بروكسل: مقتل مشتبه به في مداهمة أمنية على خلفية تفجيرات باريس

قامت الشرطة البلجيكية بحملة مداهمات في منطقة «فوريه» ببروكسل «على خلفية التحقيقات الحالية في ملف التفجيرات الأخيرة بباريس، فيما أفادت مصادر متعددة أن رجال الشرطة تبادلوا إطلاق النار مع أحد المشتبه بهم. وأفادت مصادر إعلامية أن رجلي أمن أصيبا خلال تبادل إطلاق النار وأن أحد المشتبه بهم كان موجودا فوق أسطح أحد المنازل, قتل في وقت لاحق. وانتشرت العشرات من سيارات الأمن ومنعوا الأشخاص من الاقتراب من المكان من مسافة بعيدة».
من جهته، قال إيريك فان دير سيبت المتحدث باسم النائب العام الفيدرالي إن «الشرطة تعرضت لإطلاق نار»، مضيفا أن عملية المداهمة التي جرت في منطقة فوريه الجنوبية «ترتبط بالتحقيقات في هجمات باريس» التي وقعت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) وأوقعت 130 قتيلا.
وذكرت صحيفة «درنيير أور» أن مشتبهين بهما فرا بعد الحادث. وكانت السلطات البلجيكية قد اعتقلت عشرة أشخاص على خلفية التحقيقات، وبناء على تنسيق وتعاون مشترك مع السلطات الفرنسية، وذلك في أعقاب الكشف عن وجود أعداد من منفذي التفجيرات من سكان بروكسل، وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في وقت سابق، أن التفجيرات خطط لها في سوريا والتحضير في بروكسل، والتنفيذ جرى في باريس نوفمبر الماضي.
من جهة اخرى, اعلن اقارب شخص قتل في اعتداءات باريس في نوفمبر تشرين الثاني الماضي انهم سيرفعون شكوى اول من امس امام المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ضد بلجيكا بتهمة وجود «ثغرات خطيرة» في نظامها الامني، حسب ما علم من محامي العائلة.
وقالت المحامية سامية مكتوف في بيان ان ذوي فالنتان ريبي المحامي الشاب البالغ السادسة والعشرين من العمر الذي قضى في الهجوم على قاعة باتاكلان للحفلات الموسيقية «انهما يعتبران ان الثغرات الخطيرة في نظام الحماية والمراقبة البلجيكي سهلت تسلل الارهابيين الى الاراضي الفرنسية وارتكاب الاعتداءات». واعتداءات 13 نوفمبر تشرين الثاني 2015 التي ارتكبها ثلاثة جهاديين في باريس اوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى. واضافت ان «هؤلاء الارهابيين ويحمل معظمهم الجنسية البلجيكية اتوا من مدينة مولنبيك-سان-جان» التابعة لبروكسل «حيث اصبحوا متطرفين وتدربوا لارتكاب عمليات جهادية واعمال مسلحة على الاراضي الفرنسية». وقالت المحامية التي تدافع عن اسر عدة ضحايا ان العقل المدبر للاعتداءات عبد الحميد اباعود الذي قتل في سان دوني في الضاحية الباريسية وصلاح عبد السلام الذي لا يزال فارا «نجحا في التنقل بين فرنسا وبلجيكا رغم مراقبة السلطات البلجيكية».
ونظريا لا يمكن للمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ان تنظر في شكوى الا بعد استنفاد كل الطعون في دولة وتحديدا بلجيكا، الا ان المحامية تامل في ان تؤخذ الشكوى في الاعتبار.
وطلبت المحامية من كريستوفر تيسييه احد القضاة المكلفين التحقيق الاستماع الى رئيس بلدية مولنبيك-سان-جان السابق فيليب مورو المتهم بالتساهل حيال تصاعد التطرف الاسلامي في منطقته. ونشر كتابا للتو بعنوان «الحقيقة حول مولنبيك» يعتبر فيه انه لا يشعر بانه مسؤول عن اعتداءات باريس. وترى المحامية ان «الفكرة لا تكمن في تحميل السلطات البلجيكية المسؤولية انها خطوة وقائية لان الارهاب بات منتشرا في كل العالم».
