السعودية: «تطبيق الرسوم» يرشح 2016 لتسجيل أعلى نسبة تصريف للأراضي

في الوقت الذي بدأت ملامح توقيت تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء في السعودية تتضح، توقع عدد من المختصين العقاريين أن يشهد العام الحالي أعلى مستوى تصريف في تاريخ الأراضي، حيث أثر الإفصاح عن قرب تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، وذلك عبر ضخ ملايين الأمتار - بحسب تأكيداتهم - رغم أن الطلب على القطاع العقاري لا يزال يسجل أرقامًا جديدة في انخفاض الحركة ونزول محدود في القيمة.
وتقاطع ذلك مع النزول الطفيف في القيمة الذي ألقى بظلاله على كثير من الفروع العقارية التي تأثرت بهذا الانخفاض في الطلب والقيمة، عبر نزول بسيط في الأسعار لا يرقى إلى حجم المعروض، إذ إنه ومنذ وجود الفكرة قبل إقرارها وهي تحدث نوعًا من التأثير على الحركة العامة للقطاع، حيث إنه ومنذ أكثر من عام وتجاذبات فرض الضريبة لها تأثيرات مدوية على حال السوق، بجميع مراحلها ومنذ انتقالها من كونها فكرة وحتى تأييدها في مجلس الشورى وتحويلها إلى مجلس الوزراء الذي أقرها وأحالها إلى وزارة الإسكان لوضع تفاصيل آلية التطبيق بشكل كامل.
وأكد محمد الغذامي، الخبير الاقتصادي المختص في الشؤون العقارية، أن الانخفاض آتٍ لا محالة، بدليل الارتفاع الكبير في العرض الذي شهده القطاع خلال الأسابيع الماضية فور صدور القرار، حيث أكد أن هناك عروضا سجلت خلال الفترة الأخيرة لم تبلغها السوق منذ سنوات طويلة، مما يعكس تخوفا حقيقيا لدى المستثمرين، وما يجري حاليًا هو إغراق السوق بالمعروضات التي تزيد على عشرات الملايين من الأمتار التي كانت محتكرة منذ عهد طويل، مما يعني أن العرض تضاعف بنسب كبيرة، الأمر الذي سينعكس لا محالة على الأسعار التي يحاول كبار المستثمرين الإيهام بأنها لم تتأثر، إلا أن الفترة المقبلة، خصوصًا فور تطبيق الرسوم على أرض الواقع، كفيلة بأن تظهر السوق على حقيقتها، خصوصًا في ظل توالي القرارات التي تؤثر على الأسعار.
واستطرد الغذامي: «هناك انخفاض محدود وعلى استحياء لم يعكس الحال الحقيقية للسوق، إلا أن القرار وتنفيذه على أرض الواقع سيصدم الجميع، وعلى رأسهم العقاريون، حيث تفقدهم القرارات الأخيرة، التحكم بالقطاع بشكل تدريجي بعد التدرج في تطبيق القرار»، متوقعًا أن يخضع العقار لقانون العرض والطلب بالشكل الحقيقي خلال السنة الأولى من تطبيق القرار، حيث سيتسابق التجار إلى بيع ما يمتلكون حتى لا تحول عليهم الرسوم سنوات متتالية، موضحًا أن القطاع ستسقط قيمته أكثر مما يتوقع، نتيجة تكدس الأراضي.
هذا وجاء في أبرز ما فرضه قرار الرسوم على الأراضي البيضاء، إقرار رسم سنوي على كل أرض فضاء مخصصة للاستخدام السكني أو السكني التجاري داخل حدود النطاق العمراني، مملوكة لشخص أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الصفة الاعتبارية غير الحكومية، وذلك بنسبة (2.5 في المائة) من قيمة الأرض، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للنظام معايير تقدير قيمة الأرض والبرنامج الزمني لتطبيق الرسم بشكل تدريجي والضوابط اللازمة لضمان تطبيق الرسم بعدالة ومنع التهرب من دفعه.
