منتخب ويلز يحلق في آفاق السعادة بعد التأهل التاريخي إلى قبل النهائي

لم يركز رجل المباراة هال روبسون كانو كثيرا على هدفه الرائع، وعلى موقفه الحالي على الصعيد الاحترافي، لكنه فضل الاحتفال مع منتخب ويلز بالتأهل التاريخي إلى المربع الذهبي ليورو 2016 عبر الفوز على بلجيكا (3 -1) في دور الثمانية. وأصبح روبسون كانو بلا ناد في اليوم التالي لإنهاء عقده مع فريق ريدينج المنافس بدوري الدرجة الثانية الإنجليزي.
وسجل روبسون كانو الهدف الثاني لمنتخب ويلز مستغلا عرضية من أرون رامزي، ليسدد كرة رائعة في أقصى الزاوية اليسرى للمرمى البلجيكي. وقال روبسون كانو: «بالتأكيد الكرة جاءت على أقدامي، لقد دخلت منطقة الجزاء وسددت في الشباك». وأضاف اللاعب البالغ من العمر 27 عاما: «لقد قضيت في ريدينج 12 عاما وكنت مخلصا جدا، خلال هذا الموسم قررت فسخ عقدي حتى يكون مصيري بيدي». ويحلم روبسون كانو بالانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتأكيد فإن أهدافه مع المنتخب الوطني خير دعاية له في سبيل تحقيق هذا الحلم. كما أن روبسون كانو من بين اللاعبين المهمشين في صفوف منتخب ويلز، نظرا لأن غاريث بيل نجم ريال مدريد وأرون رامزي لاعب آرسنال، يخطفان كل الأضواء.
وقال كريس كولمان مدرب منتخب ويلز: «إنه مدافع هائل، سعيد لأنه سجل هدفا». ولكن الجميع أشاروا سريعا إلى المجهود الجماعي الذي قاد الفريق لتحويل تأخره بهدف إلى الفوز بثلاثة أهداف حملت توقيع روبسون كانو والقائد أشلي ويليامز وسام فوكس. وقال روبسون كانو: «نحن نحلق في آفاق السعادة، لقد عملنا لسنوات طويلة من أجل تحقيق ذلك، ونجني ثمار ما زرعناه». وأشاد كومان بمنتخب ويلز الذي سجل عودة رائعة في المباراة بعد أن تقدم رادجا ناينغولان بهدف مبكر لبلجيكا.
وقال كولمان: «ما رأيناه هو روح الفريق وتلاحمه وعلاوة على ذلك فإن الأداء الذي قدمه الفريق جاء بوصفه رد فعل بعد تأخرنا بهدف مبكر». وأشار: «لقد سجلوا هدفا مبكرا على عكس ما كنا نتمنى، ولكن الأولاد ردوا سريعا، وقد سجلنا هدف التعادل وأعتقد أن ذلك أدهش منتخب بلجيكا».
ومن جانبه، أوضح غاريث بيل: «لقد كافحنا بقوة، قمنا بالانتشار في الملعب بأكمله، أعتقد أننا نستحق العبور إلى الدور قبل النهائي، نثق بأنفسنا، ونعرف ما نفعله». وأضاف: «إنه أمر لا يصدق، كنا نثق تماما في قدرتنا على الوصول إلى هذه المكانة، نحن نستمتع بالتجربة». وحقق منتخب ويلز نتائج رائعة في يورو 2016، في مشاركته الأولى في البطولة والتي جاءت بعد قرابة 60 عاما من المشاركة الوحيدة لويلز في مونديال 1958. وتصدر منتخب ويلز مجموعته في يورو 2016 بعدما فاز على سلوفاكيا وروسيا وخسر أمام إنجلترا، ثم فاز الفريق في دور الـ16 على آيرلندا الشمالية. ويلتقي منتخب ويلز في المربع الذهبي مع البرتغال يوم الأربعاء المقبل في ليون. ويفتقد منتخب ويلز جهود رامزي والمدافع بين دافيز بسبب الإيقاف. وتشهد المباراة مواجهة من نوع خاص بين غاريث بيل والهداف البرتغالي كريستيانو رونالدو زميله في ريال مدريد الإسباني.
