النظام يقترب من الطبقة بريف الرقة بغطاء روسي.. و«داعش» يعوق التقدم باتجاه منبج

لم تفلح كل مساعي المعارضة السورية بالدفع باتجاه التهدئة والتزام القوى المسلحة بهدنة جديدة خلال شهر رمضان، إذ تكثّفت المعارك وازدادت حدتها خصوصا في شمال سوريا، مخلّفة ما يزيد على 224 قتيلا مدنيا في الأسبوع الأول من هذا الشهر. وفيما يتقدم المقاتلون الأكراد ببطء باتجاه مدينة منبج في ريف حلب مدعومين بغطاء جوي من التحالف الدولي، يبدو اقتراب قوات النظام بغطاء ناري روسي باتجاه مدينة الطبقة في محافظة الرقة أسرع، وسط معلومات عن مقتل 37 عنصرا نظاميا، وأكثر من مائة مقاتل لتنظيم داعش منذ بدء الهجوم على المدينة.
ويحاول التنظيم المتشدد التصدي لتقدم قوات النظام من خلال هجمات مفاجئة يشنها على مواقع هذه القوات جنوب الطبقة، أدّى آخرها إلى مقتل 28 شخصا، 11 منهم من النظام، و17 من «داعش». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن معارك عنيفة وقعت بين الطرفين، وتمكنت قوات النظام من الحفاظ على مواقعها الموجودة على بعد 15 كيلومترا من مطار الطبقة، الذي يسيطر عليه التنظيم.
من جهتها، تحدثت وكالة «آرا نيوز» عن «تقدم قوات النظام وميليشيات صقور الصحراء صوب بلدة الطبقة بريف الرقة الغربي الجنوبي، بغطاء جوي روسي، والاقتراب من البلدة لنحو 5 كيلومترات، بعد أن شنت قوات النظام هجمات على مواقع التنظيم قادمة من منطقة أثريا التابعة لمدينة السلمية بريف حماه الشمالي الشرقي».
وأشارت الوكالة المذكورة إلى مقتل أكثر من 15 عنصرًا من تنظيم داعش بينهم قيادي، وأكثر من 10 عناصر من قوات النظام خلال اشتباكات بين الجانبين، إثر هجوم التنظيم على أحد مواقع قوات النظام على طريق أثريا - الطبقة، عند مفرق زكية الذي سيطرت قوات النظام عليه قبل يومين.
وبالتزامن مع احتدام المعارك بمحيط الطبقة، ألقى طيران النظام السوري يوم أمس مناشير ورقية فوق مدينة الرقة وريفها، طالب فيها مسلحو «داعش» بإلقاء أسلحتهم والاستسلام. وأكدت المناشير «تقدم قوات النظام نحو معاقل مسلحي (داعش)، وأن هذه الساعات هي الأخيرة لهم في الرقة وريفها»، وورد فيها أن «كل من حمل السلاح في وجه الجيش العربي السوري والشعب السوري سيكون مصيره القتل».
وقال أبو محمد الرقاوي، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، إنه لم يتم تسجيل أي تقدم للنظام باتجاه مدينة الرقة، مؤكدا أن «تحركاته مقتصرة على مدينة الطبقة وهو يتقدم باتجاه مطارها، وبات على مسافة 25 كيلومترا منه».
وتحدث الرقاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «غطاء ناري كثيف يؤمنه الطيران الروسي للقوات النظامية التي تتقدم باتجاه مطار الطبقة»، لافتا إلى أن «النازحين الذين كانوا قد هربوا من مدينة الرقة إلى الطبقة باتوا اليوم يبحثون عن مأوى آمن لهم في ظل احتدام المعارك في كل المناطق المحيطة، وأبرزها الريف الشرقي للرقة وريف حلب الشرقي وريف حماه». وأضاف: «كما أن منطقة تل أبيض مغلقة بوجههم من قبل وحدات حماية الشعب، مما يجعلهم في وضع صعب ومحبطين بغياب أي خيارات أخرى يلجأون إليها».
وبالتوازي مع معارك الرقة، تستمر المعارك عنيفة لليوم السادس عشر على التوالي بين القوات العربية - الكردية المشتركة في «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى في شمال مدينة منبج (في ريف حلب) ومحيطها، حيث تلعب طائرات التحالف الدولي دورا أساسيا بدعم تقدم الأكراد. وفيما أفادت المعلومات بمقتل 246 عنصرا من تنظيم داعش، بينهم قادة ميدانيون من جنسيات غير سورية إضافة إلى «الشرعي العام» لمدينة منبج منذ نهاية الشهر الماضي، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات التحالف الدولي نفذت ضربات مكثفة استهدفت محيط وأطراف مدينة منبج الشمالية والشرقية، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات في محيط المدينة وشمالها بين تنظيم داعش و«قوات سوريا الديمقراطية». وأوضح المرصد أن هذه القوات تمكنت من التقدم والسيطرة على قرية ومزرعة ليرتفع إلى نحو 105 عدد القرى والمزارع التي سيطرت عليها منذ بدء عملياتها بمنطقة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي نهاية مايو (أيار) الماضي.
وردّ ناصر الحاج منصور، مستشار «قوات سوريا الديمقراطية»، تأخرهم باقتحام مدينة منبج، لكون تنظيم داعش لا يزال يحتجز مدنيين فيها، إضافة إلى كونهم يستكملون السيطرة على مواقع استراتيجية محيطة، تمهيدا لعملية الدخول إلى المدينة.
وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش نفّذ في اليومين الماضيين هجمات مضادة جدية، تمكنا من ردها وتكبيده خسائر كبرى بالأرواح»، لافتا إلى أن «عملية الاقتحام لن تكون سهلة أو بسيطة باعتبار أن عناصر التنظيم ما زالوا يملكون السلاح والمقاتلين كما يتخذون المدنيين رهائن». وأضاف: «من هنا نحن نتقدم ببطء وحذر، تحضيرا للمرحلة الثانية من المعركة التي ستشمل عملية الاقتحام وتطهير المدينة».
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن أنس الخليل، المقاتل في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» تأكيده سيطرتهم على قرى العوسجلي وحج عابدين والشورفلي والعريمة، إضافة إلى مبنى جامعة الاتحاد على طريق حلب – منبج غرب المدينة، بعد انسحاب التنظيم منها، إثر اشتباكات متقطعة بين الجانبين، وسط غارات مكثفة من طيران التحالف الدولي. من جهته، قال الناشط الإعلامي المعارض أحمد الموسى من ريف منبج، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن عشرة مدنيين قتلوا، بينهم خمسة من عائلة واحدة، وأصيب سبعة آخرون بجروح، ليل الاثنين الماضي، جراء استهداف طيران التحالف بأربع غارات منازل وسط قرية مخزوم الخاضعة لسيطرة التنظيم بريف منبج الغربي، مما أدى إلى دمار منزل واحتراق اثنين آخرين.