السنيورة لـ «الشرق الأوسط» : عبث «حزب الله» جعل لبنان جسدًا بلا رأس

قال فؤاد السنيورة، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن عبث ما يسمى «حزب الله» ببلاده، بدعم ممنهج من قبل إيران، «جعل لبنان جسدا بلا رأس طيلة الأعوام الأخيرة الماضية، الأمر الذي أفقدها القدرة على بناء مؤسسات الدولة على نحو مسؤول، ما تسبب لها بشكل مباشر في انتكاسة سياسية كبيرة، انسحبت على علاقاتها التاريخية مع شقيقاتها من البلاد العربية وفي مقدمتها السعودية».
وأضاف السنيورة خلال اللقاء: «إن بقاء لبنان هكذا من دون رئيس، بالتأكيد أمر غير طبيعي، وخصوصا أن هناك من يحاول أن يفرض نفسه رئيسا للبنان وهو ليس أهلا لذلك، وإن كان لا يحظى بالعدد اللازم والكافي من النواب لانتخابه. ومع ذلك يمارس الإصرار على أنه إما أن ينتخب أو أنه لن يسمح بإجراء الانتخابات، وهو يعطل النصاب القانوني اللازم لعملية الانتخاب ويساعده في ذلك (حزب الله) ويغطيه، وذلك بدعم مستمر وكبير من إيران».
وشدد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، على «ضرورة أن يدرك الجميع عدم وجود مصلحة في تعطيل العملية الانتخابية، ولا بد من التسارع إلى إجرائها في أقرب وقت ممكن، حتى تستطيع المؤسسات الدستورية استعادة دورها في لبنان، الذي فقد فعاليته وحضوره في المشهد العربي، متسببا في أذى جسيم بسبب مصادرة قراراته من قبل (حزب الله) وحليفه الرئيسي إيران».
وأكد السنيورة، أن «بقاء لبنان من دون رئيس، خلق فجوة كبيرة، الأمر الذي سمح للعلاقة بين إيران و(حزب الله) بتشويه علاقة لبنان مع الأشقاء وخصوصا السعودية»، داعيا طهران إلى أن «تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية»، مشددا على ضرورة أن تعمل «لاستعادة الفكر الصحيح المبني على المصالح المشتركة، لتصحيح العلاقة بينها وبين البلاد العربية». وتابع: «أمام إيران أن تختار بناء علاقات على أساس الاحترام المتبادل، بينها وبين الدول العربية، ولتعلم أننا لا نسمح لها بأن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وهذا هو ما نسعى إليه، وهذا يقتضي من الجميع أن يدرك هذه الحقيقة، ويعترف بشيء أساسي، هو أنه لا يمكن لإيران أن تفرض سيطرتها وهيمنتها على أي بلد عربي».
وأضاف السنيورة: «نريد أن تبني إيران نواياها على علاقات أساسها الاحترام المتبادل، وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم تصدير أفكار الثورة التي تؤمن بها بعض المجموعات الإيرانية، هذا هو المبدأ الذي نؤسس عليها علاقتنا معها، وبعد ذلك يمكن النظر من زاوية المصالح المشتركة، التي تربطنا بها». ثم قال: «بيننا وبين إيران تاريخ، والعوامل الجغرافية المتصلة، والعامل الثقافي والمصالح المشتركة، وليس هناك مصلحة أبدا للجوء إلى التصادم وإلى وضع اليد والهيمنة التي يمارسها بعض الإيرانيين، والتدخل في شؤون الغير، وعلى هذا الأساس نتمنى أن يعود الفكر الصحيح المبني على المصالح المشتركة، لكي تسود العلاقة الطبيعية بين إيران والبلاد العربية». وفيما يتعلق بالإساءة إلى العلاقات السعودية – اللبنانية، على خلفية تصريحات وزير خارجيتها جبران باسيل، الذي خرج عن الإجماع العربي بإدانة الانتهاكات الإيرانية وهجماتها على مباني البعثة السعودية أخيرا، أوضح السنيورة أنه «من الأهمية بمكان تفهم موقف السعودية، وأيضا تفهم حقيقة الموقف اللبناني الذي يمكن أن يسيء للبعض في التعبير عنه، كما جرى في الفترة الأخيرة». وأضاف: «إن حقيقة اللبنانيين ومشاعرهم وعلاقاتهم مع السعودية لا يشوبها شائبة، كترابط أساسي في كوننا بلدين عربيين، وتمثل المملكة الشقيقة الأكبر للبنان، التي كانت حريصة على أمن وسيادة واستقلال لبنان منذ قيامه في العام 1943. وبالتالي، فإن المملكة كانت دائما صديقة حميمة وحفية للبنان وللبنانيين، فهي فتحت أبوابها لاستقبال اللبنانيين للمشاركة في نهضة المملكة». وزاد: «الآن لا بد من الاعتراف بأهمية تصحيح ما جرى، حيث إن هناك أمور جرت أدت إلى نوع من هذا الفتور في العلاقات. ولكنني أعتقد أن هذا الفتور عابر، ذلك أن المملكة عملت كثيرا من خلال خطوات أساسية على مدى الأعوام الـ70 من عمر استقلال لبنان، وآخرها كانت المبادرة الاستثنائية التي قام بها الملك عبد الله رحمه الله، لدعم لبنان ودعم الجيش اللبناني، من أجل تمكين الدولة اللبنانية من أن تبسط سلطتها الكاملة وغير المنقوصة على كامل التراب اللبناني».
ومن جهة ثانية، أعرب السنيورة عن أن «ما جرى يمكن معالجته من خلال التواصل اللبناني السعودي، ومن خلال العمل العربي المشترك، لكي يزال أي أمر أسهم فيه البعض»، مشيرا إلى أن «ما جرى لم يكن يعبر عن حقيقة مشاعر اللبنانيين الحقيقية، والغالبية الساحقة من اللبنانيين هي التي تقدر للمملكة دورها ومواقفها الحميدة الداعمة للبنان ولاستقلاله وسيادته، ولكونه عضوا أساسيا في المجموعة العربية». وبالتالي - والحديث ما زال للسنيورة - «إن كانت هناك بعض الممارسات التي جرت وأساءت للعلاقات السعودية – اللبنانية، فهي لا تعبر عن حقيقة مشاعر اللبنانيين الذين يكنون للسعودية كل التقدير وكل الاعتراف بالجميل الذي قدمته للبنان، على مدى أكثر من 7 عقود مضت».
ومن جهة أخرى، أوضح السنيورة الذي كان مشاركا في المؤتمر الدولي «سعود الأوطان»، الذي انعقد في العاصمة السعودية أخيرا، أن الراحل الأمير سعود الفيصل، كان حريصا على أن يدعم لبنان ويدرك المصاعب التي كان يتعرض لها، حيث وقف إلى جانبه في المحافل الدولية، وكان حريصا على إنجاح المؤتمر الذي عقد في الطائف عام 1989. وعندما تعرض لبنان للغزو في عام 1960، كسر الحصار الإسرائيلي وجاء على رأس جميع وزراء الخارجية العرب، ليكون بجانب لبنان».