في المقابل ووسط هجوم من حارس المرمى تيبو كورتوا وبعض وسائل الإعلام البلجيكية، أصبح مستقبل مارك فيلموتس المدير الفني للمنتخب البلجيكي في مهب الريح. وودع المنتخب البلجيكي فعاليات بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2016)، بهزيمته أمام نظيره الويلزي في دور الـ8 للبطولة. ويأتي الخروج المهين للفريق من البطولة ليضع مستقبل فيلموتس مع الفريق في مهب الريح، وبخاصة بعدما اتهم كورتوا مدربه ضمنيا بأنه وراء الخروج أمام ويلز، حيث أكد أن فيلموتس لجأ لنفس طريقة اللعب التي استخدمها في مباراة الفريق الأولى بالبطولة والتي خسرها (صفر – 2) أمام نظيره الإيطالي (الأزوري) ليخسر الفريق أمام ويلز مساء أول من أمس رغم سيطرته على مجريات اللعب في بداية المباراة.
وقال كورتوا حارس مرمى تشيلسي الإنجليزي: «لم يثمر هذا الأسلوب مجددا». ولدى سؤاله عما إذا كان من الضروري أن يستقيل فيلموتس من تدريب الفريق، قال كورتوا: «يجب أن تسأله. لن نحصل على فرصة مماثلة مجددا». وقال فيلموتس: «سأدع الأمور تهدأ ثم أتحدث إلى كورتوا»، ولم يستبعد فيلموتس الاستقالة من تدريب الفريق بعد 4 سنوات قضاها معه. وأضاف فيلموتس: «سأتخذ قراري بعد البطولة الحالية. لن أتخذ قراري بعد المباراة مباشرة. سأحصل على الوقت للتفكير. اعطوني وقتا للتفكير». ومع فوزه على المنتخبين التركي (3 – صفر) في الدور الأول (دور المجموعات) والمجري (4 – صفر) في دور الـ16، وإقامة المباراة أمام ويلز في ليل التي تبعد 20 كيلومترا فقط عن بلجيكا، كان من المنتظر أن يقدم المنتخب البلجيكي أداء أفضل، وبخاصة أنه المصنف الثاني عالميا، كما يضم مجموعة متميزة من اللاعبين بقيادة إيدن هازارد صانع ألعاب تشيلسي الإنجليزي وكيفن دي بروين نجم خط وسط مانشستر سيتي الإنجليزي. وبدأ المنتخب البلجيكي المباراة بشكل جيد وتقدم بهدف مبكر سجله رادجا ناينغولان قبل السقوط أمام المنتخب الويلزي الذي سيطر على مجريات اللعب في فترات كثيرة من المباراة.
واضطر فيلموتس للدفع في المباراة بلاعبه جيسون ديناير بدلا من قلب الدفاع الموقوف توماس فيرمايلين. كما لعب جوردان لوكاكو بدلا من الظهير الأيسر المصاب يان فيرتونخن. وتعلل فيلموتس بالتغييرات في خط الدفاع كأحد الأسباب وراء الهزيمة. وقال: «قدمنا ما بين 20 و25 دقيقة من الأداء المتميز ولكننا تراجعنا بعدها 15 مترا. كان هناك انهيار في التواصل بين اللاعبين. لست ساحرا. اضطررت لتغيير 50 في المائة من خط الدفاع. ارتكبنا أخطاء كان يجب ألا نرتكبها». وأضاف: «كنا ضمن المرشحين. عندما تخرج من البطولة، يترك هذا مذاقا لاذعا لأن الأمور لم تسر على النحو الذي تريده. ولكن المنتخب الويلزي فريق رائع يعلم كيف يلعب كرة القدم».