وفي الاتجاه ذاته، راهن علي التميمي، الرئيس التنفيذي لشركة عقارية، على عام 2016 من ناحية تسجيله المعدل الأعلى في تسييل الأراضي وارتفاع المعروض منها إلى مستويات قياسية، إذ أكد أن السوق تزخر - حاليًا - بكثير من الفرص الجيدة لاقتناص بعض العروض من الأراضي التي تسجل معدلاً جيدًا من الانخفاض، لافتًا إلى أن هناك نشاطًا محدودًا لبعض العقاريين الذين يجمعون بعض الفرص المعروضة في الوقت الراهن، إلا أن المعدل العام للسوق يبقى منخفض الطلب لمستويات ملموسة، في الوقت الذي يسجل من وقت لآخر عروضًا جديدة من الأراضي قد تفضي بتأثير جديد على الأسعار نحو النزول.
وحول الأسعار المستقبلية للعقار ونسبة الانخفاض المتوقع، أكد التميمي أنه من الصعب التنبؤ بالنسبة المحددة للنزول، وهو السيناريو الوحيد المتوقع حدوثه، إلا أن احتمال أن تراوح ما بين 20 و35 في المائة، هي النسبة الأقرب للواقع بحسب التحليلات الاقتصادية، متوقعًا أن تشهد السوق مقاومة كبيرة من قبل بعض المستثمرين لإبقاء الأسعار مرتفعة، لكن ذلك لن يبقى طويلاً، في ظل شح السيولة وانخفاض النفط والتشدد في منح القروض العقارية، وهي أمور اجتمعت لتكون عقبات متتالية للراغبين في امتلاك منزل في الوقت الراهن.
ويقضي النظام الجديد لرسوم الأراضي بإيداع مبالغ الرسوم والغرامات المستحصلة من مخالفي النظام في حساب خاص لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، يخصص للصرف على مشروعات الإسكان وإيصال المرافق العامة إليها وتوفير الخدمات العامة فيها.
وأكد عبد العزيز الدخيل، المختص في القطاع العقاري، أن تعاكس ضخ كميات كبيرة من الأراضي مع نقص السيولة لدى المشترين أمر سيلقي بظلاله على القيمة العامة للعقار ككل، وليس على الأراضي، باعتبارها المحرك الأول للقطاع للعقاري، حيث تشير المؤشرات العقارية إلى أن حركة السوق العقارية خلال العام المنصرم تركز أكثر من 90 في المائة منها على حركة الأراضي فقط والنسبة المتبقية للأفرع العقارية الأخرى، مما يعني أن أي هزة في قيمة الأراضي تنعكس مباشرة على باقي الأفرع الأخرى.
وحول مستقبل القطاع بعد تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، فند الدخيل ما يشاع حول احتمالية سقوط كبير في أسعار العقار فور تطبيق القرار، حيث أبان أن القطاع كبير، تحركه مئات المليارات من الدولارات، ومن المستحيل أن نفقد جزءًا من هذا المبلغ بين عشية وضحاها، بل إن هناك انخفاضا تدريجيا في الأسعار على سنوات يعتقد أنها لا تتجاوز الـ15 سنة، إلا أنه حدد بأن السنوات الثلاث الأولى ستكون عصيبة على العقاريين نتيجة محاولتهم إبقاء الأسعار مرتفعة، إلا أن التكلفة المرتفعة لن يتحملها المستهلك الذي يعاني أصلاً من ارتفاع الأسعار، مما سيوجد تنافسًا على طرح الأسعار لتصريف المساحات الكبرى التي يمتلكونها.
يذكر أن وزارة الإسكان تعمل جاهدة على تذليل جميع معوقات التطوير لملاك هذه الأراضي، سعيًا لتحفيزهم للإسهام مع الوزارة في ضخ الوحدات السكنية المناسبة، خصوصًا لأصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، خصوصًا وأن نظام الرسوم على الأراضي البيضاء يستهدف تحقيق ثلاثة أهداف، هي: زيادة المعروض من الأراضي المطورة بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، وتوفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة، إضافة إلى حماية المنافسة العادلة، ومكافحة الممارسات الاحتكارية الحالية.