اشتعال المعارك في ريف اللاذقية.. وإغلاق مطار عسكري

قال ناشطون سوريون إن القوات الحكومية بدأت بحشد مقاتليها على تخوم بلدة رنكوس في القلمون بريف دمشق الشمالي، بعد استعادتها السيطرة على بلدتين حدوديتين مع لبنان أول من أمس، بالتزامن مع تصعيد يشهده محور جوبر – زملكا في دمشق وريفها، في محاولة للسيطرة على المنطقة المحيطة بالعاصمة السورية من جهة الشرق. وبموازاة ذلك، احتدمت المعارك في ريف اللاذقية أمس، واضطر نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى إغلاق مطار حميميم العسكري في المنطقة وذلك بعد استهداف كتائب المعارضة السورية في الساحل المطار بعدد من صواريخ غراد. وبينما اتهمت دمشق الحكومة التركية بتسهيل دخول المقاتلين بشكل منظم إلى منطقة كسب، فتح الجيش التركي النار على الأراضي السورية ردا على إطلاق قذائف مورتر وصاروخ في قصف عبر الحدود أصاب مسجدا في بلدة يايلاداجي.
وقال مدير مكتب القلمون الإعلامي عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» بأن القوات الحكومية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني «نفذت انسحابات من بلدتي فليطا ورأس المعرة بنسبة 50 في المائة»، وهما بلدتان حدوديتان مع شرق لبنان، كانت سيطرت عليهما السبت الماضي، مشيرا إلى أن الحشود «تركزت في محيط بلدة رنكوس، التي تتحضر القوات النظامية لمهاجمتها».
وتعد رنكوس آخر بلدات وسط القلمون التي يحكم مقاتلو المعارضة السيطرة عليها، ولجأ إليها عدد كبير من المقاتلين المعارضين بعد دخول القوات الحكومية إلى مدينة يبرود منتصف الشهر الماضي. وأوضح القلموني أن الحشود العسكرية النظامية «تتجمع في الفوج 67 القائم على أطراف البلدة، وسط قصف متقطع تتعرض له مناطق متاخمة لرنكوس».
وانتقل خط الاشتباك بين المقاتلين المعارضين والقوات الحكومية في القلمون إلى جنوب غربي رنكوس وغرب الزبداني، فيما تندلع اشتباكات منذ ثلاثة أيام في محيط بلدة راس العين، غرب يبرود، التي كانت القوات النظامية أعلنت سيطرتها عليها غداة استعادتها السيطرة على يبرود. وقال القلموني إن الاشتباكات في تخوم بلدة راس العين «أسفرت عن مقتل 35 شخصا خلال ثلاثة أيام، وتدمير ثلاث دبابات للقوات النظامية». وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقتل عقيد ركن من القوات النظامية في اشتباكات مع جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة في محيط بلدة رأس المعرة.
وتعد هذه المنطقة قاعدة خلفية للمعارضة في شرق القلمون، وتحديدا في بلدة معلولا التاريخية التي يسكنها مسيحيون، وتسيطر المعارضة عليها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتفصل بين معلولا ورأس العين، بلدة الصرخة التي يسيطر مقاتلو المعارضة عليها أيضا.
وبموازاة التحضيرات النظامية للهجوم على رنكوس، أفاد معارضون بتكثيف القوات النظامية حملاتها على مدينة الزبداني، غرب دمشق، بعد سقوط الهدنة بين القوات النظامية والمعارضة فيها، كما أشاروا إلى أن الضغط العسكري على المدينة «بدأ قبل أربعة أيام». وأفاد ناشطون بتعرض أطراف المدينة لقصف جوي ومدفعي، غداة سقوط خمسة قتلى في القصف.
وفي مقابل الضغط العسكري في القلمون بريف دمشق، أكد ناشطون أن القصف الذي تتعرض له زملكا بريف دمشق «لم تشهد المنطقة مثيلا له من حيث الكثافة منذ أكثر من عام». ويأتي التصعيد في زملكا بموازاة تصعيد مشابه في حي جوبر في دمشق الملاصق لزملكا، الذي تسيطر عليه المعارضة منذ أكثر من عام. ويقول ناشطون إن النظام يحاول استعادة هذه المنطقة الملاصقة لشرق العاصمة، بهدف تأمين عاصمته، بعدما نجح بتأمين دمشق من المنطقة الجنوبية.