وتقدمت هيئة السكك الحديدية في بلجيكا، بطلب لكل من وزير الداخلية، ووزيرة النقل، لتحسين إجراءات السلامة، وتفادي أي مخاطر إرهابية، من خلال تسليح عناصر خدمة الأمن بالسكك الحديدية الذين اعتادوا القيام بعمليات مراقبة ورصد للحركة داخل محطات القطارات، دون وجود أسلحة بحوزتهم. ويهدف الطلب إلى تفادي وقوع أي تفجيرات أو مخاطر إرهابية.
وقالت وسائل إعلام في بروكسل إن مدير الهيئة جون كورنو، تقدم بمذكرة إلى وزير الداخلية جان جامبون، ووزيرة النقل جاكلين جالانت، يقترح فيها تسليح عناصر خدمة الأمن، بحيث يتمكن هؤلاء العناصر الأمنية من القيام بعمليات تفتيش، للكشف عن الأسلحة والمتفجرات.
وحسب المصادر نفسها، فإنه وفقا لتحليل القواعد الأمنية، التي دخلت حيز التنفيذ في الهيئة عقب الهجوم الذي تعرض له قطار تاليس «الدولي» الرابط بين أمستردام وباريس، في أغسطس (آب) الماضي، فإن الإجراءات الحالية «غير فعالة»، ولتحسين السلامة على شبكة السكك الحديدية، يقترح مدير الهيئة بشكل خاص، أن تتمكن فرق الأمن من القيام ببعض المهام التي تتولاها الشرطة الفيدرالية في الوقت الحالي، لا سيما عمليات التفتيش وكذلك المراقبة المنتظمة للهوية. وللقيام بهذا الأمر، يتعين على الحراس الأمنيين أن يكونوا مسلحين، وقادرين على القيام بجولات برفقة الكلاب المدربة للكشف عن المتفجرات.
ويطالب المدير أيضا بتمديد القانون الذي يسمح بالفحص ليشمل الأشخاص الذين يستطيعون الوصول إلى البنيات التحتية للسكك الحديدية. وقبل أسبوع، قررت الحكومة البلجيكية، تمديد وجود عناصر من الجيش والشرطة في الشوارع لمدة شهر آخر، وذلك في إطار حماية كثير من المنشآت والمراكز الاستراتيجية بالبلاد، من خطر التهديدات الإرهابية. وفي الوقت نفسه، وافقت الحكومة على نشر عناصر أمنية لمراقبة مواقع نووية في البلاد، في أعقاب اكتشاف مخطط يستهدف إحدى المحطات النووية، عقب رصد تحركات مسؤول نووي كبير في البلاد من قبل عناصر مجهولة.
وذلك حسب ما جاء في تصريحات وزير الدفاع سنيفن فاندنبوت بعد خروجه من اجتماع مجلس الأمن الوطني البلجيكي نهاية الأسبوع الماضي. وقالت الحكومة البلجيكية إنها خصصت مبالغ مالية لنشر مزيد من كاميرات المراقبة في محطات القطارات، لمواجهة أي تهديدات إرهابية، كما قررت زيادة عمليات التفتيش الضوئي على الأرصفة بالنسبة للحقائب، خصوصا في المحطات الكبيرة التي يصل إليها القطار الدولي.
وذكر الإعلام البلجيكي أن وزيرة النقل الاتحادية جاكلين جالانت ستقوم بتخصيص ميزانية بـ17 مليون يورو للعمل على حماية المحطات البلجيكية، بدلا من 58.5 مليون يورو، التي كانت قد طلبتها في البداية. وسيتم استخدام هذا المبلغ على وجه الخصوص لتجهيز محطات السكك الحديدية بألف كاميرا مراقبة. ومن المفروض أن تسمح هذه الميزانية، التي تم تقليصها بتركيب البوابات الأمنية الخاصة بالمسافرين، فضلا عن الماسحات الضوئية التي تعمل بالأشعة السينية لفحص الأمتعة في المحطات الدولية (المحطات الكبرى ببروكسل وكذلك في أنتويرب ولييج).
