القضاء التونسي ينهي التحقيقات بشأن قضية اغتيال شكري بلعيد

علن القضاء التونسي انتهاء التحقيق في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، وقرر إحالة الملف برمته إلى دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف، وهو ما ترك جدلا واسعا بين أفراد أسرته، وداخل هيئة الدفاع عن بلعيد، حول ما جرى التوصل إليه من معطيات «لا تشفي الغليل، ولا تميط اللثام عن أسرار الاغتيال والأطراف التي نفذته».
ووجه القضاء التونسي تهما جنائية، من بينها ارتكاب جرائم إرهابية، إلى 13 موقوفا على ذمة القضية، بينما حفظ التهمة بالنسبة لخمسة متهمين، من بينهم كمال القضقاضي، المتهم الرئيس باغتيال بلعيد، قضوا كلهم في المواجهات المسلحة الأخيرة التي دارت في أريانة بداية شهر فبراير(شباط) الماضي.
وفي المقابل، أفرد القضاء التونسي أربعة متهمين في حالة فرار بالتتبع القضائي، وهم سيف الله بن حسين (أبو عياض) وأحمد الرويسي ومروان الحاج صالح وسلمان المراكشي، وهم من قيادات تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي المحظور في تونس. واغتيل بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013، ووجهت تهمة إلى قيادات التنظيمات السلفية الجهادية، من بينها تنظيم أنصار الشريعة بقيادة «أبو عياض». ووجهت عائلة بلعيد تهمة الوقوف وراء جريمة الاغتيال إلى أحزاب ذات مرجعية إسلامية، من بينها حركة النهضة، بينما نفت قيادات النهضة في أكثر من مناسبة هذه الاتهامات.
وقال عبد المجيد بلعيد شقيق شكري بلعيد لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلان عن انتهاء التحقيقات القضائية لا يعني في كل الحالات تراجع عائلة بلعيد عن رغبتها في معرفة الحقيقة كاملة، كما طالبت بذلك منذ الإعلان عن عملية الاغتيال. واتهم عدة أطراف سياسية تونسية بالسعي بكل الوسائل المتاحة لإخفاء حقيقة اغتيال شقيقه والتعتيم على الجهات التي تقف وراءه. وكان بلعيد قد انتقد ما آلت إليه الموجهات بمنطقة رواد التي قتل فيها كمال القضقاضي، وقال إن تصفية هؤلاء مرفوضة، مضيفا: «لقد جرى قتلهم حتى لا يعرف التونسيون من المسؤول عن اغتيال بلعيد».
وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد قد اتهمت قاضي التحقيق المكلف القضية بـ«السطحية»، ووصفت التحقيقات بأنها «كانت بطيئة»، على الرغم من توسع رقعة المتهمين بأول اغتيال سياسي بعد الثورة.
وينتظر أن تشهد القضية تطورات إضافية بعد قرار هيئة الدفاع في اغتيال شكري بلعيد، بمعية عدد من الجمعيات الحقوقية والنقابية، مقاضاة الدولة التونسية أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على خلفية ما عدوه «تعاطيا سلبيا من قبل القضاء التونسي مع ملف القضية والإخلال بواجب السعي لكشف الحقيقة».
وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت عقب مقتل القضقاضي أن ملف القضية لن يغلق بقتل القضقاضي، وأشارت إلى وجود عدد من المطلوبين للقضاء التونسي على المستويين المحلي والدولي في هذه القضية، وأنها تسعى للقبض عليهم لفك لغز اغتيال بلعيد.
من ناحية أخرى، شقت خلافات حادة حزب التحالف الديمقراطي الذي يقوده محمد الحامدي، بعد موافقة المجلس الوطني للحزب يوم أمس، على إدراج الفصل 15 المتعلق بالعزل السياسي في مشروع القانون الانتخابي التونسي، الذي ينتظر التصديق عليه في غضون الأيام المقبلة.
وذكرت مصادر مطلعة شاركت في أشغال المجلس الوطني المنعقد يومي السبت والأحد بمدينة صفاقس (350 كلم جنوب العاصمة) لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار التصويت لصالح الفصل القانوني المتعلق بمنع التجمعيين من الترشح إلى الانتخابات المقبلة، ترك حالة تشنج، وخلق شجارا بين عدد من القيادات السياسية داخل الحزب.
وأشارت المصادر ذاتها إلى إمكانية حصول انشقاقات بين قيادات حزب التحالف الديمقراطي المنشق عن الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي تزعمه أحمد نجيب الشابي قبل أن يحمل اسم الحزب الجمهوري. وناقش المجلس الوطني لحزب التحالف الديمقراطي مشروع القانون الانتخابي والتحالفات السياسية المستقبلية. ويبحث هذا الحزب الفتيّ حاليا إمكانية التحالف مع الحزب الجمهوري وحزب آفاق تونس وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وأعرب عن تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، أي قبل نهاية السنة الحالية.