مسلمو بلجيكا يطلقون خطًا ساخنًا لمواجهة التشدد بين الشباب

عادت شركات الطيران للعمل من جديد في مطار بروكسل من خلال تسيير رحلاتها من وإلى العاصمة البلجيكية، ولم تعد شركة «بروكسل إيرلاينز» وحدها، التي تعمل في تسيير الرحلات منذ الأحد الماضي، والتي زادت رحلاتها بدءا من أمس، فقد شهد مطار بروكسل، وصول أول طائرة تابعة لشركة خطوط الطيران الألمانية «لوفتهانزا» آتية من فرنكفورت في الثامنة من صباح أمس بتوقيت بروكسل، وبعد أكثر من ساعة، أقلعت من جديد إلى ألمانيا، وهي الرحلة الأولى من بين ثلاث رحلات للشركة نفسها كانت مقررة أمس (ميونيخ وفرنكفورت) حسب ما جاء على موقع مطار بروكسل.
كما توجد رحلات لشركات أخرى، منها شركة «تاروم» من العاصمة الرومانية بوخارست، وأيضا شركات اسكوتلندية وبولندية وإسبانية اليوم، وستستأنف شركة الخطوط الهولندية «كي إل إم» رحلاتها بين أمستردام وبروكسل، وقالت الشركة إنها ستقوم بشكل مؤقت بتسيير رحلة أسبوعية على أن تقوم بزيادة رحلاتها بشكل تدريجي.
وكان العمل قد توقف بالمطار عقب تفجيرات وقعت في 22 مارس (آذار) الماضي وخلفت أكثر من 30 قتيلا ومئات الجرحى.
إلى هذا، أطلقت الهيئة التنفيذية التي ترعى شؤون الجالية المسلمة في بلجيكا، قبل أيام، مبادرة تعرف باسم «الخط الساخن»، وذلك لمساعدة الشباب على مواجهة الفكر المتشدد، ويتلقى الشباب الرد عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني على أسئلتهم التي تتعلق بالإسلام وما يواجهونه من غموض في فهم الدين الإسلامي، وما يدعو إليه البعض الآخر من أصحاب الفكر المتشدد. وفي المقابل، قال اليمين المتشدد البلجيكي إنه سيطلق اليوم (الأربعاء) موقعا على الإنترنت لرصد ما وصفها بـ«محاولة أسلمة المجتمع البلجيكي».
ويتفاوض المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا في الوقت الحالي مع فيدرالية بروكسل بهدف إطلاق خط هاتفي «لمكافحة التطرف». وسيخصص هذا الرقم الهاتفي للشباب الذين هم على وشك التطرف، وأيضا لأسرهم وأصدقائهم، وكل المواطنين والمدرسين الذي يشعرون بالقلق أحيانا، ويطرحون أسئلة بشأن الإسلام.
وبعد اعتداءات بروكسل، ارتفع كثير من الأصوات التي تدعو مسلمي بلجيكا إلى اتخاذ إجراءات قوية، ويبدو أنه تم الاستماع إلى هذه الطلبات. وتم إطلاق مشروع «خط المعلومات لمكافحة التطرف» من قبل المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا، في فلاندرز، يوم 30 مارس الماضي، الذي تدعمه الحكومة الفلامانية.
وقال صلاح الشلاوي، رئيس المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا، لـ«الشرق الأوسط»: «نريد إنشاء خط لمكافحة التطرف مماثل للجانب الفرنكفوني. ولا تزال المفاوضات جارية مع فيدرالية بروكسل». ويضيف: «لدي أمل كبير في أن يتم إطلاق الخط الهاتفي في الأسابيع المقبلة. وسيسمح بالإجابة عن الأسئلة بخصوص الإسلام. وكذلك بهدم حجج المتطرفين، باستنادنا إلى النصوص وصحيح الدين. وسنقوم وفقا للحالات، بتوجيه الناس، والأسر، نحو رجل دين أو حتى نحو طبيب نفسي». وأضاف: «إذا لاحظنا أن الشباب يستعدون للذهاب إلى سوريا، فسنقوم بإبلاغ الشرطة، وفي فلاندرز، في الوقت الراهن، ليس كل الناس الذين يتصلون مسلمين»، مشيرا: «غالبا ما يكونون أشخاصا واجهوا التطرف، أو رصدوا شخصا في هذه العملية». وقال: «سيكون الخط الهاتفي مفتوحا من التاسعة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا، خلال أيام الأسبوع. وفي الوقت المتبقي، يمكن إرسال الأسئلة عبر البريد الإلكتروني وعلى الهاتف، وسيكون أحد الأشخاص مسؤولا عن توجيه المتصلين نحو متخصص سيقوم بالإجابة عن كل أسئلتهم المتعلقة بالإسلام أو ممارسته ببلجيكا».
