مسيرة آيسلندا المذهلة في «يورو 2016» تبشر بانطلاقة في مونديال 2018

بوركت يا آيسلندا! إلى اللقاء وشكرا لكم. ستظل ذكراكم عالقة دائما في نيس ومرسيليا وسانت إتيان. سنتذكركم باستمرار. رحلة روي هودجسون بالقارب ورونالدو الغاضب. وحتى في الهزيمة المدوخة في دور الثمانية كانت مسيرة مشرقة من البداية حتى النهاية تقريبا.
أظهرت مسيرة آيسلندا إلى دور الثمانية في بطولة أوروبا لكرة القدم 2016 أن الجزيرة المشهورة بالبراكين والينابيع الحارة يمكنها أيضا تقديم كثير من المواهب في كرة القدم. وقبل انطلاق بطولة أوروبا الموسعة المكونة من 24 فريقا لم يتوقع كثيرون أن تستطيع الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 330 ألف نسمة ولديها مائة لاعب كرة قدم على مستوى المحترفين وأندية هواة فقط أن تخرج إنجلترا في طريقها إلى دور الثمانية. وقال الآيسلندي جيلفي سيغوردسون لاعب سوانزي سيتي: «هذا شيء لم يتوقع أحد أن نفعله. وهذا أمر جيد لأنه يمنح الأطفال في البلاد الأمل في أنه يمكن أن يحدث». وأضاف: «لدينا ما بين عشرة و15 لاعبا في سن مناسبة. المستقبل سيكون مشرقا لآيسلندا».
وكانت البطولة في فرنسا هي المكان المثالي للاعبي التشكيلة الحالية لإظهار إمكاناتهم وستكون هناك فرصة أمام لاعبي آيسلندا للانتقال إلى فرق أكبر في أوروبا. آيسلندا الآن على خريطة اكتشاف المواهب. وقال السويدي لارس لاغرباك مدرب آيسلندا الذي قرر الاعتزال بعد البطولة: «مستقبل آيسلندا يبدو جيدا. هناك مجموعة من اللاعبين الشبان هنا وإذا استمر الجميع في أندية جيدة أو انتقلوا إلى أندية أفضل المستقبل سيكون إيجابيا». والعامل الأهم في قصة النجاح هو قرار الاتحاد الآيسلندي لكرة القدم بتنفيذ بنية تحتية تمكن الناس من لعب كرة القدم طيلة العام رغم الأجواء شديدة البرودة. واستثمار أكبر الآن ربما يحدث. وبالنسبة للبعض فإن تأهل آيسلندا إلى بطولة أوروبا لم يكن مفاجئا. ففرق الشبان تأهلت إلى البطولات الكبرى. ويحتل فريق تحت 21 عاما المركز الثاني خلف فرنسا في تصفيات بطولة أوروبا وانتصر 3 - 2 على فرنسا في سبتمبر أيلول.
وقال تيودور تيودوريديس الأمين العام المؤقت للاتحاد الأوروبي لكرة القدم: «كان يمكننا توقع ذلك. ربما ليس الفوز على إنجلترا لكن يمكن توقع أن تكون منافسا صعبا وتتأهل إلى النهائيات». ومع بدء الهدف المقبل بالتأهل إلى كأس العالم 2018 فإن مجموعة من هؤلاء اللاعبين الشبان ستكون البلاد في حاجة إلى خدماتهم. وربما لن يستطيع كارل أنارسون لاعب الوسط أو المدافع راغنار سيغوردسون تقديم أفضل ما لديهم في 2018 مع تقدمهم في العمر واعتزال آخرين مثل إيدور غوديونسن.
لكن آيسلندا أظهرت إمكاناتها في فرنسا بالفوز على النمسا والتعادل مع البرتغال والمجر في دور المجموعات والفوز 2 - 1 على إنجلترا في دور الستة عشر. وانتهت مسيرتها الأحد الماضي بالهزيمة 5 - 2 أمام فرنسا. ولم تكن هذه النتائج مجرد ضربة حظ للفريق الشاب الذي كان قويا ومنظما. وبالإضافة إلى قوة دفاعها كان لدى آيسلندا النزعة التهديفية، حيث سجلت ثمانية أهداف في خمس مباريات. وفقدان المدرب لاغرباك ستكون خسارة كبيرة. وتصفيات كأس العالم ستكون أكثر صعوبة، حيث تملك أوروبا 13 مقعدا مقابل 24 فريقا في بطولة أوروبا. لكن الشيء الإيجابي من بطولة أوروبا أن آيسلندا لن تخشى المجموعة التي تضم كرواتيا وتركيا وأوكرانيا وفنلندا.