ونفّذ الطيران الحربي غارة جوية على مناطق في بلدة المليحة والمنطقة القريبة من الصرف الصحي بمدينة عدرا، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة على أطراف مدينة داريا، ترافق مع قصف القوات النظامية مناطق في المدينة. وأفاد المرصد بتجديد القوات النظامية قصفها مناطق في مدينة دوما، كما قصف الطيران الحربي على مناطق في الغوطة الشرقية.
في غضون ذلك، احتدمت معارك ريف اللاذقية، وتقدمت القوات الحكومية مستعيدة السيطرة على المرصد 45 الذي كان مقاتلون إسلاميون سيطروا عليه الأسبوع الماضي.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» أن وحدات من الجيش النظامي وقوات الدفاع الوطني «أحكمت سيطرتها بشكل كامل على النقطة 45 بريف اللاذقية الشمالي وتابعت ملاحقتها فلول المجموعات الإرهابية في المنطقة»، مشيرة إلى تدمير «ست سيارات مزودة برشاشات ثقيلة بمن فيها من إرهابيين على طريق نبع المر حاولت الهروب بعد إحكام الجيش سيطرته على النقطة 45».
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى «تقدم» للقوات النظامية التي نشرت راجمة صواريخ على التلة المشرفة على قرى عدة تقطنها غالبية من العلويين، مشيرا إلى أن «المعارك العنيفة مستمرة» في المنطقة.
وهي المرة الأولى التي تشهد هذه المنطقة معارك بهذا العنف وهذه الدرجة من الدموية. وقد أسفرت منذ اندلاعها عن مقتل أكثر من 300 مقاتل من الطرفين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن «القوات النظامية نصبت راجمات للصواريخ في النقطة 45»، مشيرا إلى «المعارك ما تزال محتدمة في المنطقة». واستهدف المقاتلون فجر أمس، للمرة الأولى بصواريخ غراد مطار باسل الأسد الواقع بالقرب من القرداحة. وأشار المرصد إلى أن «الصواريخ سقطت بالقرب من المطار من دون أن توقع ضحايا أو أضرار»، لافتا إلى أن المطار «مدني ومهم بالنسبة للنظام».
كما اضطر النظام السوري إلى إغلاق مطار حميميم العسكري في المنطقة وإيقاف العمل فيه وصرف العاملين، كما أغلق كافة الطرق المؤدية إليه، وذلك بعد استهداف كتائب المعارضة السورية المطار بعدد من صواريخ غراد. ويستخدم النظام المطار لنقل السلاح والمعدات الحربية إلى الشمال السوري. كما أفاد ناشطون بقصف الكتائب المقاتلة مناطق قريبة من مدينتي جبلة والقرداحة ذات الأغلبية العلوية، وأهم معاقل آل الأسد في تصعيد متواصل لمعارك الساحل.
كما أفاد المرصد بتعرض مناطق في قرية الخضرا لقصف من قبل القوات النظامية، وسط اشتباكات اندلعت بين تلك القوات مدعمة بقوات الدفاع الوطني و(المقاومة السورية لتحرير لواء إسكندرون) المواليين لها من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى، في محيط تلة النسر وعلى الشريط الحدودي مع تركيا.
وارتفع عدد قتلى معارك ريف اللاذقية منذ اندلاعها في 21 مارس (آذار) الماضي، إلى أكثر من 1052 قتيلا، بينهم أكثر من 194 شخصا من عناصر وضباط قوات الأمن والجيش النظامي والدفاع الوطني والجبهة الشعبية لتحرير لواء الإسكندرون»، وكتائب البعث والمسلحين غير السوريين الموالين للنظام.
وفي سياق متصل، قال مكتب حاكم إقليم هاتاي التركي ووسائل إعلام محلية تركية بأن الجيش فتح النار على الأراضي السورية ردا على إطلاق قذائف مورتر وصاروخ في قصف عبر الحدود أصاب مسجدا في بلدة يايلاداجي.
وقالت وكالة أنباء دوجان التركية بأن ثلاث قذائف مورتر سقطت على الأراضي التركية أثناء قتال في سوريا بين مقاتلين إسلاميين وقوات موالية للأسد للسيطرة على بلدة كسب المسيحية الأرمينية.