ليبيا: رئيس مجلس النواب يلمح إلى رفض الضغوط الأممية لإقرار حكومة السراج

استبق مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس انتهاء الاجتماعات التي يعقدها حاليا في المغرب أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لإعلان التشكيلة لوزارة الثانية للحكومة، التي يترأسها فائز السراج، باجتماع مفاجئ في مدينة شحات شرق ليبيا، مع رئيس مجلس النواب الليبي المستشار صالح عقيلة.
ووصف كوبلر اجتماعه المطول مع عقيلة بأنه مثمر للغاية، مشددا على أنه «من المهم جدا الآن أن تتم المصادقة على التشكيلة الثانية لحكومة الوفاق الوطني، التي ستقدم من قبل المجلس الرئاسي» إلى حكومة السراج. وقال كوبلر في بيان مقتضب إنه يتفق تماما مع رئيس مجلس النواب الليبي على أنه «من الضروري أن تكون هناك حكومة وحدة في ليبيا تعمل من العاصمة طرابلس».
ورغم تفاؤل المبعوث الأممي، أعلن رئيس البرلمان المعترف به دوليا، أن البرلمان هو من يناقش الحكومة ويعتمدها، إذ قال صالح في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الليبية الرسمية، إنه «يجب عدم الضغط على البرلمان لإقرار الحكومة بسرعة قبل البحث فيها ومناقشة الأسماء وشكل الحكومة»، موضحا أنه يمكن أن تمارس الحكومة عملها من العاصمة طرابلس، شريطة أن يقوم الجيش الليبي والشرطة النظامية بحمايتها.
ولم يشر المبعوث الأممي إلى الكيفية التي سيتم بها تأمين انتقال الحكومة الجديدة إلى العاصمة طرابلس لممارسة مهامها، علما بأن ميلشيات «فجر ليبيا» المتشددة تسيطر على المدينة منذ نحو عامين، وترفض الاعتراف باتفاق الصخيرات الذي وقعه ممثلون عن مجلس النواب وبرلمان طرابلس نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي في المغرب.
من جهته، قال مجلس حكومة السراج إنه عقد اجتماعه الثالث المخصص لاستمرار النقاش حول التصورات المقترحة لشكل وعدد الحقائب الوزارية في الحكومة، وصولاً لما وصفه بأفضل صيغة ممكنة تحقق التوافق، وتنسجم مع ملاحظة مجلس النواب بالخصوص.
وعلى صعيد متصل، تصدر ملف ليبيا اجتماع وزراء دفاع وخارجية دول الاتحاد الأوروبي في أمستردام، برئاسة الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ووزير الخارجية الهولندي برت كوندرز، فيما أعرب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عن استعدادهما لبذل جهود أكبر لدعم حكومة السراج.
وقالت إيرسيلا فان دير ليين، وزيرة الدفاع الهولندية، إن ليبيا أصبحت الآن مأوى مسلحي تنظيم داعش، وأرضا خصبة لعملياتهم، مضيفة: «إنهم أصبحوا موجودين أكثر فأكثر في سرت التي تبعد 450 كيلومترا شرق طرابلس».
من جانبها، اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دي ليين أن «ليبيا باتت معقلا لتنظيم داعش، بالتزامن مع تقديرات لوزارة الدفاع الأميركية أن عدد الجهاديين تضاعف نتيجة الفوضى في ليبيا، حيث يقارب 5 آلاف شخص»، بينما يتراجع هذا العدد في سوريا والعراق إلى ما بين 19 و25 ألفا حاليا. فيما قالت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها أشتون كارتر، إنها تراقب الأحداث الحالية في ليبيا عن كثب.
وكشف كارتر لدى زيارته للقاعدة الجوية «نيليس» في ولاية نيفادا الأميركية، أن بلاده أبدت استعدادها للتعاون مع دول أخرى لمساعدة الليبيين على ضمان أمن بلادهم، وقال إن إيطاليا أعلنت اعتزامها اتخاذ زمام المبادرة، وهو ما ترحب به الولايات المتحدة، مشددا على ضرورة العمل على المسار السياسي، مشيرا إلى الجهود السياسية التي تبذلها الأمم المتحدة، ومؤكدا أهمية دعم الليبيين لتوحيد صفوفهم وتشكيل حكومة تتولى إدارة البلاد.
وعزز إعلان مسؤول أميركي حول تزايد عدد مقاتلي «داعش» في ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، المخاوف من توسع نفوذ التنظيم الجهادي في البلد الواقع في شمال أفريقيا، ما يدفع واشنطن إلى البحث في الخيارات المطروحة لمواجهة هذا الخطر المتنامي، خاصة بعد أن صرح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أن ليبيا تؤوي نحو خمسة آلاف جهادي، أي ضعف التقديرات السابقة تقريبا، مشيرا إلى تراجع عدد الجهاديين في العراق وسوريا.
وسيعقد وزراء دفاع دول حلف الناتو اجتماعا في بروكسل الأسبوع المقبل لتقييم الحملة التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد التنظيم، ولبحث سبل تكثيف الجهود للقضاء عليه.
وتتزايد المخاوف حول مصير ليبيا، التي تشهد فوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، بينما يتصارع البرلمان الحالي والسابق على السلطة من نحو عامين.