لن يجد البعض مفرا من تحويل هزيمة آيسلندا أمام فرنسا تجاه إنجلترا، على الرغم من حقيقة أن إنجلترا عادت إلى الديار الأسبوع الماضي، عادت جثة صفراء ومنتفخة. ومع هذا، سيحاول الناس أن يجعلوا هذه الهزيمة التي تلقتها آيسلندا متعلقة بإنجلترا. كيف أمكننا؟ كيف هزمنا؟ كان يجب أن... وجعل كل الأمور تتعلق بك. إنها أنانية الوهم الإنجليزي. هذا جزء من المشكلة. إذن دعونا لا نفعل هذا. أو، إذا كان لا بد لنا، فإن السؤال الوحيد الحقيقي الذي يستحق طرحه هو بأي نتيجة كانت فرنسا بحالتها هذه ستهزمنا إذا واجهناها في دور الثمانية. هل كانت لتصبح أسوأ من 5 - 2؟ النتيجة نفسها؟ أفضل قليلا؟ وبعيدا عن هذا، كيف يمكن لإنجلترا أن تتحسن؟.
إن التعلم من آيسلندا قد لا يكون فكرة سيئة. فقط تخيلوا ماذا كان يمكن للكرة الإنجليزية أن تفعله من قاعدة منهارة إلى دوري مهدر للطاقات بشدة. كانت هناك لحظة أخرى طيبة في نهاية المباراة، عندما توجه لاعبو ومدربو آيسلندا ليغنوا مع جمهورهم. على الرغم من كل المشاعر المشتركة بالفخر، فإن اللاعبين بدوا منهارين على الصعيد الاحترافي بسبب هذه النتيجة الثقيلة. لكن هذه النتيجة ستمر وستأخذ آيسلندا معها ذكريات جميلة، وآمالا بالمزيد، وفوق كل شيء، كثير من الأصدقاء. كانت الجائزة النهائية هنا مقعدا في المقصورة الأمامية لمشاهدة فرنسا وهي تكتسب زخم الفوز بالبطولة. تمثل ألمانيا منافسا أكثر انضباطا وصعوبة، لكن وسط الملعب الفرنسي سيجد من يوقفه.
وحظي المنتخب الآيسلندي باستقبال الأبطال من قبل جماهيره لدى وصوله إلى العاصمة الآيسلندية ريكيافيك الاثنين بعد انتهاء مشاركته في (يورو 2016) وبعد أن حقق إنجازا غير مسبوق في تاريخه، حيث وصل إلى دور الثمانية في أول مشاركة له بنهائيات البطولة الأوروبية، وانتهى مشواره بالهزيمة أمام نظيره الفرنسي 2 - 5 الأحد. واحتشد عشرات الآلاف من مواطني آيسلندا للاحتفاء بالفريق الذي قدم عروضا قوية في البطولة الأوروبية وتجاوز دور المجموعات، وكذلك دور الستة عشر على حساب نظيره الإنجليزي قبل الهزيمة أمام فرنسا.
واحتشدت الجماهير عند مبنى المحكمة العليا في ساحة أرنارهول بالعاصمة ريكيافيك، وفي كثير من شوارع العاصمة. ووصف لاغرباك، الذي انتهى مشواره في منصب المدير الفني للمنتخب الآيسلندي، الاستقبال بأنه رائع، قائلا إن الفريق لم يكن يتوقع خلال مشاركته في البطولة بفرنسا هذا الحجم من الاحتفالات لدى عودته. وقد احتفل لاعبو المنتخب وسط الجماهير من خلال التواجد على متن حافلة مفتوحة. وقال لاغرباك: «ما رأيناه من تلويح الجماهير على طول الطريق من المطار إلى وسط المدينة كان رائعا».
من جانبه، قال المهاجم كولبين سيغثورسون، مسجل أحد الهدفين في مرمى فرنسا: «هذا حلم أن نحظى بهذا الاستقبال والدعم. لقد عشنا أشياء رائعة، وهذا فعلا حلم حقيقي. نحن فخورون لأننا استطعنا إسعاد بلدنا». وقال آرون غونارسون قائد المنتخب: «يمكننا الشعور بالفخر بشكل عام. إنه إنجاز من نوع خاص لفريق صغير. لم يتوقع أحد أن نصل إلى هذه المرحلة». وكانت الهزيمة في مباراة فرنسا هي الوحيدة لآيسلندا في يورو 2016 حيث تعادلت مع البرتغال والمجر وحققت الفوز على النمسا وإنجلترا.
وإلى جانب التألق، سيتذكر كثيرون المشاركة المميزة للمنتخب الآيسلندي من خلال حسن سلوك لاعبيه وروحه المرحة، وقال سيجثورسون: «لا يمكن أن نتذمر، من الصعب أن يفوز فريق باليورو في مشاركته الأولى».
وذكرت قناة «آر يو في» التلفزيونية العامة عقب مباراة فرنسا «على مضض، انتهت مغامرة آيسلندا» بعد أداء رائع في البطولة. وكتب داغور بي إيغرتسون، عمدة العاصمة ريكيافيك، في تغريدة بموقع شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أنا مقتنع بأنها مجرد بداية لمغامرة كرة القدم (الآيسلندية). كنتم عظماء، أيها الشباب، وأعطيتمونا كل الأمل. فخورون بكم لأقصى درجة».