وأعرب دي بروين أيضا عن خيبة أمله؛ لأن الفريق البلجيكي لم يقدم مسيرة أفضل، علما بأنه وصل من قبل إلى المباراة النهائية ليورو 1980. وقال دي بروين: «كنا فريقا ساذجا بعض الشيء في الشوط الثاني. إنه أمر مخز بالفعل». وتعرض فيلموتس لانتقادات قاسية من الإعلام البلجيكي. وذكرت صحيفة «لاتست نيوز» على موقعها بالإنترنت: «لا يمكن استمرار فيلموتس في تدريب الفريق بعد هذا الخروج المهين».
وقالت صحيفة «لاسوار»: «فيلموتس يتحمل قدرا من المسؤولية في هذا الذي لا يعتبر إلا فشلا أمام إيطاليا وويلز، لم يتبع الخطة البديلة عندما وجد أن الأمور لا تسير في صالح فريقه. مع هذا القدر من المواهب تحت تصرفه، كنا ننتظر مسيرة أفضل». ولكن الصحيفة أضافت: «خلال هذه البطولة، هؤلاء الذين نجحوا ليسوا من يمتلكون القدر الأكبر من المواهب، ولكن هؤلاء الذي يتسمون بالتماسك في الفريق: إيطاليا وآيسلندا وويلز. المنتخب البلجيكي يعتمد على المهارات الفردية وليس على الأداء الجماعي». لم يكن منتخب بلجيكا المليء بالنجوم على مستوى التوقعات مجددا، بعدما خرج بصورة محبطة من بطولة أوروبا 2016، بأداء باهت من لاعبين يفترض أنهم الجيل الذهبي. وللمرة الثانية تحطمت آمال أمة يبلغ تعدادها السكاني نحو 11 مليون نسمة، تفصلهم حدود لغوية ويجمعهم حلم تشكيل منتخب يقهر أقوى فرق العالم بعد الخسارة (3 – 1) أمام ويلز، والتي خلفت مرارة في الحلق. وبعد أن وقعت المنتخبات الكبرى المرشحة للتتويج باللقب في نفس النصف من القرعة في أدوار خروج المهزوم، بدا الطريق ممهدا أمام بلجيكا للوصول إلى الدور النهائي بفريق يعج بالمواهب ولو نظريا على الأقل. وأظهر القائد أيدن هازارد وزميله كيفن دي بروين قدرتهما على حسم المباريات على مستوى الأندية، لكنهما أخفقا في ترك بصمة أمام المنتخب الويلزي الشجاع، ولم يكن لهما وجود ملحوظ في بعض فترات مباراة دور الـ8 التي أقيمت في مدينة ليل الفرنسية. وقال ستيفان باوفيلز، أحد أبرز المعلقين الرياضيين في بلجيكا: «لعبوا مثل الماعز... إنه أداء مخجل». وقدم اللاعبون البلجيكيون نفس الأداء الباهت قبل عامين في كأس العالم بالبرازيل، عندما خرجت بلجيكا من دور الـ8 على يد الأرجنتين.
أهدر اللاعبون الفرصة عندما سنحت لهم، وعلى الرغم من ذلك، فإن المنتخب كان حينها قيد التطور ونصب عينيه بطولة أوروبا المقامة في فرنسا حاليا، وكأس العالم 2018، كأهداف واقعية بالنسبة لأكثر الأجيال إثارة للاهتمام منذ بلوغ بلجيكا الدور قبل النهائي بكأس العالم 1986. وبعد كأس العالم 2014 ظل المنتخب البلجيكي على المسار وتصدر تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وتأهل بسهولة إلى بطولة أوروبا الحالية. وخاض بطولة أوروبا ببعض الشكوك بعد سلسلة من النتائج المتواضعة في المباريات الودية، واستياء جماهيري بعد الخسارة أمام إيطاليا في مباراتهما الافتتاحية.