دانييل آغر: اعتزلت لأن جسدي لم يعد يتحمل «المسكنات»

يفتح الدنماركي دانييل آغر مدافع ليفربول السابق قلبه بعد إعلانه الاعتزال المفاجئ وهو في سن 31 عامًا، وتحدث عن اليوم الذي عاشه عام 2015 وشعر خلاله بأن جسده نال ما يكفي وعليه أن يفكر جيدا في الانسحاب من الملاعب، وأن إفراطه في تناول العقاقير المسكنة للألم لن يعيده مرة جديدة لقمة مستواه.
في يوم 8 مارس (آذار) 2015، وخلال مشاركته مع فريقه بروندبي في مباراة أمام كوبنهاغن بالدوري الدنماركي، يتذكر آغر أنه بحلول الدقيقة 29 قرر المدرب أن يسحبه من الملعب ويشرك لاعبًا آخر محله، لكن لحظة خروجه انهار وجرى نقله إلى غرفة الطبيب في باركين.
أول ما يتذكره آغر حينها أنه كان عاجزَا عن السيطرة على جسده، لكنه لم يشعر بأي ألم، وإنما استلقى فحسب بينما تملكت الرعشة جسده.
الواضح أنه لم يكن ينبغي على آغر المشاركة بهذه المباراة قط، نظرًا لأنه ظل يعاني من آلام طيلة الأسبوع السابق، ومثلما كان الحال في كثير من المرات من قبل على امتداد مسيرته الكروية، تناول آغر قدرًا كبيرًا من الحبوب المسكنة، أكبر بكثير من الجرعة الموصوفة له، وأخيرا أعلن جسده أنه نال ما يكفي من هذه العقاقير وخر مستسلمًا.
في ذلك اليوم، توقف آغر عن تناول مضادات الالتهاب، ومع انتهاء الموسم الكروي في مايو (أيار) الماضي اضطر لإعلان اعتزاله كرة القدم، وهو الذي لم يكن تجاوز عمره 31 عامًا بعد مشوار كبير قضى منه 8 سنوات في صفوف ليفربول الإنجليزي، وتحدث بصراحة عن مشواره المهني وما فرضه على جسده كي يستمر في اللعب.
كان آغر قد لعب لحساب ليفربول بين عامي 2006 و2014 قبل أن يعاود الانضمام إلى بروندبي ليشارك مع النادي الدنماركي لموسمين آخرين. بصورة إجمالية، شارك في 384 مباراة، منها 323 لحساب ليفربول، و77 لحساب بروندبي و75 لحساب المنتخب الدنماركي. الآن، يشعر آغر بألم في الظهر طيلة الوقت، ويرى أنه تمكن من تقديم 70 في المائة أو 80 في المائة فقط من كامل قدراته خلال آخر موسمين له مع ليفربول، وأقل من ذلك في بروندبي.
وتركزت مشكلة آغر الرئيسية في أنه كان مفرطًا في حركته، مما يعني أن مفاصل جسده كانت تتمدد على نحو مفرط. وكانت مشكلات الظهر لدى آغر قد بدأت في الظهور عام 2007، ثم تفاقمت جراء سقوطه خلال رحلة إلى تايلاند قبل انطلاق الموسم الكروي عام 2008. نهاية الأمر، عانى آغر من انزلاق في عموده الفقري، الأمر الذي تسبب في شعوره بالألم في ركبتيه وأصابع القدم أيضًا. ومن أجل أن يتمكن من اللعب، اضطر لتناول عقاقير مسكنة للألم تستخدم عادة في علاج الروماتيزم، وأحيانًا كان يتناولها بجرعات تفوق الجرعة القصوى التي أوصى بها الأطباء، مما عرَّض صحته للخطر.
وعن هذا، قال آغر في إحدى مقابلاته مع صحيفة «جيلاندز - بوستين» الدنماركية: «لقد تناولت قدرًا مفرطًا من المسكنات خلال مشواري الكروي. إنني أعي هذا جيدًا، وهو أمر يؤرقني، لكنني توقفت عن ذلك نهاية الأمر. وليس هناك ما أجنيه من وراء قولي هذا، لكن آمل أن يستفيد منه رياضيون آخرون. قد يقلل آخرون جرعات المسكنات التي يتناولوها بمقدار قرص أو اثنين».
