الأمم المتحدة تندد باستخفاف النظام السوري بحياة المدنيين

ندد المفوض الأعلى في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، أمس، «باستخفاف النظام السوري بحياة المدنيين»، في سوريا محذرا من انهيار الهدنة، في وقت رأى «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية»، أن نظام الأسد وروسيا «يطلقان رصاصة الرحمة على الهدنة الهشة بعد المجازر الشنيعة التي ترتكب في حلب»، معتبرا ذلك «جريمة حرب واضحة».
في ثاني أيام اجتماع الهيئة العامة لـ«الائتلاف»، أمس، أوضح نائب رئيس «الائتلاف» موفق نيربية أمام أعضاء الهيئة العامة أن المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا وصف واقع اتفاق وقف الأعمال العدائية خلال إحاطته أمام مجلس الأمن بأنه في «خطر كبير» ويحتاج إلى «الإنعاش» قبل موعد انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات، مشيرا إلى أن «نظام الأسد وروسيا أطلقوا رصاصة الرحمة على تلك الهدنة الهشة التي لم تعرف الاستقرار يوما واحدا من منذ انطلاقها». وأردف نيربية: «على المجتمع الدولي أن يدرك بأن السكوت عن مثل هذه المجازر والانتهاكات، هو مسؤولية في الجريمة عليه أن يتحمل تبعاتها، وما قد تولده من تداعيات غير محسوبة».
بموازاة ذلك، حذر الأمير زيد بن رعد في بيان من أن «العنف يتصاعد بسرعة مهولة إلى مستويات شهدناها قبل الهدنة»، منددا بمقتل مدنيين في الأيام الأخيرة في حلب وحمص ودمشق وريفها وإدلب ودير الزور. ولفت الأمير رعد إلى أن جميع ظواهر العنف تشكل «إثباتا جليا على استخفاف يثير القلق إزاء إحدى ركائز القانون الإنساني الدولي، أي واجب حماية المدنيين». ودعا المفوض الأعلى، على غرار رئيس «مجموعة العمل للمساعدة الإنسانية» يان إيغيلاند الخميس، الأطراف إلى وقف العنف، وتجنب العودة إلى الحرب الشاملة، ثم قال: «إن وقف الأعمال العدائية ومفاوضات السلام بين السوريين في جنيف هما الخياران الوحيدان المتاحان، وفي حال تم التخلي عنهما فلا يسعني أن أتخيل الفظائع الإضافية التي قد تواجهها سوريا».
أيضا، أصدر المفوض الأعلى إنذارا بشأن وضع المدنيين في منطقتي الفوعة وكفريا المحاصرتين، قائلا: «إن البلدتين قد تتعرضان إذا خرقت الهدنة إلى أعمال انتقامية من الفصائل المعارضة»، بحسب ما قال. كذلك ندد المفوض الأعلى كذلك بالفشل «المستمر» و«المخزي» لمجلس الأمن في رفع ملف الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن الدول النافذة أصبحت «متواطئة» في مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين. مجازر حلب، استدعت ردودا دولية؛ إذ استنكرت هيئة كبار العلماء السعودية، بشدة المجزرة التي نفذها النظام السوري وحلفاؤه باستهداف مستشفى القدس بحلب؛ مما أودى بحياة العشرات بينهم أطفال وأطباء، إضافة إلى الغارات الجوية المتواصلة التي أودت بحياة الكثير، وأصبحت حلب تعاني كارثة إنسانية في ظل موت للضمير العالمي يكتفي بالتنديد ويسهم في إطالة الأزمة. وقالت الهيئة في بيان أصدرته أمس «إن استهداف المستشفى الذي لم يكن الأول من نوعه، جريمة متكاملة في أدواتها ووسائلها وخططها وتنفيذها، في حين أن العدالة الدولية لا تتخذ أي خطوة حقيقية لمحاسبة المجرم الذي يصدر العنف والإرهاب ويشرد الملايين من البشر إلى أنحاء العالم». ودعت هيئة كبار العلماء، دول العالم الإسلامي، إلى أن تتبنى الخطوات الفاعلة لوضع حد لهذه المآسي الإنسانية وإعادة الحق إلى مساره، ودفع المجتمع الدولي إلى أن يتعامل مع قضايانا بجدية ومسؤولية وعدالة.
إلى ذلك، أعرب وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك إيرولت عن «قلقه الكبير من إعلان النظام السوري في 28 أبريل (نيسان) عن هجوم وشيك لاستعادة حلب بدعم من حلفائه، الذين لم ينفوا ذلك». ولفت إلى أن «هذا الإعلان يأتي في سياق مقتل أكثر من 200 مدني هذا الأسبوع، وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، فمن دون تحسن الوضع لن تكون الشروط المطلوبة لعودة المعارضة إلى جنيف مؤمنة».
وندد إيرولت بـ«تجدد أعمال العنف في محافظة حلب التي تشكل تهديدا جديا للحفاظ على وقف الأعمال القتالية ومواصلة المسيرة السياسية»، داعيا إلى «تعبئة الأسرة الدولية لممارسة الضغط على النظام السوري لكي يتم احترام الهدنة وأن يقبل في النهاية بالدخول في مناقشات جدية بهدف وضع عملية الانتقال السياسي موضع التنفيذ.
وبدوره، أكد شتيفن زايبرت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أمس أن قوات النظام السوري «هي التي شنت غارة جوية على مستشفى بمدينة حلب». وتابع المتحدث في مؤتمر صحافي أن الدمار كان مقصودا؛ ولذلك أسفر عن «قتل عدد هائل من المدنيين». وقال زايبر: «تشير المعلومات المتوفرة إلى أن هذا الهجوم يمكن ربطه إلى حد ما بقوات نظام الأسد»، مضيفا أن الهجوم «انتهاك صارخ للقانون الإنساني». وحذرت الحكومة الألمانية من أن تصاعد القتال في حلب وغيرها ينذر بتقويض محادثات السلام في جنيف. وقال المتحدث باسمها «يجب تجنب هذا»، مشيرا إلى أن «من واجب روسيا الحيلولة دون انهيار وقف إطلاق النار والعملية السياسية».
هذا، وطالبت الحكومة الألمانية الأسد بالالتزام بالهدنة المتفق عليها. وحمل وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير نظام الأسد في المقام الأول مسؤولية الاستمرار في ارتكاب «خروقات أكثر وحشية وفداحة» ضد الهدنة. وفي الوقت نفسه، ناشدت برلين روسيا ممارسة نفوذها على الأسد.
وحول المفاوضات، قال شتاينماير «يتعين على الحكومة السورية أن تقرر: هل تريد المشاركة بجدية في المفاوضات، أم تريد تدمير بلدها بالكامل؟»، واصفا الغارات الجوية بأنها انتهاك لـ«معايير أساسية في القانون الدولي الإنساني»، وموضحا أن هذه الغارات تعرض المساعي السياسية للتوصل لحل سلمي للخطر». أما زايبرت فتحدث عن جريمة قتل، قائلا: «إننا نقف على أعتاب مرحلة حاسمة خطيرة»، مشددا على «ضرورة الحؤول دون إخفاق محادثات السلام في جنيف».