ويندرج هذا الإجراء بشكل واضح في رغبة المجلس التنفيذي لمسلمي بلجيكا في أن يقترح على الشباب نموذج إسلام يتفق مع القانون والسياق البلجيكي، يكون بعيدا عن العقيدة الجامدة، التي يتم أخذها من على شبكات التواصل الاجتماعي، أو من أئمة يتم تدريبهم في الخارج، ولا يتحدثون أي لغة وطنية، ويعملون بالمساجد غير المعترف بها.
من جانبه، قال حزب «فلامس بلانغ» اليميني المتشدد في بلجيكا إنه سيعقد مؤتمرا صحافيا اليوم (الأربعاء)، للإعلان عن تدشين موقع جديد على الإنترنت تحت عنوان «شاهد الإسلام»، الهدف منه التعريف بمحاولة «أسلمة أوروبا»، التي تأتي من خلال «محاولة أسلمة المجتمع بنشر الفكر والثقافة الإسلامية بدلا من الأوروبية، عبر بناء مزيد من المساجد، وأماكن الذبح الحلال، والفصل في السباحة بين الرجال والنساء.. وغير ذلك».
وقال اليمين المتشدد في بيان تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه بعد هجمات بروكسل «لم تقم الحكومة بمعالجة الأسباب الجذرية للمرض، وإنما تعمل على علاج الأعراض بدلا من علاج المرض نفسه وهو التطرف».
وحسب ما جاء في البيان، فقد أشار إلى أن السياسيين يكررون التصريحات نفسها، وهي أن «الإرهاب هو نتيجة التطرف من جانب قلة ممن يسيئون فهم الإسلام». وأوضح البيان: «هذا أمر مأساوي، لأن هذه التصريحات عبارة عن تحليل قصير النظر ولا يعرض الحلول، مما سيؤدي إلى مزيد من التفجيرات وقتل عدد أكبر من الناس».
ولمح اليمين المتشدد إلى أن جوهر المشكلة أن «(أسلمة المجتمع والثقافة)، تزداد بشكل كبير، و(أسلمة المجتمع) تعني الهيمنة على جوانب هذا المجتمع وثقافته، وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية»، وقال البيان إن «الإرهاب هو الوسيلة لتحقيق الغاية، وهي (الخلافة)، ولهذا سيتم إطلاق شبكة (شاهد الإسلام) على الإنترنت لتقوم برصد الإسلام في منطقة فلاندرا (الناطقة بالهولندية) وعرض خريطة أسلمة المجتمع، ويمكن للمواطنين الإبلاغ عن أي علامة أو إشارة لمحاولة أسلمة المجتمع، من خلال مسجد جديد في الحي، أو أماكن ذبح أو جزار لبيع اللحوم الحلال، وأي أنشطة للمنظمات الإسلامية، أو أماكن سباحة للنساء والمحجبات فقط، أو تنظيم زيارات لأطفال المدارس إلى هذه المساجد وغيرها»، وفقا لما جاء في البيان.
وفي مؤتمر صحافي بعد أيام من التفجيرات ببروكسل، طالب أيضا فيليب ديونتر، زعيم الحزب اليميني المتشدد في بلجيكا «فلامس بلانغ»، بإلغاء الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي من جانب السلطات البلجيكية، وجاء ذلك قبل وقت قصير من انعقاد لجنة في البرلمان البلجيكي مكلفة بالنظر في تعديلات تشريعية تتعلق بتمديد فترة الاعتقال المؤقت من 24 ساعة إلى 72 ساعة، وعلق ديونتر قائلا: «لا أعتقد أن مثل هذا الإجراء سيكون له تأثير على الإرهاب»، وأضاف: «ولكن أعتقد أن عقوبة الإعدام سيكون لها تأثير، خصوصا للذين يقدمون تسهيلات للإرهابيين».
وأشار إلى أن إلغاء الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي في بلجيكا سيمنع الاستفادة من الوسائل التي توفرها الحكومة، وقال إن سياسات الاندماج هي التي سهلت قدوم أعداد من المسلمين وإن «هؤلاء أيديهم ملطخة بالدماء»، ودعا إلى تشديد إجراءات الحصول على الجنسية البلجيكية، وإجبار من يأتون من دول «التعاون الإسلامي» على التوقيع على إقرار يرفض الشريعة، وسحب الجنسية ممن يسلكون طريق ما يعرف بـ«التشدد»، وحظر أي مظهر من مظاهر التطرف.