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اتفق مجلس وزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي، على زيادة التعاون، وتعزيز استخدام وسائل مواجهة تهريب الأسلحة النارية لمكافحة «الإرهاب». وأشاروا في بيان صدر في ختام اجتماعات في لوكسمبورغ، إلى أن الهجمات الإرهابية في كل من باريس وبروكسل وكوبنهاغن في وقت سابق من عام 2015، وكذا الهجوم الأخير على قطار تاليس الذي تم إحباطه في 21 أغسطس 2015، قد أظهرت الحاجة إلى مواصلة تعزيز استخدام وسائل مكافحة تهريب الأسلحة النارية.
من جهته، قال وزير الداخلية والدفاع في لوكسمبورغ إتيان شنايدر في مؤتمر صحافي: «جرى تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء وفي وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) والشرطة الدولية (إنتربول)، وتم الاتفاق على تعزيز التعاون». وأضاف أن «الوكالات تبحث في قابلية التشغيل البيني للأنظمة المختلفة، وعلى وجه الخصوص في قواعد بيانات اليوروبول والإنتربول.. وسنركز أيضا أكثر على التدابير اللازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع في الأسلحة النارية في شبكة الإنترنت».
يذكر أنه في أواخر العام الماضي قال بيان ختامي لقمة أوروبية انعقدت في بروكسل، إن هجمات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عززت العزم لدى دول الاتحاد الأوروبي على مواصلة الحرب، وبلا هوادة، ضد الإرهاب، والاستفادة الكاملة من جميع الأدوات المتوفرة. وشدد القادة على ضرورة تسريع الخطوات على طريق تنفيذ التدابير المنصوص عليها في بيان رؤساء دول وحكومات الاتحاد، ونتائج قمة 20 نوفمبر الماضي. وقال البيان: «سيبقى الوضع قيد الاستعراض بشكل مستمر»، وأوضح البيان أن «الهجمات الإرهابية الأخيرة، أظهرت أن هناك ضرورة لتعزيز تبادل المعلومات، من أجل ضمان البيانات المنتظمة حول دخول المقاتلين القادمين من مناطق الصراعات إلى منطقة (شينغن)، وكذلك لضمان تبادل منتظم للبيانات والسجلات الجنائية للأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، والجرائم الخطيرة الأخرى. وكذلك ضمان التشغيل البيني لقواعد البيانات، ذات الصلة بالتفتيش الأمني، وتحسين تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب، وزيادة المساهمات من جانب الدول الأعضاء في قاعدة بيانات وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول)، وضمان حصول الشرطة الأوروبية، ووكالة مراقبة الحدود (فرونتكس) على هذه البيانات». وأشار البيان إلى أن التوصل إلى اتفاق مع المؤسسات التشريعية بشأن استخدام بيانات الركاب، وبيانات التحقيق، والملاحقة القضائية للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب، يعد خطوة حاسمة في الحرب على الإرهاب. وأوصى قادة أوروبا بسرعة دراسة مقترحات المفوضية الأوروبية، بشأن ملف تجارة وحيازة الأسلحة النارية، وأيضا مطالبة الدول الأعضاء والمفوضية باتخاذ مزيد من التدابير وبسرعة ضد تمويل الإرهاب في جميع المجالات التي وردت في قمة 20 نوفمبر الماضي، وفي ما يتعلق بتجميد الأصول والتدابير التقييدية الأخرى، وينبغي إعطاء الأولوية لتعزيز التدابير الحالية لمواجهة أنشطة «داعش» واتخاذ تدابير جديدة إذا اقتضى الأمر.