العقار في السعودية يدفع «الرسوم» بدءاً من اليوم

يبدأ اليوم (الأربعاء) في السعودية، تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، الذي يعد القرار الحكومي الأكثر تأثيرا في تاريخ القطاع العقاري في البلاد؛ إذ أدى - قبل تطبيقه - إلى انخفاض حركة الشراء، تحسبًا لنزول متوقع في أسعار الأراضي والعقارات.
ويفتح النظام الجديد صفحة جديدة في معادلة العرض والطلب، التي ربطها كثير من المحللين بمدى تأثير القرار على خفض الأسعار، إلا أن الترقب يسود المشهد بشكل عام وسط تفاؤل بهبوط الأسعار.
وأكد عقاريون أن السنة الحالية ستكون مفصلية، ولأنها ستدخل منحنى هو الأكثر خطورة في ما يتعلق بالاستثمار العقاري، في ظل ازدياد مشاريع الإسكان غير الربحية والانخفاض المحتمل في قيمة العقار.
وذكر محمد الدريهم، المدير العام لشركة «أملاك نماء العقارية»، أن «المؤشرات العقارية توضح وجود حركة غير اعتيادية في ميزان البيع والشراء، خصوصًا في مجال الأراضي، مما يوحي بخروج بعض الاستثمارات من السوق، والبيع بأسعار أقل من المتعارف عليها، خصوصًا أن القطاع يعاني بشكل كبير من انخفاض الطلب من قبل المشترين منذ فترة ليست بقصيرة، وتشتد كلما اقترب موعد تطبيق رسوم الأراضي البيضاء، مما يعني أن شراءهم في هذه الفترة وبهذه القوة أمر مستعبد، لأنهم ينتظرون تطبيق قرار الرسوم لمعرفة تأثيره على الأسعار التي من المحتمل أن تشهد انخفاضًا».
وأضاف أن «الأداء الأسبوعي للمؤشرات العقارية قفز بحجم 61.8 في المائة متجاوزا سقف 9.0 مليارات ريال في أسبوع واحد وبعمليات مختلفة، وهو أمر غريب يشير إلى عمليات بيع وإعادة هيكلة وربما خروج مبكر من القطاع».
وأشار الدريهم إلى أن «شريحة كبيرة من المشترين ينتظرون انخفاض الأسعار للقيام بعمليات تملك واسعة، خصوصًا أن القطاع يعيش حاجة ماسة من ناحية الطلب»، مقدرًا «حاجة القطاع إلى عشرات آلاف القطع السكنية التي تشكل أسعارها عائقًا رئيسيا في تملكهم، وهو ما تحاول الرسوم كسره كي تعيد المياه إلى مجاريها عبر السيطرة على الأسعار التي وصلت لمستويات مبالغ فيها».
إلى ذلك، أوضح خالد المرزوق، الرئيس التنفيذي لشركة «الموج» العقارية، أن هذه السنة ستكون مفصلية في مجال العقار السعودي نظرًا لتطبيق قرار يعتبر الأكثر تأثيرا في تاريخ السوق العقارية، متوقعًا صعوبات كبيرة ستواجه المستثمرين العقاريين الذي يعلقون آمالهم على أن الأسعار ستبقى مرتفعة وأن الوضع لن يتغير.
واعتبر أن التفكير في إيجاد منازل أقل تكلفة ومنافسة في المواصفات هو السيناريو الأكثر نفعًا من التعنت لإبقاء الأسعار كما هي عليه.
وأكد أن دخول الحكومة على خط توفير الوحدات السكنية للمواطنين، هو الخيار المفضل للمواطنين نظرًا لعدم ربحيتها وقيمتها المعقولة بما يتناسب مع قدراتهم المالية وأقساطها المريحة، لافتًا إلى أن مشاريع الحكومة خيار جيد للمستثمرين في ظل تضاؤل فرص البناء الاستثماري وارتفاع قيمته بحسب نظر المواطنين الذين لا تستطيع شريحة منهم مجاراة الأسعار الحالية.