قبل المباراة التي شارك فيها أمام كوبنهاغن في مارس 2015، عانى آغر من إصابة وكان مشكوكًا في إمكانية مشاركته مع الفريق. إلا أنه كان يرغب بشدة في اللعب، وعليه ظل يتناول لمدة أسبوع كامل الجرعة القصوى من العقار المسكن الموصوف له قرصان ثلاث مرات يوميًا - رغم أن الأطباء حذروه سابقا من أنه لا ينبغي أن يتناول هذه الجرعة القصوى لأكثر من ثلاثة أيام.
بوجه عام، تتنوع الأعراض الجانبية من شخص لآخر. وآغر غالبًا ما كان يشعر بالخمول بعد تناول العقار. وغالبًا ما كان يعوض ذلك بتناول قدر كبير من الكافيين.
وصباح مباراة كوبنهاغن، تناول قرصين، ثم تناول قرصين آخرين لدى وصوله لاجتماع ما قبل المباراة مع باقي أفراد الفريق والمدرب داخل استاد بروندبي قبل انطلاق اللقاء. بعد ذلك، شعر برغبة في النوم خلال رحلة الحافلة إلى باركين، حيث تقام المباراة، التي استغرقت 15 دقيقة، واضطر زميله مارتن أورنسكوف إلى إيقاظه. لاحقًا، أخبره أورنسكوف أنه لم يسبق له رؤية لاعب يغط في النوم قبيل انعقاد مباراة من قبل.
ومع هذا، ظل شعور قوي بالرغبة في النوم مسيطرًا على آغر، الأمر الذي دفعه لتناول كافيين ومشروب طاقة قبل الإحماء. بعد ذلك، خاض الاستعدادات الروتينية للمباراة، لكن هيمن عليه شعور مروع. وقال عن هذه اللحظات: «سيطر على تفكيري هاجس واحد هو البقاء داخل غرفة تبديل الملابس بعد الإحماء، لكنني بعد ذلك ارتديت القميص وقررت المشاركة في اللعب».
ومع ذلك، لم يكن آغر يتصرف على النحو المعتاد، حيث لم يبد حديثه قبل المباراة مترابطًا أو منطقيًا قبل المباراة بالنسبة لزملائه، بجانب أنه ناضل كي يتمكن من الحركة داخل الملعب. كما شعر وكأن رؤيته لم تعد متناغمة مع ما يجري حوله. في وقت مبكر من المباراة، حاول التصدي بالرأس لكرة طويلة قادمة نحوه، لكنه عجز عن رؤيتها بوضوح وأساء تقدير المسافة وسقط على ذراعه. وبعد 29 دقيقة، اضطر للخروج من الملعب، وجلس لفترة على مقعد البدلاء، لكنه اضطر لاحقًا للتوجه لغرفة الطبيب بمعاونة آخرين. والعجيب أنه لا يتذكر أيًا من ذلك.
في تلك الليلة، عندما عاد لمنزله، لم تتفوه زوجته صوفي بكلمة واحدة. في الواقع، لم تكن بحاجة للحديث، فعلى امتداد مسيرته داخل الملاعب تساءلت دومًا حول ما إذا كان ينبغي عليه تناول العقاقير المسكنة.
وعن هذا، قال آغر: «لقد قالت هذا مرارًا وتكرارًا، إنني ينبغي أن أتوقف عن تناول العقاقير المسكنة، لكن كلماتها كانت تدخل من إحدى أذني لتخرج من الأخرى. وعليه، فإنه عندما قررت التوقف عن اللعب، كانت سعيدة للغاية بسبب الألم الذي كنت أعانيه ولأنني تناولت قدرًا مفرطًا من العقاقير كي أستمر في الوقوف».
في مارس 2015، أدرك آغر، الذي كان قد بدأ بالفعل في تعاطي العقار المسكن بجرعة أقل؛ أن الوقت حان للتوقف تمامًا. وعن هذا، قال: «لم يتمكن جسدي من التواؤم مع هذا الوضع. من المفترض أن يجري تناول الجرعة القصوى لمدة ثلاثة أيام فقط. وقد قدم جسدي رد فعله حيال ما كنت أحقنه به، وكانت هذه طريقته في إعلان أنه نال ما يكفي، فعندما يعجز الرأس عن فهم ذلك، يضطر الجسد للقيام بهذا».
