غموض سياسي في أستراليا بعد انتخابات تشريعية مبكرة

كان الغموض يسود أستراليا أمس بعد انتخابات تشريعية لم تسمح لرئيس الوزراء المنتهية ولايته مالكولم ترنبول بتعزيز موقعه، كما كان يأمل حين دعا إلى هذا الاقتراع المبكر.
وقرر ترنبول، المصرفي السابق ورجل الأعمال المليونير، تنظيم انتخابات مبكرة كان من المفترض أن تتم بالأساس بحلول يناير (كانون الثاني) 2017. لتثبيت غالبيته في مجلس الشيوخ، حيث يقوم توازن السلطة حاليا على أعضاء مستقلين أو قادمين من أحزاب ذات أقلية، عرقلوا بعض إصلاحاته.
كما كان ترنبول (61 عاما) يأمل في إضفاء شرعية على «الانقلاب» الداخلي الذي جرى في حزبه الليبرالي، أكبر أحزاب الائتلاف المنتهية ولايته، وسمح له في سبتمبر (أيلول) الماضي بإسقاط رئيس الوزراء توني أبوت الذي كان وزيرا في حكومته. غير أنه قد يترتب عليه الآن التفاوض مع مستقلين أو أحزاب صغيرة من أجل البقاء في السلطة.
ودعي نحو 15.6 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب الـ150 وأعضاء مجلس الشيوخ الـ76. وبعدما أضيف إليه أمس عدد من الأصوات التي تم الإدلاء بها عبر البريد، بات ائتلاف ترنبول يتمتع بـ65 مقعدا في مجلس الشيوخ، مقابل 67 مقعدا للعماليين، ومقعد واحد للخضر وأربعة مقاعد للمستقلين، بحسب نتائج مؤقتة. وما زالت نتائج 13 مقعدا غير محسومة بعد نظرا إلى التقارب بين أعداد الأصوات. ومن أجل الفوز بالغالبية يتحتم الحصول على 76 مقعدا.
ومن غير المتوقع صدور النتائج النهائية قبل غد الثلاثاء، إذ لا يزال يتحتم فرز ملايين الأصوات عبر البريد والأصوات بالوكالة. ويشير الخبراء إلى أن هذه الأصوات تصب عادة لصالح الحكومة المنتهية ولايتها. ورغم خسارة بعض نواب الائتلاف مقاعدهم، أبدى ترنبول ثقته في الفوز، متوجها إلى أنصاره في سيدني باكرا صباح الأحد. وقال: إنه «بوسعنا أن نثق مليا في قدرتنا على تشكيل حكومة ائتلافية تحظى بالغالبية».
وفي خطاب حاد النبرة، اتهم ترنبول العماليين بقيادة زعيم المعارضة بيل شورتن (49 عاما) بشن حملة تهويل تقوم على انتقاد النظام الصحي، واعدا بتوحيد الأستراليين. وقال: «انتهت الانتخابات. ولم يعد هناك سوى الفرز. حان الوقت لنتحد من أجل مساعدة أستراليا، وخدمة أستراليا».
وبعد حملة انتخابية باهتة، اغتنم ترنبول صدمة القرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، ليلعب على ورقة الاستقرار الاقتصادي، وقد انضمت إليه وسائل الإعلام الأسترالية الكبرى. وشدّد في الأيام الأخيرة على ضرورة الثبات بوجه المخاوف من تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الدولي. وقال: «علينا الصمود، ويجب أن يكون لدينا خطة تستجيب لضرورات العصر، عصر التحديات والفرص».
وتشهد أستراليا تقلبات في الحياة السياسية منذ تولي العمالي كيفن راد رئاسة الحكومة في 2007، بعد بقاء الليبرالي جون هاورد في السلطة على مدى عقد. وأطاحت العمالية جوليا غيلارد بكيفن راد عام 2010 قبل أن يعود ويحل محلها في السلطة في 2013. إنما لبضعة أشهر فقط مع فوز توني أبوت عليه في انتخابات تشريعية، إلى أن سقط بدوره أمام ترنبول في سبتمبر.
وخاض العماليون حملة تقليدية وعدوا خلالها بتوظيف استثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وبمزيد من العدالة الضريبية وتطوير الطاقات المتجددة. أما ترنبول، فركز حملته على مهارة فريقه على الصعيد الاقتصادي، في وقت تخوض أستراليا التي لم تسجل انكماشا منذ 25 عاما، مفاوضات حول انتهاء العصر الذهبي للمناجم. ووعد بتخفيضات ضريبية، ودافع عن سياسته المثيرة للجدل على صعيد الهجرة.
وتصدّ أستراليا بشكل منهجي مراكب المهاجرين غير الشرعيين التي تقترب من سواحلها. وتحتجز الذين يتمكنون من النزول على أرضها في مخيمات على جزر قريبة من دون أي أمل في الحصول على حق اللجوء.