ولفت إلى أن هناك ضبابية في مستقبل السوق والأسعار وفي ما يتعلق بحجم النمو، موضحًا أن قرار الرسوم سيفتح صفحة جديدة في مستقبل العقار.
وتطرق حمد الدوسري، الذي يدير مجموعة استثمارية عقارية، إلى أن اعتماد القطاع العقاري على حركة الأراضي بوصفها مقياسا أساسيا لحركة السوق، أمر مهم سيلقي بظلاله على حجم الانخفاض فور تطبيق الرسوم، لكن على مراحل، مؤكدًا أن النزول بات قريبًا، بدليل الارتفاع الكبير في العرض الذي شهده القطاع منذ صدور نظام رسوم الأراضي البيضاء.
وتابع: «العروض التي سجلت خلال الفترة الأخيرة لم تبلغها السوق منذ سنوات طويلة، مما يعكس تخوفًا حقيقيًا لدى المستثمرين، وما يجري حاليًا هو إغراق السوق بالمعروضات التي تزيد على ملايين الأمتار التي كانت محتكرة منذ فترة طويلة وبدأت في التسييل، وسيشهد القطاع حركة أكبر خلال الفترة المقبلة هربًا من تحمل رسوم إضافية».
وكانت السوق العقارية المحلية شهدت انتعاشا ملموسا في قيمة صفقاتها خلال الأسبوع الأخير قبل التطبيق الفعلي للرسوم على الأراضي البيضاء، ليقفز إجمالي صفقاتها الأسبوعية بنسبة 61.8 في المائة، متجاوزًا سقف 9 مليارات ريال بنهاية الأسبوع، مدفوعًا بارتفاع معدلات بيع مساحات كبيرة من الأراضي السكنية والتجارية داخل المدن الرئيسة، كان من أبرزها على مستوى القيمة والمساحة، تنفيذ أربع صفقات بيع أراض سكنية وتجارية كبيرة في كل من الرياض وجدة ومكة المكرمة، بلغ إجمالي قيمة تلك الصفقات نحو 3.3 مليار ريال، من إجمالي مساحات أراض وصلت إلى 2.9 مليون متر مربع.
وكان المؤشر العقاري السكني لعام 2016 منذ مطلع العام حتى تاريخه سجل متوسطًا منخفضًا بلغت نسبته 3.8 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 693.2 نقطة. وبلغت نسبة انخفاض متوسط المؤشر العقاري السكني العام مقارنة بقيمه المسجلة خلال عامي 2014 و2013 نحو 16.5 في المائة، ونسبة انخفاض 29.4 في المائة على التوالي. ويتكون هذا المؤشر العام الذي يقيس التغيرات في أسعار الأصول العقارية السكنية المختلفة في السوق (سنة الأساس 2013)، من مؤشرات أسعار تلك الأصول العقارية حسب وزنها النسبي في السوق وفقا لقيم الصفقات وأعداد العقارات.
وسجل المؤشر العام لإجمالي الوحدات السكنية خلال الأسبوع الماضي، انخفاضًا للأسبوع التاسع على التوالي بنسبة 0.2 في المائة، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 0.3 في المائة، ليستقر مع نهاية الأسبوع الماضي عند 753.0 نقطة، في حين سجل متوسط المؤشر ذاته خلال الفترة الماضية منذ مطلع 2016 حتى تاريخه، انخفاضا بلغت نسبته 5.0 في المائة مقارنة بمتوسط المؤشر للعام الماضي، مستقرا عند 774.5 نقطة. وبلغت نسبة انخفاض متوسط المؤشر العقاري السكني العام مقارنة بقيمته المسجلة خلال عامي 2014 و2013 نحو 19.1 في المائة ونحو 24.5 في المائة على التوالي.