بعد عام وشهرين، اعتزل كرة القدم، معلنًا عبر مؤتمر صحافي أن جسده لم يعد قادرًا على التحمل.
وقال: «إنني في موقف الآن نلت منه ما يكفي، ذهنيًا وبدنيًا. أشعر أنه لا يزال بمقدوري تقديم مستوى جيد داخل الملعب، وتكشف العروض التي أتلقاها الأمر ذاته، لكنني لا أريد الشروع في السقوط، وإنما أفضل اعتزال الملاعب وأنا قريب من القمة. لقد أكدت دومًا على أهمية هذا الأمر بالنسبة لي، لذا أتوقف عن اللعب الآن».
جدير بالذكر أن أولى مشاركات آغر مع بروندبي كانت في سن الـ19 عامًا 2004. ورغم جميع مشكلات الإصابة التي عانى منها، ظل يشارك بالدوري الممتاز طيلة 12 عامًا. إلا أن هذا كان له تكلفته، ويأمل آغر الآن في أن يؤدي حديثه بصراحة عما مر به إلى دفع آخري لتفهم مخاطر الإفراط في تناول العقاقير.
وخلال المقابلة، تحدث آغر أيضًا عن مدرب ليفربول السابق الإسباني رافائيل بينيتيز، وقال: «كان من دون شك أفضل مدرب مناور لعبت تحت قيادته، فقد كان بإمكانه تغيير التشكيل والتكتيكات ثلاث مرات في مباراة واحدة. وقد جربنا أساليبه المختلفة بحيث تعلمنا ما ينبغي علينا فعله مع كل حالة. وأتذكر أيضًا عندما كنا متراجعين أمام برشلونة في ملعب كامب نو وكانت النتيجة هدفًا واحدًا للفريق الإسباني من دون مقابل. وقف بينيتيز حينها يشير لنا بيديه نحو الأسفل في محاولة لحثنا على الهدوء. وكان القليل منا قد أصابته بالفعل حالة من الذعر وظنوا أننا خسرنا المباراة، لكنه ظل محافظًا على هدوئه التام. قد وقف على جانب الملعب وقال لنا: خذوا الأمور بسلاسة وامضوا فيما تفعلونه فحسب، وبالفعل انتهت المباراة لصالحنا بهدفين مقابل هدف».
أما ديفيد مويز مدرب إيفرتون السابق، فقد كان يتابع آغر وهو يلعب قبل شهور قليلة من انضمام اللاعب إلى ليفربول وأعرب عن اهتمامه به. وحول ذلك قال: «طلب من مسؤولي النادي أن يلقاني أنا ووالدي بعد المباراة، وقد وافقنا على هذا بالطبع. وبعد المباراة، ذهبت لوالدي وانتظرته هو ووكيله بير ستيفنسين، لكن الأخير اتصل هاتفيًا وقال إن ديفيد مويز لن يحضر. وكان في طريقه إلى المطار لأنه رأى أنني غير مناسب للمشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد شهور قلائل، انتقلت إلى ليفربول».
وعن مشاركته مع ليفربول بنهائي دوري أبطال أوروبا وداخل استاد أنفيلد للمرة الأولى، قال آغر: «إن الشعور الذي ينتاب المرء قبل مشاركته في نهائي دوري أبطال أوروبا أو لدى مشاركته في مباراة على استاد أنفيلد من المستحيل وصفه. إنه شعور يتعذر وصفه، لكن على جميع اللاعبين السعي لمعايشته. إنك تعاين الكثيرين الذين تكبدوا عناء السفر وأنفقوا كثير من المال لحضور مباراة من أجل أن يشاهدوك. إن هذا هو الإخلاص وكثيرًا ما شغل ذهني هذا الأمر».
وعن رودي هودجسون مدرب إنجلترا السابق قال آغر: «لقد فقدت تمامًا رغبتي في الحضور للعمل خلال وجوده معنا لأن جلسات التدريب كانت شاقة للغاية - ليس بدنيًا، وإنما ذهنيًا. وكنا في كل جلسة نمر بالأمر ذاته مرارًا وتكرارًا».
