المعارضة تعود إلى «حرب الأنفاق» في حلب لاستنزاف قوات النظام

في ضوء اشتداد الاشتباكات والقصف على مدينة حلب التي باتت شبه محاصرة ويعاني أبناؤها من كارثة إنسانية، أحيت المعارضة «حرب الأنفاق» محولة المعارك إلى حرب عسكرية تحت الأرض. ويوم أمس، أعلن عن مقتل 38 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري عندما فجر مقاتلون معارضون نفقا في حلب شمال سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأتى ذلك بعد ساعات على تحذير وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، من تعرض ما بين 200 و300 ألف مدني لخطر الحصار في حلب خلال الأسابيع القليلة المقبلة في الشطر الشرقي من المدينة. ودعا أوبراين جميع أطراف النزاع إلى ضرورة إتاحة الوصول الفوري وغير المشروط، إلى المنكوبين في المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها، وإلى رفع الحصار واحترام سلامة العاملين في المجال الطبي والإنساني، وضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية.
وكانت قوات النظام والمجموعات الموالية لها له تمكنت قبل نحو عشرة أيام تحت غطاء جوي روسي من السيطرة على طريق الكاستيلو، وهو الطريق الوحيد المؤدي إلى مناطق سيطرة المعارضة في الجزء الشرقي من حلب، مما شدد الحصار على آلاف المدنيين. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مقاتلي المعارضة «حفروا النفق تحت موقع لقوات النظام في حي باب جنين بحلب القديمة وقاموا بتفجيره ما أدى إلى انهيار المبنى»، ومقتل 38 عنصرا على الأقل. وتتقاسم قوات النظام والفصائل المقاتلة المعارضة منذ عام 2012 السيطرة على أحياء مدينة حلب، ثانية كبرى مدن سوريا.
وبث ناشطون تسجيل فيديو يظهر فيه مقاتلون داخل النفق يقولون إنهم سيستهدفون «موقعا مهما للنظام»، مهددين بتنفيذ هجمات جديدة. ويظهر التسجيل بعدها مقطعين لتفجير قوي يهدم مبنى يليه إطلاق نار. ويبدو أن أحد المقطعين التقط بواسطة طائرة مسيرة. وفيما قال المرصد إن المقاتلين المحاصرين بشكل تام في شرق حلب منذ أسبوعين «نفذوا العملية لتحويل انتباه النظام»، أكّد مصدر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «حرب الأنفاق» من شأنها استنزاف قوات النظام والفصائل المقاتلة إلى جانبها تمهيدا لتخفيف الحصار عن حلب، مشيرا إلى أن فصائل معارضة عدّة كانت قد بدأت بعمليات حفر الأنفاق في مدينة حلب، بهدف تدمير القواعد العسكرية لقوات النظام، عبر أطنان من المتفجرات.
وأكّد المصدر أنّ عبر هذه الأنفاق ستتمكن المعارضة من ضرب مواقع مهمّة للنظام ومن شأنها أن تحدث إرباكا في صفوف عناصره، لا سيما أن التنفيذ يتم بدقة وتقنية عالية على أيدي مهندسين متخصصين وعلى معرفة بطبيعة المنطقة. وتعد الطبيعة الكلسية التي تمتاز بها التربة في حلب القديمة عاملا مساعدا بالحفر، إضافة لتموضع المدينة القديمة فوق عقدة من الأنفاق القديمة التي يجري الاستفادة منها أيضا.
وأعلنت «غرفة عمليات فتح حلب» أنها تمكنت من نسف مبنى «فرع المرور» الواقع عند تقاطع شارع المتنبي مع شارعي باب الفرج وباب أنطاكية، الذي وصفته الغرفة بأنه «واحد من أكثر معاقل النظام تحصينا في خط الجبهة الأول». وذكرت الغرفة التي نشرت شريط فيديو لعملية التفجير، أن نسف المبنى أسفر عن قتل وإصابة عشرات العسكريين السوريين، وأوضحت أنها تمكنت من تنفيذ العملية عن طريق حفر نفق يؤدي للمبنى وتفخيخه، ومن ثم فجرته.
وكانت فصائل معارضة قد لجأت إلى أسلوب حفر الأنفاق وتفجيرها لأول مرة في منتصف فبراير (شباط) 2015، في حلب القديمة، حيث هز انفجار عنيف وسط المدينة ليتضح بعد ذلك أن الانفجار يعود لعملية استهدفت فندق الكارلتون الذي تتمركز فيه قوات النظام السوري.
وبعدها توالت العمليات المماثلة التي استهدفت مواقع للجيش وسط المدينة كثكنة «هنانو» ومبنى القصر العدلي وغرفة الصناعة وجميع هذه المناطق كانت عسكرية حسب المعارضة المسلحة.