت جرحا داميا في بعض مناطق تركيا، وعانت منها، كما عانت خير النساء غول زوجة الرئيس التركي السابق عبد الله غول التي أقامت دعوى أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لمنعها من الالتحاق بالجامعة بسبب الحجاب.
والتحق عشرات الآلاف من البنات في تركيا بالمدارس بفضل هذه الحملة التي تحققت تحت شعار «هيا يا بنات إلى المدرسة». ثم واصلت جهودها تحت شعار «الأمهات والبنات كلنا في المدرسة». وتحاول من خلال هذه الحملة إيجاد حل لمشكلة الأمهات الأميات اللواتي لم يجدن الفرصة لتعلم القراءة والكتابة. وفي إطار رعاية أسر الشهداء، أهدت بلدية ولاية أرضروم شمال شرقي تركيا، مسقط رأس الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، والذي حولت منزله هناك إلى أرض فضاء للمنفعة العامة، منزلين لأسر شرطيين «استُشهدا» في منطقة جول باشي بالعاصمة أنقرة أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال رئيس البلدية علي كوركت، في بيان أمس (الخميس): «فقدت ولايتنا (شهيدين) من قوات مكافحة الشغب، إثر تصديهما لمحاولة الانقلاب مساء 15 يوليو (تموز) الحالي».
وأكد كوركت أن «أسرتي (الشهيدين) صامدتان ولا أجواء لحزن أو عزاء بمنزليهما»، مشيرا إلى أن «إخوة (الشهيد) يعقوب طلبوا منه إعلام وزير الداخلية وقوفهم إلى جانبه، وتمنيهم الانضمام إلى صفوف الأمن في أقرب وقت لإكمال مسيرة أخيهم».
وذكرت زوجة أحد «الشهيدين»، أن زوجها أكد لها سابقا أن الدولة لن تتركها وحيدة حال «استشهاده» يوما ما، مضيفة: «وهذا ما أشعر به حاليا». وأشار كوركت إلى أنه بحث مع المسؤولين إهداء منازل إلى أسر (الشهداء)، فأجابوه: «مهما أهدينا سيبقى ضئيلا أمام ما قدمه (الشهداء)».
ومن المتوقع تسليم المنازل المخصصة إلى أسر «الشهداء» بمنطقة ياقوتية السكنية في أرضروم في أغسطس (آب) المقبل.
في الوقت نفسه، تنشط فروع التنظيمات النسائية في الأحزاب السياسية والجمعيات الخيرية والأوقاف في زيارة عائلات «الشهداء»، ومواساتهم، وتقديم المساعدات لهم لتجاوز أحزانهم.