وأضاف: «غالبًا ما كان هناك 8 مهاجمين يلعبون في مواجهتي أنا ومارتن سكرتيل. ومررت أنا وسكرتيل بجلسات تدريب شاقة للغاية لأننا كنا ندافع في مواجهة ثمانية. أما اللاعبون الثمانية الذين يهاجمون فكانوا يحومون في أرجاء الملعب فحسب، وكان الواحد منهم يعدو بالكاد لمسافة كيلومتر واحد، الأمر الذي أصابنا بالإحباط».
أما المدرب بريندان رودجرز، الذي كان آخر من لعب آغر تحت قيادته في ليفربول قبل العودة إلى بروندبي، فيعتقد المدافع الدنماركي أن علاقته به انهارت يوم مباراة الفريق في مواجهة ساوثهامبتون يوم 21 سبتمبر (أيلول) 2013، عندما شارك رغم معاناته من إصابة، وتسبب عن طريق الخطأ في إحراز ساوثهامبتون لهدف.
وقال آغر: «بعد المباراة، لم يتحدث إليّ. وبات واضحًا أن شيئا كبيرا قد وقع. لقد كنت أول من اعترف بأن الهدف جاء بخطأ مني. واعتذرت عن ذلك، لكن كما قال أحد أفراد الفريق الطبي المعاون فإنه ليست هناك حاجة لأن أعتذر لأن هناك 50 مرة أخرى أعلنت خلالها استعدادي للمشاركة وشاركت بالفعل، رغم أنني لم أكن في حالة بدنية تسمح بذلك، ومر الأمر بسلاسة. في تلك المباريات، لم يهتم أحد بما أفعله، لكن مع تلك المباراة تغير الأمر وتعذر عليّ متابعة اللاعب الخصم».
وأضاف آغر متحدثًا عن رودجرز: «ربما شعر أنني لست جيدًا بما يكفي، وأن مامادو ساكو وكولو توريه ومارتن سكرتيل أفضل مني. وهذا أمر يمكن تفهمه لأن أهم ما بالأمر أن يفوز ليفربول. وهذا أهم شيء بالنسبة لي أيضًا، لكن في غضون 42 يومًا انتقلت من كوني عضوًا بالتشكيل الأساسي ونائب قائد الفريق إلى الاختيار الرابع لمركز الظهير الأوسط. وقد ظل هذا الأمر مهيمنا على تفكيري لفترة طويلة».
وتأزمت الأمور مجددًا، حسب آغر، عندما اشتعلت مناقشة حامية بينه وبين رودجرز خلال استراحة ما بين الشوطين في مباراة أمام سوانزي سيتي في 23 فبراير 2014. كان رودجرز ينتقد أداء لاعبي مركز قلب الدفاع، سكرتيل وآغر، لسماحهما لويلفريد بوني بالاستحواذ على الكرة لفترة طويلة للغاية.
وقال آغر: «التزم الجميع الهدوء، لكنني وقفت وقلت: (كيف يمكنك الوقوف هناك والتفوه بهذا الحديث رغم أننا لا نفعل سوى ما أمليته علينا طيلة الأسبوع)». وحينها، نظر إلى رودجرز وتمتم «أيًا كان»، وبعدها حل لاعب آخر محلي بعد 12 دقيقة من الشوط الثاني.

دانييل آغر في سطور

> تاريخ الميلاد: 12 ديسمبر (كانون الأول) 1984 (الدنمارك)
> الطول 191 سم
> مسيرته: بدأ مشواره الكروي مع نادي بروندبي الدنماركي في عام 2004، وحصد معه الدوري عام 2005، وشارك في 34 مباراة وسجل 5 أهداف.
> انتقل إلى ليفربول عام 2006، وقضى معه 8 سنوات شارك خلالها في 323، وحصد فيها كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2006، والدرع الخيرية عام2007 وكأس رابطة المحترفين عام 2012، وهو صاحب الهدف الذي أهل ليفربول إلى نصف نهائي دوري الأبطال أمام تشيلسي عام 2007.
> عاد إلى بروندبي عام 2014 ولعب معه عامين قبل أن يعلن الاعتزال نهاية بانقضاء الموسم الماضي.
> لعب 75 مباراة دولية مع منتخب الدنمارك أولها في عام 2005.